مسرحية «ثورة دون كيشوت»... كوميديا سوداء استضافتها مدينة الثقافة وسط العاصمة التونسية

أعادت مسرحية «ثورة دون كيشوت» التي عُرضت على هامش مظاهرة ثقافية حملت عنوان «دون كيشوت في المدينة: ضرورة الحلم»، إلى الأذهان حرب طواحين الهواء التي قادها دون كيشوت قبل نحو 400 سنة في ظل غياب الحيلة أمام الواقع الاجتماعي المعقد، وطرحت التساؤل الكبير الذي ظل مختفيا وراء تلك الأحداث والمتمثل في مدى جدوى الحل الذي اعتمده دون كيشوت لتجاوز ظلم واقعه الاجتماعي.
المسرحية التي أعدها المخرج التونسي الشاب وليد الدغسني، وأدى أدوار البطولة فيها يحيى الفايدي وأماني بلعج ومنى التلمودي وناجي القنواتي ومنير العماري، اعتمدت على «الكوميديا السوداء» التي تفسح المجال أمام السخرية المريرة والنقد الاجتماعي الذكي، وهي تروي أهم القضايا والأحداث التي تلت ثورة 2011 دون أن تنغمس في النقد المباشر، بدءاً بالقضايا الاجتماعية المتمثلة في التشغيل ومحاربة الفقر مروراً بالقضايا السياسية على غرار الوعود السياسية الزائفة للأحزاب المتسم خطابها بالسفسطة، حتى إنها تبدو حُبلى بالوعود والأماني في ظاهرها، لكنها خاوية جوفاء لا معنى لها في باطنها.
وتشترك المسرحية التونسية «ثورة دون كيشوت» مع رواية «دون كيشوت» الأصلية التي ألّفها الإسباني ميغال دي سرفانتس في مضامين عديدة، إذ تتلاقى أحداث هذه المسرحية حول المشكلة الرئيسية التي واجهت الفارس الإسباني، وهي مشكلة إنسانية قد تظهر في أي بقعة من الأرض.
ويبدو أن الجنون الذي يُظهره ذلك الفارس المتشائم إنما يعبر عن موقف الإنسان المثالي عندما يواجه واقعاً لا يرتضيه ولا يقبله ولا يملك حياله سوى إطلاق العنان لجنونه كتعويض عن التغيير الذي يجب أن يُحدثه وفق تعبير المخرج.
تجدر الإشارة إلى أن مسرحية «ثورة دون كيشوت» فازت بجائزة أفضل إخراج، في مسابقة العروض المسرحية المشاركة ضمن مهرجان «عشيات طقوس المسرحية» الدولي في دورته التاسعة، في العاصمة الأردنية عمان.