اشتباكات عنيفة في ريف دير الزور بين «قسد» و«داعش»

المواجهات بين «التنظيم» والنظام على حدود السويداء مستمرة

منطقة وسط الدمار في معقل «داعش» السابق في الرقة (رويترز)
منطقة وسط الدمار في معقل «داعش» السابق في الرقة (رويترز)
TT

اشتباكات عنيفة في ريف دير الزور بين «قسد» و«داعش»

منطقة وسط الدمار في معقل «داعش» السابق في الرقة (رويترز)
منطقة وسط الدمار في معقل «داعش» السابق في الرقة (رويترز)

شهدت منطقة في ريف دير الزور خلال الساعات الـ48 الأخيرة، الاشتباكات الأعنف منذ مطلع العام الحالي، بين «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) وعناصر تنظيم داعش بعد هجوم نفذته الأولى تحت وابل من القصف من جانب التحالف الدولي، في وقت تواصلت المواجهات بوتيرة متفاوتة في ريف دمشق عند الحدود الإدارية مع السويداء، بين قوات النظام و«داعش» بالتزامن مع عمليات قصف واستهدافات في تلول الصفا التي تعد آخر ما تبقى للتنظيم في المنطقة.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بوقوع الاشتباكات في شرق نهر الفرات التي سجّل فيها وقوع أكثر من ألف انفجار. وأوضح، أن «القتال العنيف دار بين (قوات سوريا الديمقراطية) المدعومة من التحالف الدولي من جهة، وعناصر (داعش) من جهة أخرى»، مشيراً إلى أن القتال مستمر منذ فجر يوم الثلاثاء حتى أمس، في محاور الباغوز والسوسة وهجين، ومحاور أخرى متفرقة، تمكن على إثرها التنظيم من التقدم، مستغلاً العواصف الرملية الكثيفة والأحوال الجوية السيئة ليتمكن مع خلاياه النائمة في مناطق سيطرة «قسد» من تنفيذ عمليات تقدم كبيرة.
وأشار «المرصد» إلى أن «التنظيم نفذ كميناً لمجموعة من عناصر (سوريا الديمقراطية) وعاملين عسكريين وغير عسكريين في منطقة حقل التنك؛ ما أدى إلى محاصرة المجموعة في عرباتهم المصفحة إلى حين قدوم طائرات التحالف بعد ساعات طويلة بسبب كثافة الغبار، وقيامها باستهداف المجموعة المحاصرة للعربة، وفك الحصار عنها».
ووثق «المرصد» خلال الساعات الـ48 الأخيرة، مقتل 49 على الأقل من عناصر التنظيم وإصابة أكثر من 50 بجراح متفاوتة، في حين قضى 28 على الأقل، وأصيب ما يزيد على 60 مقاتلاً من عناصر «قوات سوريا الديمقراطية»، ليرتفع بذلك إلى 316 عدد قتلى التنظيم مرجحاً ارتفاع العدد لوجود جرحى بحالات خطرة.
في موازاة ذلك، تواصلت الاشتباكات بوتيرة متفاوتة في بادية ريف دمشق الواقعة عند الحدود الإدارية مع السويداء، بين قوات النظام و«داعش»، ترافقت مع عمليات قصف واستهدافات تحديداً في تلول الصفا، التي تعد آخر ما تبقى للتنظيم في المنطقة، حيث تحاول قوات النظام ومعها حلفاؤها تحقيق المزيد من التقدم وتضييق الخناق على التنظيم لإجباره على الاستسلام وإنهاء تواجده في المنطقة بشكل كامل.
في المقابل، يعمد التنظيم الذي يبدي مقاومة شرسة بالدفاع عن آخر معاقله بتنفيذ هجمات معاكسة ومباغتة قوات النظام بين الحين والآخر، وتساعده الطبيعة الجغرافية للمنطقة على نصب الكمائن وتنفيذ هجمات مباغتة تؤدي إلى وقوع المزيد من الخسائر البشرية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.