معارك عنيفة وسط عاصفة رملية لصدّ «داعش» شرق سوريا

TT

معارك عنيفة وسط عاصفة رملية لصدّ «داعش» شرق سوريا

تحدى مقاتلون مدعومون من الولايات المتحدة عاصفة رملية لمحاربة تنظيم داعش في شرق سوريا يوم أمس الخميس في اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل الكثير من الجانبين.
وقالت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة، إنها كانت تحارب لاستعادة قرية سوسة بمحافظة دير الزور، حيث استغل المتطرفون ضعف الرؤية لإطلاق هجوم مضاد، بحسب تصريح لوكالة أسوشييتد برس أمس.
وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن استمرار القتال بوتيرة عنيفة عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، تزامناً مع عمليات القصف البري وتصاعد أعداد الخسائر البشرية، على محاور في الجيب الأخير للتنظيم في شرق نهر الفرات، في استمرار للعمليات القتالية التي اندلعت منذ نحو 24 ساعة في المنطقة، نتيجة استغلال التنظيم للأحوال الجوية السيئة، وتنفيذه هجوماً من عدة محاور ضد قوات سوريا الديمقراطية المتمركزة في أطراف الجيب، تمكن على إثرها من تحقيق تقدم في المنطقة والسيطرة على نقاط كان خسرها في وقت سابق خلال عمليات قسد العسكرية المدعمة بالتحالف الدولي. وترافقت المعارك مع عمليات قصف مكثف للتحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية على مناطق سيطرة التنظيم ومواقعه، وأكدت المصادر المتقاطعة للمرصد، أن قوات سوريا الديمقراطية تمكنت من تحقيق تقدم في المنطقة واستعادة معظم النقاط التي خسرتها أمس، كما أكدت أن تعداد قتلى التنظيم خلال الـ24 ساعة الأخيرة بلغ 18 قتيلاً على الأقل، جثث بعضهم سحبت فيما لا تزال غالبية الجثث متواجدة في ساحة القتال ضمن منطقة تقاطع النيران بين الطرفين، ومن ضمنهم مقاتلون فجروا أنفسهم بأحزمة ناسفة، ليرتفع إلى 285 على الأقل من مقاتلي وقادة تنظيم داعش، الذين قتلوا في الاشتباكات الجارية، وبضربات التحالف الدولي وقسد، كما ارتفع عدد قتلى سوريا الديمقراطية إلى 149 على الأقل، أحدهم قيادي ميداني بمجلس دير الزور العسكري، مع مصير 35 آخرين غير معروف، وذلك منذ بدء العمليات العسكرية في الـ10 من شهر سبتمبر (أيلول) الفائت.
وأفادت وكالة أنباء «أعماق» المرتبطة بالتنظيم المتطرف، عن مقتل 18 مقاتلا من قوات سوريا الديمقراطية، ونشرت صوراً على الإنترنت لما وصفته ببعض الجثث.
وقادت قوات سوريا الديمقراطية، في السنوات الأخيرة، بدعم جوي أميركي، المعارك ضد «داعش» في معظم مناطق شمال شرقي سوريا. كما عانى المتطرفون من سلسلة من الهزائم على أيدي قوات النظام السوري والقوات العراقية، وخسروا فعلياً جميع الأراضي التي كانت تشكل في يوم ما خلافتهم الذاتية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.