رياض المالكي لـ«الشرق الأوسط»: على أميركا أن تعي أننا لسنا «جمهورية موز»

وزير الخارجية الفلسطيني يعتبر أن واشنطن باشرت تنفيذ مضمون «صفقة القرن» بلا إعلان رسمي

رياض المالكي لـ«الشرق الأوسط»: على أميركا أن تعي أننا لسنا «جمهورية موز»
TT

رياض المالكي لـ«الشرق الأوسط»: على أميركا أن تعي أننا لسنا «جمهورية موز»

رياض المالكي لـ«الشرق الأوسط»: على أميركا أن تعي أننا لسنا «جمهورية موز»

اعتبر وزير الخارجية الفلسطيني، أن الإدارة الأميركية تنفذ مضمون خطتها للسلام، التي سمتها «صفقة القرن»، مثل الاعتراف بالقدس ونقل السفارة إليها، وإغلاق مكتب منظمة التحرير، وقطع المساعدات عن الأونروا، من غير الإعلان عنها بشكل رسمي، معيدا الأسباب إلى فشلها في الحصول على دعم عربي ودولي للسير بها.
وقال رياض المالكي، إن السلطة الفلسطينية مستعدة لإعادة التواصل مع الإدارة الأميركية «إذا تراجعت» عن الخطوات التي اتخذتها بحق الفلسطينيين، مؤكدا أنه «لم يكن أمام الفلسطينيين سلوك طريق أخرى» غير التي سلكوها لمواجهة التدابير الأميركية.
ونفى المالكي وجود مبادرات لإعادة إطلاق مفاوضات السلام، لكن بالمقابل، ثمة جهود واتصالات تبذل للمحافظة على حل الدولتين والوقوف بوجه واشنطن. وفي سياق مواز، نبه المالكي إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يمكن أن يسعى للخروج من أزماته الداخلية، من خلال حرب يشنها في غزة أو لبنان. وقال المالكي، في حديث خص به «الشرق الأوسط» التي التقته في برشلونة، على هامش أعمال المنتدى المتوسطي الثالث، إن إسرائيل اعتادت شن حرب في غزة كل ثلاث سنوات، وهذا واضح من خلال العودة إلى الحروب الثلاث الأخيرة. وبصدد المصالحة بين السلطة وغزة، اعتبر الوساطة المصرية قائمة، وستنجح في النهاية في إقناع حماس بالعودة إلى الشرعية الوطنية.
وفيما يلي نص الحوار:

> هل هناك ضربة إسرائيلية في غزة بعد تكاثر الحديث عن عزم الحكومة الإسرائيلية ونتنياهو على القيام بمثل هذه العملية؟
- التصريحات الإسرائيلية تصعيدية. هذا أمر واضح تماما بالنسبة إلينا. وهي توحي بوجود تحضير لمثل هذه الضربة التي نأمل في عدم حصولها، لأن المستهدف، في نهاية المطاف، سيكون الشعب الفلسطيني والبنية التحتية الفلسطينية، وليس قيادات حماس أو غيرها. للأسف الشديد، الإسرائيليون، عندما يجدون أنفسهم في مأزق، يبحثون عن مسارب خارجية: إما حرب في لبنان أو حرب في غزة. وواضح تماما، أن لديهم اليوم مآزق كبرى، أهمها ما هو مرتبط بتحقيقات بقضايا الفساد الأربع التي تطال رئيس الوزراء، والفضائح الأخرى الموازية بحق زوجته. وبالتالي، هناك محاولة من نتنياهو للتهرب من هذه الفضائح، عبر التصعيد والحرب أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة.
وأريد أن أضيف، أن شعب غزة لم يتمكن، حتى الآن، من لملمة جروحه بعد الحرب الأخيرة في 2014. ونحن، من جانبنا، ما زلنا نعمل على إعادة ترميم وبناء ما تم هدمه من منازل وبنى تحتية، وقد وصلنا إلى المراحل الأخيرة. ولا يعقل أن تتربص إسرائيل بنا حتى ننهي إعادة البناء والترميم من أجل العودة إلى هدمها من جديد. الإسرائيليون يشنون حربا على غزة كل 3 أو 4 سنوات. الحروب الثلاث الأخيرة كان الفارق بينها 3 سنوات. لا نريد حربا كهذه، ونريد حماية شعبنا في غزة. لكن التصريحات اليومية للعسكريين والسياسيين الإسرائيليين، تؤشر لرغبة في التصعيد في غزة، وكما ذكرت سابقا، يبدو أنها مرتبطة ببحث الحكومة الإسرائيلية عن مخارج للأزمة الداخلية.
> هل فشلت الوساطة المصرية بين السلطة وحماس؟
- الوساطة المصرية لم تفشل، ولا يمكن اعتبار أنها فشلت إلا عندما تعلن مصر أنها رفعت يدها وأوقفت جهودها من أجل تقريب وجهات النظر بيننا وبين حماس، وإقناع الأخيرة بالعدول عن انقلاب 2007 ضد الشرعية، والقبول أخيرا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه وتوقيعه في 12 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، أي قبل عام تماما.
وفي حال تم ذلك، ستنتهي الأمور وستكون الحكومة المصرية قد حققت النجاح في إنهاء حالة الخلاف وإعادة حكومة الوفاق الوطني إلى غزة، من أجل العودة لتحمل مسؤولياتها هناك، كما هو حالها في الضفة الغربية. حتى الآن، ما زال الجهد المصري متواصلا بشكل مكثف. ومؤخرا، ذهبت وفود من حركة حماس ومن الجهاد وفتح وفصائل أخرى، وستكون هناك لقاءات بين هذه الفصائل. أعرف أن هناك تسريبات من هنا وهناك، تتحدث سلفا عن الفشل. ونحن لا نريد أن نكون رهينة لتقارير يمكن أن تكون مضللة. وما دامت الحكومة المصرية ملتزمة بمثل هذا الملف، فنحن على ثقة وقناعة في أن الجهود المصرية ستكلل، في النهاية، بالنجاح، لجهة إقناع حركة حماس بالعودة إلى الشرعية الوطنية.
> المشكلة مع موضوع المصالحة أنه تم التوصل إلى كثير من التفاهمات والاتفاقات بين السلطة وحماس، ولكن لم ينفذ منها شيء. هل هذه الدوامة ما زالت على حالها؟
- صحيح. هذه أيضا مشكلة كبيرة لها علاقة بمصداقية حركة حماس، والمراوغة مع الحكمة المصرية، التي تبذل جهودا كبيرة من أجل الوصول إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة.
أعتقد أن الجانب المصري استخلص العبر والدروس من التجارب الأخيرة والماضية، وتوقعاتنا أن المساهمة المصرية الراهنة في موضوع إنهاء الانقسام، تأخذ منحى مختلفا، خاصة أن حركة حماس تجد نفسها اليوم في وضع أصعب بكثير مما كانت عليه في السنوات السابقة، حيث كان يسمح لها بالتمرد على أي اتفاق أمكن التوصل إليه.
> عندما زار الرئيس محمود عباس باريس الشهر الماضي، أكد أنه لم يعد يقبل بأن تكون الولايات المتحدة الأميركية الراعي الوحيد للمفاوضات مع إسرائيل، وطالب برعاية أوروبية وغير أوروبية إلى جانب واشنطن. سؤالي هو: هل ثمة شيء ما في الأفق ليوازي انحياز واشنطن التام إلى الطروحات الإسرائيلية؟ هل من مؤشرات مثلا على صعيد الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي أم غيرهما؟
- للأسف الشديد، ليس هناك ما يخلق مثل هذا التوازن لمواجهة الانحياز الأميركي الأعمى للجانب الإسرائيلي، أو حتى لمؤشرات لمثل ما ذكرته. الرئيس لم يتوقف عن بذل جميع الجهود لإيجاد ذلك. ولكن، كما تعلم، في خطابه في 20 فبراير (شباط) الماضي أمام مجلس الأمن، تحدث عن رؤية السلام الفلسطينية، وخاصة أن هناك غيابا واضحا لرؤية للسلام من أي طرف كان، منذ أن تخلى جون كيري، وزير الخارجية الأميركي السابق، عن المفاوضات في 2014. ومنذ ذلك الحين، نعاني من غياب كامل، إذ لم تتقدم أي دولة أيا كانت بأي أفكار من شأنها إحياء عملية السلام، حتى جاء طرحنا في 20 فبراير، الذي أكد أننا جادون ولدينا رؤية سياسية لطبيعة الحل، ونحن ملتزمون بها، وندعو الجميع إلى التقاط هذا الطرح. والآن نحن حاولنا، من خلال الزيارة التي قام بها الرئيس إلى فرنسا، النظر فيما إذا كان هناك تقاطع أم لا بين رؤية الرئيس لمؤتمر دولي للسلام، مع ما قامت به فرنسا في يناير (كانون الثاني) 2017، بالدعوة إلى اجتماع دولي حول النزاع مع إسرائيل، والعزم على الدعوة إلى اجتماع آخر لاحق.
والزيارة إلى باريس كانت من أجل قراءة الموقف الفرنسي والنظر في إمكانية العمل معا. تحدثنا لاحقا مع الجانب الآيرلندي في الأفكار نفسها، وتحديدا من أجل اجتماعات غير رسمية للبحث عن مخارج (لتوقف المفاوضات). ثم نحن كدولة فلسطين، قمنا بخطوة نعتبرها في غاية الأهمية، وهي أننا عندما كنا في الأمم المتحدة، دعونا لاجتماع لكثير من وزراء الخارجية، والمبعوثين الأممين لعملية السلام، والدول الأعضاء في مجلس الأمن، بمن فيهم ممثلو الدول التي ستدخل إلى المجلس بدل الخمس الخارجين منه، ورؤساء المجموعات الإقليمية وممثل للأمم المتحدة ولكن من غير الولايات المتحدة. باختصار، كان هناك 40 وفدا لأربعين دولة، بينهم 9 وزراء خارجية. والنقاش دار حول فرص البناء على الأفكار التي قدمها الرئيس أبو مازن، حول عملية السلام، والمحافظة على حل الدولتين، والدفاع عما تم تحقيقه لمواجهة المواقف الأميركية المتحيزة لإسرائيل، والدفاع عما تم إنجازه، وعدم السقوط في المستنقع الذي يدفعنا إليه الموقف الأميركي.
> لكن ما النتيجة التي خرجتم بها؟
- النتيجة أننا لمسنا تجاوبا كبيرا واستعدادا للسير في هذه الطريق. ويعني هذا أنه ستكون هناك خطوة قادمة، نقدم عليها كفلسطينيين من أجل توسيع القاعدة، لأن هناك عددا من الدول أبدت رغبتها في المساهمة معنا. وهذا يعطينا أيضا، الشعور بوجود قاعدة جيدة متجاوبة مع مقترحاتنا، وتريد أن تكون جزءا من الجهد الجماعي الذي نريده، من أجل الحفاظ على عملية السلام وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وبالتالي ثمة خطوات بالغة الأهمية سوف نسير بها ويتقاطع ذلك مع ما قامت به فرنسا ومع ما تفكر به آيرلندا وكثير من الدول الأخرى وبالتالي نريد خلق أكبر قاعدة ممكنة للتشارك معنا من أجل التحضير لاجتماع أوسع على المستوى الوزاري قد يكون في أقرب الآجال للتباحث في كيفية الخروج بتصور ورؤية حول كيفية إنقاذ عملية السلام.
> الجميع يعي ما قام به الطرف الأميركي من خطوات مناهضة لكم ومسيئة لمصالحكم، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها، وقطع كثير من المساعدات وأهمها الأونروا. السؤال هو: ألم يضر بكم وقف التواصل مع الإدارة الأميركية؟ هل الانقطاع عن الولايات المتحدة نهائي، أم هناك إمكانية لعودة التواصل معها، لأن واشنطن تبقى الطرف الوحيد القادر ربما على انتزاع شيء من إسرائيل، وآخر ما صدر عن الرئيس ترمب أنه عاد إلى حل الدولتين؟
- الانقطاع ورفض التواصل والحوار مع الولايات المتحدة يضر بالجميع. هو يضر بنا وبالولايات المتحدة وبعميلة السلام وبفرص التوصل إليه والهروب من دائرة الخطر.
> لكن أنتم أكبر الخاسرين... أليس كذلك؟
- لا. الجميع خاسرون. ولكن في نهاية المطاف، لم يكن بإمكاننا إلا أن نأخذ مثل هذا الموقف، إذ لا نستطيع أن نهادن فيما يتعلق بالثوابت الفلسطينية المرتبطة بالقدس واللاجئين والاستيطان، وكلها من قضايا الحل النهائي التي تجرأت الإدارة الأميركية أن تخرجها من دائرة التفاوض وبالتالي، جاء موقفنا واضحا للغاية. الرئيس قال بكل وضوح، أمام الجمعية العام للأمم المتحدة، إنه على استعداد لإعادة النظر ولقاء الإدارة الأميركية، في حال تراجع الرئيس ترمب عن الخطوات التي أقدم عليها.
ونحن، في هذا المطاف، ندرك تماما صعوبة المرحلة التي نعيشها والضغوط الكبرى التي تمارسها واشنطن على كثير من الدول لتسير على الدرب الذي سارت عليه هي. لكن هناك صمود ومقاومة من هذه الدول، التي ترفض الرضوخ لواشنطن. والدليل أنها فشلت في إقناع كثير منها بنقل سفارتها إلى القدس، لا بل إن الباراغواي تراجعت عن نقل السفارة إلى القدس.
أريد أن أشير إلى أننا لنا فقط صفة مراقب، ورغم أن أراضي دولتنا ما زالت تحت تصرفنا وكانت لنا الشجاعة لمواجهة الولايات المتحدة، رغم أننا دولة غير عضو في الأمم المتحدة، وأن مقوماتنا محدودة جدا. رغم ذلك، قدمنا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مشروع قرار ضد نقل السفارة في الأمم المتحدة. وقد نجحنا به، حيث حصلنا على 129 صوتا، وعلى إدانة للمواقف الأميركية. بعد ذلك، تجرأنا بالذهاب إلى محكمة العدل الدولية، لنرفع شكوى على هذه الإدارة في الموضوع نفسه. وبالنسبة لنا، هذه خطوات مهمة للغاية ويتعين على الإدارة الأميركية أن تعي أن «لحمنا قاس»، وعليها ألا تتوقع من جانبنا سوى المقاومة ضمن الأطر القانونية والدبلوماسية المتاحة لنا، ونحن نستغلها بأفضل الطرق، وسوف نستمر في هذه الخطوات. وما تم في المحكمة الدولية ستليه خطوات لاحقة. وإذا كانت واشنطن مصرة على الانسحاب من المنظمة في كل مرة نذهب فيها لمقاضاتها أمامها، فسوف تجد نفسها، في لحظة من اللحظات، في عزلة كاملة، وأنها خرجت من الإطار المتعدد وأصبحت تعيش وحدها. رأينا أن لواشنطن الفرصة لإعادة النظر في مثل هذه السياسة والتراجع عنها.
> هل من الواقعي توقع تراجع ترمب عن هذه السياسة؟
- لا أعرف. هذا الرئيس، المبنية تجربته على حسابات الربح والخسارة والصفقات، سيجد نفسه أن عليه أن يعيد النظر في موقفه من باب الربح والخسارة، لأنه سيجد أن ما يخسره أكثر مما يجنيه، وبالتالي، قد يأخذ قرارا مفاجئا للجميع، كما أخذ قرارات مفاجئة في الأشهر الأخيرة.
> أعلن ترمب أكثر من موعد للإفصاح عن مضمون «صفقة القرن»، أي المبادرة التي تعد لها واشنطن لإنهاء الصراع بينكم وبين الإسرائيليين. وحتى الآن، لم تخرج هذه المبادرة متكاملة إلى العلن. هل هذا يعني أن هذه الخطة لن تخرج أبدا؟
- قد يعني شيئين: الأول، أنها غير جاهزة بعد، وأن هناك تخبطا كبيرا داخل المجموعة التي تقوم بـ«طبخها»، وأنها لم تعد قادرة على بلورتها. والثاني، أنها كانت تعتقد إمكان تسويق الخطة من خلال بعض الدول العربية، لتفاجأ بأنه لا توجد دولة عربية على استعداد لأن تعلن على الملأ دعمها لها. وبالتالي فقد خابت آمال هذه المجموعة التي وجدت نفسها معزولة، ووعت أن الخسارة المترتبة على طرحها علنا، أكبر مما ستربحه.
ورأيي أن المجموعة تعمل على تنفيذ هذه الخطة بشكل تدريجي، ولكن من دون الإعلان عنها رسميا. وما تم بخصوص القدس، ونقل السفارة، واللاجئين، والأونروا، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، ليس سوى تلك العناصر التي تتضمنها الخطة، ويعملون على تنفيذها بشكل تدريجي، من دون أي إعلان، لتجنب ردود الفعل القوية من جانب الشارع العربي.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.