ليبرمان يستبعد التوصل إلى تهدئة مع «حماس»

اليمين الإسرائيلي يهاجم قيادة الجيش لرفضها الحرب على غزة الآن

TT

ليبرمان يستبعد التوصل إلى تهدئة مع «حماس»

هدد ناطق باسم الحكومة الإسرائيلية بمعاقبة «حماس» بشدة إذا عادت إلى «مسيرات العودة» في يوم الجمعة المقبل. وأعلن وزير الأمن، المسؤول عنها، أفيغدور ليبرمان، أنه «لا خيار أمام إسرائيل سوى شن عدوان شديد ضد قطاع غزة، ولا يوجد احتمال للتوصل إلى تهدئة مع حركة (حماس)». ودعا، بشكل صريح، إلى حرب «تؤدي إلى فترة هدوء لبضع سنوات».
وجاءت هذه التصريحات في خضم خلافات صريحة داخل مؤسسات الحكم الإسرائيلية إزاء إعلان حرب جديدة على القطاع؛ فالقيادة السياسية تهدد بالحرب وتدفع إليها، بل إن بعض نواب ووزراء اليمين المتطرف في الحكومة يهاجمون قادة الجيش، وكذلك ليبرمان، بدعوى أنهم مترددون ولا يوفرون الحماية الكافية للناس. والقيادات العسكرية والأمنية ترى أن الوقت غير ملائم وأن الظروف غير مناسبة للحرب. فأولاً تريد هذه القيادات أن ترى الوضع محسوما وواضحا في الشمال، مع سوريا ولبنان، حتى لا تصبح هناك حرب على 3 جبهات أو 4 (حيث يضيفون هنا الضفة الغربية أيضاً). وثانيا يريدون الانتهاء من إقامة الجدار الضخم على طول الحدود مع قطاع غزة، الذي أنجز منه 40 في المائة حتى الآن، وهم يخشون من أن تتدفق جماهير فلسطينية كبيرة خلال الحرب من قطاع غزة إلى إسرائيل. والتقدير هو أن يستمر البناء حتى نهاية السنة المقبلة.
ولكن وزراء اليمين المتطرف لا يسلمون بهذا الموقف ويواصلون الحض على الحرب. ومع أن وزراءهم الأعضاء في الكابنيت (المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن والسياسات في الحكومة الإسرائيلية)، لم يعترضوا على موقف الجيش الرافض للحرب حاليا، فإنهم يتفوهون بصوت «زاعق» في الإعلام وفي الاجتماعات السياسية، تأييدا للحرب. ويوجهون الانتقادات الشديدة والاتهامات اللاذعة للقادة الرافضين. وقد بزهم جميعاً عضو الكنيست ديفيد بيتان، المقرب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، والذي شغل منصب رئيس كتل الائتلاف حتى فترة قصيرة؛ إذ قال لإذاعة الجيش الإسرائيلي أمس إن «المستوى العسكري لا يعطي دعماً مهنياً لرئيس الحكومة في إطار التوتر ضد (حماس). هل يوجد ردع للجيش الإسرائيلي؟ عن أي ردع يجري الحديث؟ نحن مرتدعون من (حماس) وليس العكس».
وقد حاول ليبرمان التوفيق بين موقف القيادات العسكرية والأمنية، التي يتولى المسؤولية المباشرة عنها، وبين موقف الحكومة اليمينية القريب من موقفه المتحمس للحرب، فقال، خلال خطابه أمام مؤتمر نظمته صحيفة «معاريف» العبرية في تل أبيب أمس الاثنين، إنه «لا يوجد أي احتمال لتسوية مع (حماس). وبالنسبة للجيش الإسرائيلي فهو في أوج قدراته منذ عام 1967. ولا خيار أمامنا سوى إنزال ضربة شديدة على (حماس)، حتى لو أدى ذلك إلى مواجهة شاملة». وأضاف: «بالنسبة لغزة، وليس فقط (غزة)، لدينا كثير من التحديات في وقت واحد. وإذا نظرتم إلى جميع المؤشرات، فإن الإرهاب العالمي كله متوفر وبكل الأنواع في محيطنا. (حماس) و(الجهاد) في غزة، و(حزب الله) في لبنان، و(القاعدة) في سوريا، وإيران تقف وراءهم جميعا. ويجب علينا أن نتعامل مع كل فرقة منها، ومعها كلها أيضا، في الوقت نفسه. وفي هذه الحالة، المطلوب منا أعصاب قوية، وقدرة على التحليل والسير في أكثر طريق آمنة وصحيحة. وبالنسبة لي، في الوقت الحالي، واضح أنه إذا أردت مواجهة التحديات فهذا يعني غزة أولاً، خلافاً لجميع الذين يؤمنون بأنه بالإمكان التوصل إلى تسوية مع (حماس). وقد قلت إنه لا يوجد أي احتمال لتسوية معهم».
وشدد ليبرمان على رفضه رفع الحصار عن غزة، وقال: «رأينا أنه بالنسبة لـ(حماس) توجد هناك خطوة استراتيجية. وهذا ليس بسبب البالونات، أو حدث كهذا أو ذاك. (حماس)، وقد أوضح ذلك (إسماعيل) هنيّة، لن توقف العنف عند السياج... لماذا؟ لأنهم يريدون رفع الحصار. ماذا يعني رفع الحصار؟ يعني دخولا حرا للإيرانيين، وحدودا غير مراقبة، وبحرا غير مراقب لإدخال السلاح والذخيرة إلى القطاع. (حماس) تريد رفع الحصار من دون التنازل عن بند القضاء على إسرائيل، ومن دون التوصل إلى تسوية حول الأسرى والمفقودين، ومن دون نزع سلاح. وهذا لن يحدث».
ودعا ليبرمان إلى «تحقيق غاية واضحة ضد (حماس) وغيرها؛ قصيرة الأمد وبعيدة الأمد... في المدى القصير،
علينا الوصول إلى هدوء مطلق لـ4 أو 5 سنوات. (الجرف الصامد) انتهت في أغسطس (آب) 2014، وهذا منحنا 4 سنوات من الهدوء. وهنا أيضا الطريق لإعادة الهدوء، من دون المس بالردع، ومن دون المس بقدرتنا على الصمود، هي بتوجيه ضربة شديدة لـ(حماس). وأنا مؤمن بأن خطوة كهذه ستمنحنا 4 أو 5 سنوات من الهدوء. وسيكون لهذا ثمن، بسبب الصواريخ التي ستطلقها (حماس) في حالة الحرب والتي صارت أكثر تطورا وفتكا».
من جانبه، قال وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شطاينيتس، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس: «إننا موجودون على عتبة حدث حربي. نمنح احتمالا أخيرا لمنع مواجهة كهذه، وإلا فإن غزة ستتضرر بشدة». وأضاف أن إسرائيل لا تريد احتلال غزة، «ورغم أن البالونات موضوع مثير للغضب، فإن إيران أهمّ».
وكان ناطق باسم الحكومة الإسرائيلية قد أعطى «مهلة إضافية» لحركة حماس لمنع الحرب، وذلك حتى نهاية هذا الأسبوع، طالبا وقف «مسيرات العودة» تماما، ووقف إطلاق الطائرات الورقية والبالونات المتفجرة. وأضاف أنه في ختام 4 ساعات من البحث، قرر «الكابينت»، مساء أول من أمس، «إعطاء مهلة حتى نهاية الأسبوع لجهود التهدئة التي يقودها رئيس الاستخبارات المصري عباس كامل والمبعوث الأممي إلى الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف». وأضاف: «اتفق المجتمعون في (الكابينت) على نقل رسائل لحركة حماس، تحذرها من مغبة أي تصعيد إضافي على الحدود، لأن صبر إسرائيل ينفد. وإذا تواصل التصعيد، فسيكون ردنا قاسياً». وتقرر أن يعقد «الكابينت» جلسة أخرى لهذا الموضوع غداً الأربعاء.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.