حي الشجاعية.. على خط النار في كل مواجهة

بني في العهد الأيوبي ويعد أكبر أحياء غزة

حي الشجاعية
حي الشجاعية
TT

حي الشجاعية.. على خط النار في كل مواجهة

حي الشجاعية
حي الشجاعية

طالما برز حي الشجاعية الحدودي في قطاع غزة في كل مواجهة مع إسرائيل، وحتى في الانتفاضة الشعبية الأولى عندما كانت إسرائيل تحتل القطاع بأكمله. وعلى مدار عشرات السنين اجتاحت إسرائيل الحي عدة مرات، وقتلت واعتقلت عددا كبيرا من أبنائه، قبل أن تنفذ مجزرتها الأخيرة التي أدت إلى قتل أكثر من 60 فلسطينيا في ليلة واحدة، وجرح 200، بعدما وقفت على بوابات الحي عاجزة ليومين.
ويعد الحي الحدودي، الذي يقع إلى الشرق من مدينة غزة، من أكبر أحياء المدينة. وينقسم إلى قسمين، الشجاعية الجنوبية (التركمان) والشجاعية الشمالية (اجديدة)، ويعيش فيه 100 ألف فلسطيني.
ووقع هذا التقسيم قديما على أساس عرقي، إذ عاشت في الجزء الجنوبي العشائر التركمانية التي استقرت هناك في عهد السلطان الأيوبي الصالح أيوب في الأعوام 1240 - 1249، بينما عاش الأكراد الذين قدموا من الموصل في الجزء الشمالي منه.
وتشير أحدث الإحصائيات إلى أن حي «اجديدة» يسكنه نحو 40 ألف نسمة وتقدر مساحته بـ2753 دونمًا، بينما يعيش في حي «التركمان» 60 ألف نسمة وبمساحة تقدر 2899 دونمًا، ويوجد ضعف هذه الأراضي غير مسكونة بسبب المناطق العازلة الإسرائيلية.
بني الحي بحسب بلدية غزة خلال عهد الأيوبيين، وينسب في تسميته إلى «شجاع الكردي» الذي قتل في إحدى المعارك بين الأيوبيين والصليبيين سنة 637 هجرية / 1239 ميلادية.
ويضم الحي تلة المنطار التي ترتفع بنحو 85 مترا فوق مستوى سطح البحر، واستخدمت على مدار الزمن كموقع استراتيجي عسكري، وكمفتاح لمدينة غزة.
ويعيش في الحي عدد من القادة الفلسطينيين، بينهم خليل الحية، القيادي الكبير في حماس التي استهدفت إسرائيل منزله وقتلت نجله وعائلته. كما يقيم في الحي آبو ماهر حلس القيادي الكبير في فتح، وعبد الله الشامي المسؤول في حركة الجهاد الإسلامي، إضافة إلى مسؤولين آخرين.
ويبدو البناء في الحي عاديا ولا يحوي منازل فاخرة أو كبيرة، بينما طرقه ضيقة إلى حد ما. ويضم نحو 11 مسجدا، أهمها مسجد «أحمد بن عثمان» أو ما يسميه أهل المدينة بالجامع الكبير، ويحوي قبر الأمير سيف الدين يلخجا الذي تولى نيابة غزة سنة 1445، وهو من مماليك السلطان الظاهر برقوق، إضافة إلى مسجد عثمان بن عفان الذي بني في القرن الرابع عشر.
وتقع إلى الشرق من هذا الحي مقبرة «التونسي»، أو مقبرة «التفليسي»، التي يحب أهل الحي القول إنها تضم قبر شمشون الجبار.
وطالما كان حي الشجاعية مسرحا للمواجهات العنيفة، وقبل الانتفاضة الأولى بعام واحد، شهد الحي مواجهة مسلحة بين مقاتلين فلسطينية وقوات إسرائيلية انتهت بمقتل جنود، وعرفت المواجهة باسم معركة الشجاعية، بينما سجلت إسرائيل أكثر من 13 عملية اقتحام كبيرة للحي أثناء حكم غزة.
وفي عام 2004 نفذت إسرائيل عملية انتقامية في الحي أدت إلى مقتل أكثر من 17 من سكانه. وفي حرب 2008 قصفته إسرائيل بعنف ودمرت مركز الشرطة المحلي فيه وقتلت منتسبي الأجهزة الأمنية.
وتكرر الهجوم على الحي في 2012 وقصفته إسرائيل مرة ثانية بعنف، وفي الهجوم الحالي ارتكبت إسرائيل مجزرة بقتلها أكثر من 60 فلسطينيا في المنازل والشوارع في ليلة واحدة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.