حبس 5 جنرالات من الجيش الجزائري بتهم فساد

حبس 5 جنرالات من الجيش الجزائري بتهم فساد
TT

حبس 5 جنرالات من الجيش الجزائري بتهم فساد

حبس 5 جنرالات من الجيش الجزائري بتهم فساد

ذكرت مصادر إعلامية جزائرية، أن قاضي التحقيق بمحكمة عسكرية، وضع 5 من كبار الضباط العسكريين في الحبس الاحتياطي بعد شهر ونصف من عزلهم، وذلك على خلفية اتهامات بالفساد والرشوة. وأقال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بصفته وزيرا للدفاع وقائدا للقوات المسلحة، نحو 20 ضابطا، غالبيتهم برتبة لواء، خلال الشهرين الماضيين.
وذكرت فضائية «النهار» الخاصة، أن قاضي التحقيق بمحكمة البليدة (50 كلم جنوب العاصمة)، أمر بحبس اللواء مناد نوبة، القائد السابق للدرك الوطني، واللواء حبيب شنتوف القائد السابق للناحية العسكرية الأولى سابقا (وسط)، واللواء سعيد باي قائد الناحية الثانية (شرق) السابق، واللواء عبد الرزاق شريف قائد الناحية العسكرية الرابعة (جنوب) والمدير السابق للمصالح المالية بوزارة الدفاع اللواء بوجمعة بودواور.
وأفادت القناة نفسها بأن الخمسة متهمون بـ«الثراء غير المشروع»، و«استغلال الوظيفة السامية»، من دون توضيح الوقائع التي على أساسها وُجهت لهم التهمتان. وأشارت إلى أن قرارات بالمنع من السفر صدرت بحق الضباط الخمسة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وكان مدير عام الشرطة عزل مدير شرطة الحدود بمطار العاصمة، لعدم تطبيقه هذا القرار ضد شريف عبد الرزاق الذي سافر إلى فرنسا بغرض العلاج، وعاد بعد فترة قصيرة إلى الجزائر.
وأبعدت الرئاسة من مناصب المسؤولية العسكرية، أيضا وفي وقت سابق، اللواء لخضر تيرش مدير أمن الجيش، وعقيد المخابرات كمال بن ميلودي المسؤول الأول عن جهاز الأمن العسكري بالعاصمة. غير أنه لم يصدر بحقهما أي إجراء قضائي.
وتمت تنحية مدير الشرطة، اللواء عبد الغني هامل، في يونيو (حزيران) الماضي، بعد 3 ساعات من إطلاقه تصريحات للإعلام عُدَّت غير مسبوقة، فقد قال وهو يقصد قيادة سلاح الدرك التي أجرت التحقيقات الأولية في قضية تتعلق بمصادرة 701 كيلوغرام من الكوكايين في الفترة نفسها: «لقد وقعت تجاوزات خطيرة في التحقيق الأولي.. وعندما تريد أن تحارب الفساد ينبغي أن تكون نظيفا». وكان هامل يقصد أن التحقيق استهدفه هو عبر نجله وسائقه الشخصي. وفي اليوم نفسه أبعدت الرئاسة قائد سلاح الدرك اللواء مناد نوبة. وجرى حديث في أوساط التحقيق القضائي، بأن نوبة كان على صلة بمعاملات صاحب كمية المخدرات المصادرة، رجل الأعمال كمال شيخي المسجون حاليا.
ونقل عن رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، النافذ في نظام الحكم، بأنه رفع يده عن كل المسؤولين في الجيش ممن ارتبطت أسماؤهم بشيخي، وبأنه عازم على «تطهير المؤسسة العسكرية من الفساد». يشار إلى أن سلسلة الإقالات في المؤسسة العسكرية بدأت في 2015، بإبعاد مدير المخابرات الفريق محمد مدين الشهير بـ«توفيق».
واللافت أن كل التغييرات التي وقعت بمؤسسة الجيش، والأخبار المتعلقة بإجراءات التقاضي الخاصة بالجنرالات المعزولين، اطلع عليها الجزائريون بطريقة «التسريبات». فقد فضلت الرئاسة الفضائية الخاصة للكشف عنها، مما أثار جدلا كبيرا حول «تهميش» وسائل الإعلام الحكومية، من هذه الأحداث الكبيرة، وبخاصة وكالة الأنباء الجزائرية والتلفزيون العمومي، وصحيفة «المجاهد»، وهي قنوات رسمية درجت السلطات في وقت سابق على استعمالها في تواصلها مع الرأي العام.
واللافت أيضا أن أخبار إبعاد الجنرالات من مناصبهم، جرى تأكيدها بعد أيام قليلة من تسريبها، وذلك من طرف رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الذي أشرف بنفسه على تنصيب بدلاء لهم. لكن لا يعرف إن كانت متابعة بعضهم قضائيا، سيعلن عنها رسميا. وكان صالح أكد في عدة مناسبات أن التغييرات تلك، تستجيب لـ«معايير الاستحقاق وتدوير المناصب بين الكفاءات». غير أن هذا التفسير لم يقنع غالبية المراقبين.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».