مسلّحو الفصائل لم يغادروا المنطقة المنزوعة السلاح في إدلب

رغم انتهاء المهلة المحددة

أطفال سوريون نازحون إلى قرية أطمة في محافظة إدلب (أرشيفية - رويترز)
أطفال سوريون نازحون إلى قرية أطمة في محافظة إدلب (أرشيفية - رويترز)
TT

مسلّحو الفصائل لم يغادروا المنطقة المنزوعة السلاح في إدلب

أطفال سوريون نازحون إلى قرية أطمة في محافظة إدلب (أرشيفية - رويترز)
أطفال سوريون نازحون إلى قرية أطمة في محافظة إدلب (أرشيفية - رويترز)

انتهت اليوم (الاثنين) مهلة خروج الفصائل المسلحة من المنطقة المنزوعة السلاح في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، من دون رصد أي انسحابات منها حتى الآن، علما أن "هيئة تحرير الشام" المعنية بالاتفاق الروسي التركي، لم تحدد موقفاً واضحاً من إخلاء المنطقة.
ويضع انقضاء المهلة الطرفين الضامنين للاتفاق، روسيا وتركيا، أمام اختبار المضي بتنفيذ الاتفاق، وتجنيب المنطقة الخيار العسكري الذي لا تزال دمشق تلوّح به. وقد أعلن وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم اليوم أن التأكد من تطبيق الاتفاق حول إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب ومحيطها يتطلب وقتاً.
وقال المعلم خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري في دمشق: "علينا الآن أن نعطي الأمر وقتاً. نترك لأصدقائنا الروس الحكم ما إذا كان جرى تطبيق الاتفاق أم لا". وأضاف: "يجب أن نتتظر رد الفعل الروسي على ما يجري هناك، لأن روسيا تراقب وتتابع ومطلوب منها تسيير دوريات في المنطقة العازلة... نقول علينا ان ننتظر، وفي الوقت ذاته قواتنا المسلحة جاهزة في محيط إدلب". وأكد أنه "لا يمكن استمرار الوضع في إدلب إذا لم يلتزم المتشددون باتفاق روسيا وتركيا"، حسب قوله.
وتوصّلت موسكو وأنقرة قبل شهر تقريباً الى اتفاق خلال لقاء عقده الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان في سوتشي في روسيا، نصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب ومحيطها، أُنجز سحب السلاح الثقيل منها الأربعاء، بينما يتوجّب على الفصائل إخلاؤها بحلول 15 أكتوبر (تشرين الأول).
وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن أنه "لم يرصد أي انسحاب للمقاتلين المتشددين من المنطقة المنزوعة السلاح" التي تشمل جزءاً من أطراف محافظة إدلب ومناطق في ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي الشرقي.
وأكدت "هيئة تحرير الشام" أمس (الأحد) أنها لن تتخلى عن سلاحها و"لن تحيد عن خيار الجهاد والقتال سبيلاً لتحقيق أهداف ثورتنا"، من دون أن تأتي على ذكر المنطقة المنزوعة السلاح. وأبدت تقديرها لمساعي تركيا من دون أن تسميها. وجاء في البيان "نقدر جهود كل من يسعى في الداخل والخارج الى حماية المنطقة المحررة ويمنع اجتياحها وارتكاب المجازر فيها". لكنها حذرت من "مراوغة المحتل الروسي أو الثقة بنواياه ومحاولاته الحثيثة لإضعاف الثورة"، مضيفة "هذا ما لا نقبل به بحال مهما كانت الظروف والنتائج".
وتسيطر "هيئة تحرير الشام" مع فصائل متشددة أخرى على ثلثي المنطقة المنزوعة السلاح التي يراوح عرضها وفق الاتفاق التركي الروسي بين 15 و20 كيلومتراً وتقع على خطوط التماس بين قوات نظام بشار الأسد والفصائل المعارضة.
ويرى الباحث في "مجموعة الأزمات الدولية" سام هيلر أن "مصطلحات البيان وصياغته الفضفاضة تلمّح الى قبول ضمني للهيئة باتفاق سوتشي ومخرجاته". ويعتبر أن "تاريخ 15 أكتوبر يشكل اختباراً لقدرة تركيا على تنفيذ الاتفاق وفي الوقت ذاته اختبار لنوايا الطرف الروسي وجديته في استمرار الاتفاق". ويضيف "اذا كان الروس جادين في استمراره، فسيبدون مرونة وليونة مع الطرف التركي".
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال الأربعاء إن التأخير لمدة يوم أو يومين في إنشاء المنطقة المنزوعة السلاح لن يُحدث فرقاً، مشددا على أن "نوعية العمل هي الأكثر أهمية"، مؤكداً "دعم جهود شركائنا الأتراك بفاعلية".
ويثير عدم استكمال تطبيق الاتفاق الروسي التركي أو انهياره مخاوف مراقبين ومنظمات إنسانية ازاء مصير نحو ثلاثة ملايين شخص يقيمون في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في إدلب ومحيطها.
وعبرت أربع منظمات إنسانية دولية كبرى الجمعة عن مخاوفها "من أن يخرج العنف عن نطاق السيطرة في الأيام القليلة المقبلة في حال انهيار الاتفاق أو اندلاع القتال في مناطق لا يشملها".



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.