الحكومة التونسية تقرر إغلاق المساجد الخارجة عن سلطة الدولة والإذاعات والتلفزيونات غير المرخص لها

مهدي يطلع البرلمان على الوضع الأمني بالبلاد

الحكومة التونسية تقرر إغلاق المساجد الخارجة عن سلطة الدولة والإذاعات والتلفزيونات غير المرخص لها
TT

الحكومة التونسية تقرر إغلاق المساجد الخارجة عن سلطة الدولة والإذاعات والتلفزيونات غير المرخص لها

الحكومة التونسية تقرر إغلاق المساجد الخارجة عن سلطة الدولة والإذاعات والتلفزيونات غير المرخص لها

استبقت الحكومة التونسية جلسة الحوار البرلماني التي ستجمع رئيسها مهدي جمعة بأعضاء «المجلس التأسيسي» (البرلمان) بشأن الوضع الأمني، بإقرار الإغلاق الفوري للمساجد الخارجة عن إشراف وزارة الشؤون الدينية إلى حين تعيين قائمين عليها من قبل سلطة الإشراف، وكذلك المساجد التي ثبت الاحتفاء بداخلها باغتيال العسكريين في جبل الشعانبي، ومنع الإذاعات والتلفزيونات التي تشجع على الإرهاب من البث.
وتوقعت مصادر برلمانية تونسية أن تسيطر على جلسة الحوار مع رئيس الحكومة التي تلتئم صباح اليوم (الاثنين)، أجواء من التوتر الشديد نتيجة الانتقادات المتعددة التي وجهت للحكومة على خلفية فشل استراتيجيتها في مكافحة الإرهاب، والإخفاق المتكرر في التخلص من شبح هذه الآفة في عدد من المدن التونسية؛ أهمها القصرين (وسط غربي البلاد).
وتتضارب الأرقام فيما يتعلق بالمساجد الخارجة عن السيطرة، وتقدرها بعض الهياكل النقابية الأمنية بنحو 100 مسجد لا تزال تخضع لسلطة عناصر سلفية متشددة.
وذكرت مصادر حكومية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط، أن رئيس الحكومة أعلن تحمل المسؤولية كاملة بما تقتضيه المصلحة العليا للبلاد في إدارة خلية الأزمة التي جرى بعثها بمقر رئاسة الحكومة لمتابعة جميع المعلومات والمعطيات الأمنية.
وقالت المصادر ذاتها إنها ماضية في اتخاذ القرارات اللازمة والإجراءات التنظيمية إلى حين تأمين الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
وفي نطاق تنفيذ قرارات خلية الأزمة المكلفة متابعة الوضع الأمني بالبلاد، القاضية بإيقاف «كل من احتفى بالهجوم الإرهابي الأخير وكل شخص عمد إلى ترويج خطاب تحريضي بوسائل الإعلام»، ألقت فرق مكافحة الإرهاب القبض على 15 عنصرا متهما بالاحتفاء بهجوم القصرين الذي خلف 15 قتيلا ونحو 25 جريحا في صفوف القوات العسكرية.
ووجهت الحكومة تعليمات صريحة لوزارة التعليم العالي وتكنولوجيات الاتصال بالتصدي لصفحات التواصل الاجتماعي المنادية بالتحريض على العنف والإرهاب والتكفير. وقرر رئيس الحكومة كذلك الإغلاق الفوري للإذاعات والتلفزيونات غير المرخص لها التي تحولت إلى فضاءات للتكفير والدعوة إلى الجهاد.
وذكرت مصادر أمنية أنها أغلقت يوم أمس إذاعة «النور» السلفية التي تبث في مناطق الساحل الشرقي التونسي ويوجد مقرها بمدينة المهدية.
وفي مساندة للمؤسستين الأمنية والعسكرية، أقرت الحكومة مبدأ المتابعة القضائية والعسكرية لكل «من يقدح فيهما أو ينال من شرفيهما».
وميدانيا، استهدف الجيش التونسي صباح أمس جبل السلوم بقصف جوي ومدفعي قوي سمعت أصداؤه في مدينة القرين القريبة من جبهة المواجهات. ووفق تصريح الفاضل السايحي، القيادي في نقابة الأمن بالقصرين، فإن تنفيذ القصف الجوي كان إثر رصد تحركات مشبوهة على مرتفعات جبل السلوم القريب من جبل الشعانبي مسرح العملية الإرهابية التي نفذت الأربعاء الماضي.
من جهة أخرى، تجددت الاشتباكات الليلة قبل الماضية بين مجموعات من الشباب المحتجين وقوات الأمن في مدينة الكاف (160 كلم شمال غربي تونس) على خلفية إيقاف 16 عنصرا متهما بالإرهاب.
وحاول المحتجون من الشباب السلفي الجهادي اقتحام منطقة الأمن ثم توجهوا إلى مقر القباضة المالية، في محاولة لاقتحامه ورشقوا المبنى بقنابل «المولوتوف» قبل تفريقهم باستعمال الغاز المسيل للدموع من قبل قوات الأمن التي تكثفت أعدادها بعد الحادثة.
في السياق ذاته، داهمت فرقة مكافحة الإرهاب حي الزهور بمدينة القصرين على أثر معلومات تفيد باختباء مجموعة من الإرهابيين في المنطقة. وشاركت مروحيتان عسكريتان في العملية الأمنية التي أسفرت عن إلقاء القبض على 21 عنصرا متهما بالإرهاب، من بينهم طبيب يعمل بأحد المستشفيات العمومية بمدينة القصرين. وذكرت مصادر أمنية أن الطبيب المتهم بالإرهاب كان موضع متابعة وتصنت على هاتفه الجوال من قبل الفرق الأمنية المختصة بعد عملية جبل الشعانبي الأخيرة. ويوجد من بين المعتقلين شخصان يرتديان بدلتين عسكريتين وشعرهما طويل، لم يكشف بعد عن هويتهما.
من ناحية أخرى، هاجم الباجي قائد السبسي، رئيس حركة نداء تونس، في لقاء أجرته معه قناة «نسمة» الخاصة الليلة قبل الماضية، من لا يؤمنون بالدولة، على حد تعبيره، وقال إن مسؤولية انهيار الدولة تعود إليهم. وأضاف أن المطلوب اليوم هو بناء دولة القرن الـ21 لا دولة القرن السابع، على حد قوله. ودعا السبسي الحكومة إلى التشخيص الصحيح للواقع التونسي، وقال: «عليكم أن تدركوا أن الوضع في البلاد فاسد وأنه صعب على جميع الصعد».
وفي رده على اتهامات بوجود علاقة بين ما يجري حاليا من تدهور أمني وتركة الحكومة التي قادها بعد الثورة، قال قائد السبسي إن الوضع مختلف، وإن حكومته كانت حازمة في تعاملها مع الإرهابيين.
وكشف عن تدمير سبع سيارات إرهابية قادمة من القطر الليبي قبل تنفيذها مخططا إرهابيا ضد تونس، في حركة قال إنها استباقية، وهدفها المحافظة على هيبة الدولة.
ونفى قائد السبسي أن تكون تونس أضعف الحلقات في الاستراتيجية الإقليمية لمواجهة الإرهاب، وقال: «بإمكاننا أن نكون أقوى الحلقات إذا كانت لدينا الإرادة الكافية»، على حد تعبيره.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.