قطارات البضائع ما زالت جذابة للمهاجرين رغم صعوباتها ومخاطرها

يتسلقونها في إيطاليا ويبقون على متنها عبر سويسرا للوصول إلى ألمانيا

TT

قطارات البضائع ما زالت جذابة للمهاجرين رغم صعوباتها ومخاطرها

تتطلب ولاية بادن فورتمبيرغ الألمانية مستوى عالياً من المراقبة مقارنة ببقية الولايات الألمانية، بسبب موقعها على إحدى الطرق الأكثر أهمية دولياً بالنسبة للمهاجرين. وتتمتع بلدة «فايل إم راين» في الولاية بأكبر شبكة من خطوط سكك قطارات البضائع، وهذا يعني أنها مركز توجه متزايد ومقلق، بحسب العاملين في السكك الحديدية والشرطة الاتحادية، حيث يقوم المهاجرون بتسلق قطارات البضائع في إيطاليا ويبقون على متنها عبر سويسرا في محاولة للوصول لألمانيا. وتعد بلدة «فايل إم راين» في ولاية بادن فورتمبيرغ بجنوب غربي ألمانيا أقرب بلدة ألمانية للحدود السويسرية. ويسافر معظم المهاجرين، الذين يصلون على متن قطار بضائع لألمانيا، مسافة 400 كيلومتر من شمال إيطاليا.
وتم تكليف رجل الشرطة كارستين لوبير وزملائه بمراقبة الوضع. وظيفتهم تقتضي القيام بدوريات وفحص قطارات البضائع وتفتيش الحاويات. كما أنهم يراقبون بعض المواقف وخطوط السكك الحديدية.
فوق قضبان السكك الحديدية، يحظى أحد العاملين وهو يقف على متن رافعة بمنظر قطارات البضائع لدى وصولها من جميع أنحاء العالم. ولكنه يستطيع أيضاً رؤية أمر آخر، أمرٍ أكثر إثارة للقلق. ومن حين لآخر، بين عربات القطارات أو على متن عربة مسطحة متصلة بالقطارات يشير كيان ضئيل منكمش إلى أن هناك مسافراً متهرباً.
ويقول لوبير، في تصريحات للوكالة الألمانية في تحقيقها من المنطقة: «إنها ظاهرة مقلقة جداً».
ويصل المزيد من المهاجرين للبلدة. فخلال عام 2017، تم تسجيل بضع حالات منفردة في بادن فورتمبيرغ، بحسب ما قالته كارولين ديترش من إدارة التفتيش بالشرطة الاتحادية في البلدة. ولكن خلال عام 2018، بدأت الأعداد في الارتفاع بصورة كبيرة. وتقول كارولين: «خلال النصف الأول من العام الحالي، سجلنا وصول 254 مهاجرا في بادن فورتمبيرغ فقط على متن قطارات بضائع في ألمانيا». هذا متوسط أكثر من 40 في المائة في الشهر، والمشكلة لا تظهر دلالات على الانحسار. وتم تسجيل أمور مماثلة في ولاية بافاريا بجنوب ألمانيا والنمسا. ولكن في هذه الأماكن، تراجع عدد المهاجرين الذين يصلون على متن قطارات بضائع منذ بداية عام 2018. ويعتقد أن التراجع يرجع إلى تشديد الشرطة الإيطالية للقيود قبل مغادرة القطارات لفيرونا. ولكن إجمالي عدد المهاجرين الذين يحاولون ركوب قطارات البضائع ما زال مرتفعاً، على الرغم من المخاطر التي تنطوي عليها هذه الرحلة، بسبب تشديد المراقبة والقيود التي تم تشديدها عند نقاط العبور الحدودية الرسمية، بحسب ما قالته ديترش. هذا يعني أن عمل السكك الحديدية والشرطة الألمانية توقف. وفي فايل إم راين، عززت المروحيات والقوات الخاصة من مشاركتها في عمليات المراقبة.
وتقول ديترش: «في ظل الخطر المحيط بحياة المهاجرين والمحنة التي يعرضون أنفسهم لها على متن قطارات البضائع، تضع الشرطة الاتحادية السلامة أولوية لها». النقطة المحورية للمنطقة هي سهل نهر الراين شمال بازل، إحدى أكثر طرق قطارات البضائع ازدحاماً في أوروبا.
ويقول موظف بشركة للسكك الحديدية: «في بعض الأحيان، لدى توقف القطار أو في الوقت الذي ما زال يتحرك فيه القطار ببطء، نرى أشخاصاً يقفزون من العربات». كما يمكن رؤيتهم يقفون على محاور العجلات أو يتشبثون بالعربات المسطحة المتصلة بالقطارات.
عندما يرى العاملون شيئاً من هذا النوع، فإن مهمتهم هي إبلاغ الشرطة وقوات حماية الحدود. وتقول إحدى ضابطات الشرطة، وتدعى كاثرينا كيسلر للوكالة الألمانية: «المخاطر متشعبة». على سبيل المثال، خط الكهرباء الذي تصل قوته إلى 15 ألف فولت فوق خط السكة الحديد. لمس هذا الخط يؤدي للموت بالتأكيد. وحذرت كيسلر قائلة: «حتى الاقتراب منه يمكن أن يكون مميتا» إذ إن شحنة الكهرباء التي تمر عبر الخط يمكن أن تمتد دائرتها لمحيط 1.5 متر، مما يمثل خطراً لأي شخص قريب. وهناك المخاطر المعتادة للسفر - السرعة الزائدة أو عمليات التحويل أو وجود أشياء على القضبان أو بالقرب منها، وخطر إمكانية سقوط الشحنات على شخص ما. وكقاعدة عامة، شحنات قطارات البضائع تزن عدة أطنان. وتقول ديترش: «نحن مندهشون أنه لم يحدث أمر سيئ حتى الآن». وأضافت: «هناك حوادث تقع عندما يجلس أشخاص في أماكن ضيقة لساعات، يختبئون في هيكل القطار أو يجلسون فوق العجل مباشرة». وأي حركة غير مقصودة يمكن أن تكون قاتلة.
وأبلغ المسؤولون أيضاً عن رؤية سيدات بين من يركبون القطارات، أحياناً يكن حوامل أو بصحبتهن رضع. ومعظم السيدات آتين من أفريقيا، وتقدمت العديدات منهن بطلبات لجوء بالفعل في إيطاليا. بالنسبة للقائمين على إدارة السكك الحديدية والشرطة، إنقاذ هؤلاء الأشخاص مهمة كبيرة. وتقول كيسلر: «غالباً، يجب وقف حركة السكك الحديدية وإغلاق المحطات ووقف عمل خطوط الكهرباء». دون اتخاذ هذه الإجراءات، سوف يكون الأمر خطيراً للغاية بالنسبة للشرطة والمهاجرين على حد سواء. وتقول ديترش: «نحن نحاول منع أو الحد من هذا الشكل الخطير من أشكال الهجرة بقدر الإمكان». وتوضح أن تعزيز المراقبة يمثل حلاً محتملاً، بالإضافة إلى التواصل الوثيق مع السلطات في إيطاليا وسويسرا. والهدف هو ردع الأشخاص من القيام بهذه الرحلة، وفقا لديترش. وأوضحت: «رسالتنا واضحة: وهي أنه ليس لأي أحد مصلحة للبقاء على متن قطارات البضائع والقضبان».


مقالات ذات صلة

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

المشرق العربي مهاجرون جرى إنقاذهم ينزلون من سفينة لخفر السواحل اليوناني بميناء ميتيليني (رويترز)

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

أعلنت اليونان التي تُعدّ منفذاً أساسياً لكثير من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، أنها علّقت بشكل مؤقت دراسة طلبات اللجوء المقدَّمة من سوريين

«الشرق الأوسط» (أثينا)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

جزر الباهاماس ترفض اقتراح ترمب باستقبال المهاجرين المرحّلين

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن جزر الباهاماس رفضت اقتراحاً من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المقبلة، باستقبال المهاجرين المرحَّلين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مهاجرون أفارقة خلال محاولتهم اقتحام معبر سبتة الحدودي مع إسبانيا (أ.ف.ب)

إسبانيا تشيد بتعاون المغرب في تدبير تدفقات الهجرة

أشادت كاتبة الدولة الإسبانية للهجرة، بيلار كانسيلا رودريغيز بـ«التعاون الوثيق» مع المغرب في مجال تدبير تدفقات الهجرة.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
المشرق العربي مهاجرون يعبرون بحر المانش (القنال الإنجليزي) على متن قارب (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle 00:32

العراق وبريطانيا يوقعان اتفاقاً أمنياً لاستهداف عصابات تهريب البشر

قالت بريطانيا، الخميس، إنها وقعت اتفاقاً أمنياً مع العراق لاستهداف عصابات تهريب البشر، وتعزيز التعاون على الحدود.

«الشرق الأوسط» (لندن)

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
TT

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

وأضافت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في جنيف، اليوم (الأربعاء)، إن فرص تطورها خلال الشهرين ونصف الشهر المقبلة تبلغ 55 في المائة. ويكون لظاهرة «النينا عادة تأثير تبريد على المناخ العالمي».

و«النينا»، وتعني بالإسبانية «الفتاة»، هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات. وهي عكس ظاهرة «النينو» التي تعني «الصبي» بالإسبانية، حيث ترتفع درجة حرارة المحيط الهادئ الاستوائي بشكل كبير.

وهذا يؤثر على الرياح والضغط الجوي وهطول الأمطار، وبالتالي الطقس في كثير من أجزاء العالم. وترفع ظاهرة «النينو» متوسط درجة الحرارة العالمية، في حين أن ظاهرة «النينا» تفعل العكس تماماً.

كانت ظاهرة «النينو» لا تزال قابلة للرصد في بداية هذا العام، لكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تقول إن الظروف المحايدة تسود منذ شهر مايو (أيار) تقريباً، ولا يزال هذا الحال مستمراً. ومن المؤكد بالفعل أن عام 2024 سيكون الأكثر سخونة منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.

وتقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن ظاهرة «النينا» لم تتطور بعد بسبب الرياح الغربية القوية غير المعتادة التي تهب بين شهري سبتمبر (أيلول) وأوائل نوفمبر (تشرين الثاني).