تونس: ممثلو «النداء» في الحكومة يرفضون الامتثال لأوامر رئيس الحزب

TT

تونس: ممثلو «النداء» في الحكومة يرفضون الامتثال لأوامر رئيس الحزب

رفض الوزراء الذين يمثلون حزب النداء في حكومة يوسف الشاهد التونسية، حضور اجتماع دعا له حافظ قائد السبسي، المدير التنفيذي للحزب ونجل رئيس الجمهورية، وهو ما خلف عدة تساؤلات حول العلاقة التي باتت تربط حاليا وزراء الحزب العشرة بالحزب الأم، الذي رشحهم أصلا لتسلم هذه الحقائب الوزارية.
ويوحي هذا الرفض، حسب بعض المحللين السياسيين، بأن نجل الرئيس بات في شبه «عزلة سياسية»، بعد أن انفض عنه نحو 47 نائبا في البرلمان (تراجع العدد من 86 نائبا إثر انتخابات 2014 إلى 39 نائبا فقط في الوقت الحالي)، وأحيى بذلك دعوة بعض القيادات السياسية لحزب النداء إلى استقالة حافظ قائد السبسي، ومغادرته دفة قيادة الحزب، الذي تمكن من الانتصار على حركة النهضة في انتخابات سابقة. لكنه خسر الانتخابات البلدية، التي جرت في مايو (أيار) 2014.
وكان المدير التنفيذي لحزب النداء قد دعا ليلة الخميس الماضي كافة ممثلي الحزب في الحكومة إلى اجتماع، يروم تجاوز الخلافات وإرجاع البريق للحزب، الذي بدأ يتداعى تدريجيا، وفق المتابعين للشأن السياسي التونسي، خصوصا بعد تشكيل كتلة الائتلاف الوطني في البرلمان (تتكون من 51 نائبا برلمانيا)، التي أعلنت دعمها لحكومة يوسف الشاهد، ابن حزب النداء.
وكان ممثلو حزب النداء في حكومة الشاهد قد التزموا في اجتماع عقد في الثالث من سبتمبر (أيلول) الماضي بالاستقالة من الحكومة، إذا اتخذت القيادة الحزبية هذا القرار، وذلك في إطار الصراع الدائر بين شقي حزب النداء (شق يوسف الشاهد وشق حافظ قائد السبسي). وفي السياق ذاته، دعا عدد من قيادات حزب النداء، من بينهم أنس الحطاب المتحدث باسم الحزب، أعضاء الفريق الحكومي إلى الاستقالة من الحكومة، التي تحولت إلى «حكومة حركة النهضة»، على حد تعبيرهم. وحسب بعض المراقبين، فإنه من المرجح أن يقطع هذا الرفض والغياب دون تقديم مبررات، الطريق أمام حافظ قائد السبسي للسيطرة على الحزب من جديد، وتراجع احتمال فكرة «التوريث السياسي» من الرئيس الحالي لابنه، وتقديم نجل الرئيس على أساس أنه منافس جدي في الانتخابات المقبلة.
من جهة ثانية، عبرت قيادات حزب النداء عن غضبها من رضا شرف الدين، رئيس لجنة إعداد المؤتمر الانتخابي لحزب النداء المزمع تنظيمه في بداية السنة المقبلة، بسبب لقائه براشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، دون إخبار قيادات الحزب، ورغم إعلان الرئيس المؤسس لحزب النداء انتهاء التوافق بينه وبين الغنوشي، وهو ما يعني توقف المشاورات بين الطرفين.
وطالب عدد من قيادات ونواب حزب النداء في البرلمان بإبعاد شرف الدين من رئاسة لجنة إعداد المؤتمر الانتخابي الأول للحزب، وانتقدوا برمجة هذا اللقاء دون علمهم، خصوصا في ظل التوتر السياسي بين حركة النهضة وحزب النداء على خلفية الخلاف حول مصير حكومة الشاهد، وتمسك النداء بإسقاط الحكومة والتخلي عن رئيسها.
ورد رضا شرف الدين على هذه الانتقادات، موضحا أن اللقاء الذي جمعه برئيس حركة النهضة «لقاء شخصي من الطرفين»، موضحا أنه جرى في منزل الغنوشي، وليس بمقر حزب النهضة (وسط العاصمة)، ونفى التطرق خلاله إلى قضايا سياسية بصفته رئيسا للجنة الإعداد للمؤتمر الانتخابي لحزب النداء، كما نفى تناول قضية عودة التوافق السياسي بين الحزبين.
وأولت وسائل إعلام محلية اللقاء الذي دار بين الرجلين، أهمية كبيرة، مشيرة إلى أنه «محاولة شخصية لرأب الصدع بين الحزبين» بعد إعلان الرئيس الباجي قائد السبسي انتهاء التوافق بين الطرفين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».