اندماج «الوطني الحر» مع «النداء» يربك حسابات الشاهد في تونس

منظمات حقوقية تنتقد مشروع تعديل قانون الانتخابات

TT

اندماج «الوطني الحر» مع «النداء» يربك حسابات الشاهد في تونس

أضاف قرار المجلس الوطني لحزب «الاتحاد الوطني الحر» بالاندماج في حزب «النداء» وتشكيل حزب واحد، جرعة جديدة من الضبابية إلى المشهد السياسي التونسي المتأزم منذ أشهر، وفتح أبواب الصراع مجدداً بين كتلة «الائتلاف الوطني» التي تشكّلت قبل فترة قصيرة والداعمة لحكومة يوسف الشاهد، وكتلة «نداء تونس» التي انحصر عدد أعضائها وبات في حدود 39 نائباً بعد أن انطلقت إثر الإعلان عن نتائج انتخابات 2014 بنحو 86 نائباً في البرلمان التونسي.
وكانت قيادات «الاتحاد الوطني الحر»، الحزب الليبرالي الذي يتزعمه رجل الأعمال سليم الرياحي، قد أبدت انزعاجها من تشكيل تنسيقيات سياسية تابعة لكتلة «الائتلاف الوطني» وأكدت أنها بمثابة ظاهرة سياسية «فوضوية». كما انتقدت هذه القيادات انتقال كتلة «الائتلاف الوطني» البرلمانية إلى العمل السياسي دون الرجوع إلى حزب الرياحي الذي دعم وجودها بـ12 نائباً لتصير مؤلفة من 51 نائباً وتحتل المرتبة الثانية في البرلمان بعد حركة «النهضة» التي لديها 68 نائباً. ويُتوقع أن يربك اندماج نواب «الوطني الحر» مع كتلة «النداء» حسابات يوسف الشاهد السياسية، علما بأن حركة «النهضة» كانت تشترط لدعمه على رأس الحكومة أن لا يترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. وليس واضحاً إن كان الشاهد ينوي الترشح فعلاً في انتخابات 2019.
وفي الإطار ذاته، تقول مصادر سياسية إن سليم الرياحي يطمح إلى الوصول لقصر قرطاج في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد أن حصل حزبه على المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية التي جرت سنة 2014. وراء «النداء» و«النهضة»، وحصد 17 مقعداً في البرلمان.
وخلافاً لعدد من الأحزاب السياسية التي لم تعبر عن موقف من التغيّرات اليومية على المشهد البرلماني والسياسي في تونس، استعداداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية العام المقبل، فقد اعتبر المنجي الحرباوي، المتحدث باسم «النداء»، أن اندماج «الوطني الحر» مع «نداء تونس» تمّ على أساس اشتراك الحزبين في المبادئ نفسها، مشيراً إلى أن عملية الاندماج كانت ستتمّ سنة 2014 إثر الإعلان عن نتائج الانتخابات، غير أن الظرف لم يسمح بذلك حينها. واعتبر أن هذا الاندماج يُعد لبنة نحو تشكيل كتلة سياسية قوية داخل المشهد السياسي التونسي. ودعا حزب «النداء» كل القوى والشخصيات الوطنية الوسطية والحداثية إلى حوار وطني أساسه تقييم أداء الحزب خلال السنوات الأربع الماضية والانتقال إلى «التموقع السياسي الصحيح» قبل نحو سنة من المحطة الانتخابية المقبلة، وذلك حماية لتونس من المخاطر التي تهددها وخصوصاً من «النهج السياسي المغامر».
ونفى الحرباوي، في هذا الإطار، خبر تقسيم حزب «النداء» إلى أمانة عامة يرأسها سليم الرياحي ومكتب تنفيذي يتزعمه حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي الحالي الباجي قائد السبسي. وأفاد بأن توزيع المسؤوليات وتحديد المواقع بين قيادات الحزبين لن تتم قبل تنظيم المؤتمر الانتخابي لحزب «النداء» نهاية شهر يناير (كانون الثاني) المقبل ومعرفة القيادات التي ستُنتخب.
وفي تعليقه على هذه التطورات المفاجئة وانقلاب «الاتحاد الوطني الحر» على كتلة «الائتلاف الوطني» الداعمة ليوسف الشاهد وحكومته، قال مصطفى بن أحمد، رئيس كتلة «الائتلاف الوطني»، إن عملية الاندماج السياسي بين «الحر» و«النداء» تمت دون الاتصال بكتلة «الائتلاف». وأكد بن مصطفى «أن سليم الرياحي (زعيم الاتحاد الوطني الحر) حر في اختياراته، في انتظار ما سيعلن عنه نواب الوطني الحر حول انضمامهم» إلى «نداء تونس» أو عدم انضمامهم إلى هذا الحزب، في تلميح إلى أن عدداً من نواب «الحر» ربما يبقون في الكتلة الداعمة للشاهد ولن يلتحقوا برئيسهم في اندماجه مع «النداء».
في السياق ذاته، قال طارق الفتيتي، النائب عن «الاتحاد الوطني الحر»، إن نواب الحزب الذين انضموا إلى «كتلة الائتلاف الوطني» البرلمانية سيعلنون اليوم الثلاثاء عن تقديم الاستقالة رسمياً من هذه الكتلة، وسينضمون فور استقالتهم إلى كتلة «النداء» البرلمانية.
على صعيد آخر، انتقدت مجموعة من المنظمات الحقوقية التونسية والأجنبية مشروع القانون الانتخابي الذي تقدمت به الحكومة إلى البرلمان. وفي هذا الشأن، عقد الائتلاف المدني «صمود» (ائتلاف حقوقي مستقل)، مؤتمراً صحافياً أمس بحضور ممثلين عن الرئاسات الثلاث والكتل البرلمانية ورؤساء الأحزاب والمنظمات والجمعيات خصص للتنبيه من خطورة مقترح السلطة التنفيذية لتعديل القانون الانتخابي الحالي بزيادة عتبة دخول البرلمان من 3 إلى 5 في المائة. وأكد أن الحل يكمن في تحسين منظومة الحكم والحوكمة وليس النظر في قانون انتخابي جديد يُقصي معظم الأحزاب الصغرى من التواجد في البرلمان و«إثراء» المشهد السياسي.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.