انحسار السجال العوني ـ القواتي مع اقتراب المفاوضات الحكومية من نهايتها

فتفت لـ «الشرق الأوسط»: التشكيلة الجديدة تلحظ حلاً للعقدتين الدرزية والمسيحية

TT

انحسار السجال العوني ـ القواتي مع اقتراب المفاوضات الحكومية من نهايتها

انحسرت في الساعات الماضية السجالات السياسية التي طبعت الأسبوع الفائت، خصوصاً التصعيد العوني - القواتي بعيد المواقف الأخيرة التي أطلقها وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، ما يوحي بانتهاء مرحلة رفع السقوف والدخول في الربع ساعة الأخير من عملية التشكيل المستمرة منذ أكثر من 4 أشهر.
ونشطت أمس الاتصالات واللقاءات لتذليل آخر العقبات التي لا تزال تؤخر توجه رئيس الحكومة المكلف إلى قصر بعبدا لتقديم تشكيلة جديدة لرئيس الجمهورية، وأشار عضو كتلة «المستقبل» النائب سامي فتفت إلى «أنها تلحظ حلاً للعقدتين الدرزية والمسيحية»، لافتاً إلى «أنها ستبصر النور قريباً والأرجح خلال يومين». وقال فتفت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه التشكيلة تتناسب مع المعطيات الجديدة وتتماشى مع آخر ما توصلت إليه المفاوضات مع الأفرقاء كافة».
وأوضح فتفت أن العقدة الدرزية حُلت بتسمية رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط وزيرين درزيين، على أن يكون هناك إجماع من قبل كل الأطراف المعنية على اسم الوزير الدرزي الثالث. وأضاف: «أما بما يتعلق بالعقدة المسيحية، فآخر المفاوضات لحظت حصول حزب (القوات) على موقع نيابة رئاسة الحكومة مع وزارة دولة، إضافة إلى 3 وزارات أخرى، من بينها وزارة الثقافة، على أن يكون لنا كـ(تيار مستقبل) بالمقابل 3 حقائب ووزير دولة إضافة لرئاسة الحكومة».
من جهتها، تحدثت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون، عن «اتصالات مفتوحة ومفاوضات ناشطة لتسهيل مهمة الرئيس الحريري المولج بإنجاز التشكيلة»، لافتة إلى أنه «تمت حلحلة بعض العقد ولا تزال هناك عرقلة معينة في أماكن محددة، على أن تتضح الصورة خلال الساعات القليلة المقبلة، علماً بأن الجو العام يمهد للوصول إلى تفاهمات تجعل إنجاز التشكيلة ممكناً في أي لحظة». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الأمر يتوقف حالياً على زيارة الرئيس الحريري إلى القصر الجمهوري، وكلنا بانتظار خطوته التالية».
وكشفت مصادر «قواتية» عن تواصل حصل بين بيت الوسط (مقر الحريري) ومعراب (مقر رئيس «القوات» سمير جعجع) نهاية الأسبوع الفائت، تم خلاله تبادل الأفكار ووجهات النظر، مشددة على وجوب إبقاء ما تم تداوله في الكواليس السياسية حرصاً على عدم إجهاض الجهود المبذولة.
وأشارت المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن قيادة «القوات» حرصت على حصر الرد على باسيل والمواقف التي أدلى بها الخميس الماضي بالنائبة ستريدا جعجع، «لأننا لا نريد الدخول بنقاش لا طائل منه يتجاوز اللحظة السياسية الحالية». وأضافت: «اللبنانيون ملوا من نقاش يعود إلى عقود للوراء ويتطلعون للتعامل بجدية مع التحديات والأزمات الكبيرة التي نرزح تحتها»، معتبرة أن الانزلاق في العام 2018 إلى سجال يعود للعام 1990 لا يخدم المصلحة العليا وأولويات الناس، لذلك ارتأينا حصره برد واحد وحازم جاء على لسان النائبة جعجع.
وبإطار الحراك الحكومي الناشط، التقى الحريري يوم أمس برئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» طلال أرسلان الذي قال بعد اللقاء: «من واجبنا تدعيم موقف الحريري وتسهيل مهمته في تشكيل الحكومة، ولكن ليس على حساب إلغائنا من الوجود». وأضاف: «إفساحاً للمجال للبحث الجدي قلنا إنّنا مستعدّون لتقديم 5 أسماء للحكومة للرؤساء عون والحريري وبري، ويتمّ انتقاء أحد هذه الأسماء». كما اجتمع الرئيس المكلف وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي الذي يتولى المفاوضات من طرف «القوات اللبنانية».
وقال نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» علي دعموش في احتفال تكريمي، إن «هناك نقاشاً جدياً أكثر من أي وقت مضى بين الأطراف الأساسية المعنية بتشكيل الحكومة ومساعيَ حثيثة لإنجاز التشكيل»، آملاً في أن «تفضي إلى نتيجة حاسمة وتشكيل حكومة وطنية جامعة يتمثل فيها الجميع ولا تهمش أحداً». ورأى دعموش أن «أي تأخير جديد في تأليف الحكومة لن يكون في مصلحة البلد، وسيفاقم المشكلات والأزمات القائمة، وستكون له سلبيات وتداعيات قد لا تقتصر أضرارها على الوضع الاجتماعي والاقتصادي والمعيشي، بل تتعداها لإلحاق الضرر بالاستقرار في البلد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».