مصر لتطهير آثار الإرهاب في سيناء بمشروعات تنموية

تتضمن مجالات زراعية وصناعية

TT

مصر لتطهير آثار الإرهاب في سيناء بمشروعات تنموية

تزامناً مع سير معارك القضاء على الإرهاب في شمال شبه جزيرة سيناء المصرية، تشهد مناطق متفرقة بوسط سيناء أعمال إنشاءات بنية تحتية لمشروعات أطلق عليها اسم «تجمعات تنموية زراعية»، تستهدف ملء فراغ مساحات صحراوية بتجمعات سكانية متكاملة تجمع بين توطين سكان من كل محافظات مصر في سيناء، وتأمين مصدر معيشتهم من إنتاج زراعي وصناعي.
وتضم المناطق التي تعمل الحكومة المصرية على إقامتها 11 تجمعاً تنموياً يتم تمويلها من صناديق عربية، وفى هذه التجمعات يعدّ لدمج مزارعين من محافظات مصر في الدلتا والصعيد، مع أبناء القبائل البدوية سكان المنطقة لكسر عزلة المكان وملء فراغه.
وتشن قوات الجيش والشرطة عملية كبيرة في شمال سيناء ووسطها، منذ 9 فبراير (شباط) الماضي، لتطهير المنطقة من متشددين موالين لتنظيم «داعش» الإرهابي. وتُعرف العملية باسم «عملية المجابهة الشاملة (سيناء 2018)». وتسبب التنظيم المتطرف في مقتل مئات الجنود والشرطيين والمدنيين، خصوصاً في شمال سيناء.
وبحسب مصدر قبلي في شمال سيناء تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن «كثيراً من المسالك والطرق والسلاسل الجبلية في وسط سيناء تعد ظهيراً صحراوياً خالياً استخدمته عناصر تكفيرية في الهروب والاختباء، وتم الكشف عن بؤر إرهابية في المنطقة، وتطهيرها».
وقال الشيخ جازي سعد، عضو مجلس النواب المصري عن دائرة وسط سيناء، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه المشروعات متعددة، ويجرى العمل فيها بمناطق ذات طبيعة مناسبة للزراعة، وتم مدها بمرافق طرق وخطوط كهرباء، وتأمين مصادر المياه بحفر آبار على أعماق كبيرة، تعقبها أعمال إنشاءات كل تجمع، وتتضمن مزارع إنتاج محاصيل تنجح زراعتها في تلك الأراضي؛ ومنها الرمان والنخيل والزيتون، وزراعة الخضراوات، فضلاً عن إنشاء أحواض لإنتاج الأسماك».
وأضاف أن «بعض الأهالي تسلموا مساحات زراعية في تلك المناطق، وجنى مزارعون فيها إنتاجهم لهذا العام في إطار التجريب». ويعتقد سعد أن أهالي شمال سيناء ينظرون بـ«اهتمام شديد لتلك المشروعات، خصوصاً أن جميعهم من أبناء قبائل بدوية يعتمدون في معيشتهم على أعمال زراعية بسيطة، والرعي، والبعض منهم موظفون في مصالح حكومية».
وأشار عضو مجلس النواب المصري إلى أن «هذه المشروعات مؤشراتها تسجل نجاحاً، وهى ضخمة من حيث الإنشاءات والأعمال التي لم يسبق أن أقيمت في تلك المنطقة».
وشرح سعد بأنه «خلال السنوات الماضية كان الاهتمام بالتنمية في وسط سيناء بمشروعات صناعية ومدّ شبكات طرق وإنشاءات في قرى قائمة، وهذه المرة يجري العمل على إنشاءات من الصفر في مناطق خالية من كل عمران؛ وإن كانت طبيعتها مناسبة، فهي أرض زراعية تمتاز بتربة ممزوجة بطمي نتيجة مرور السيول، وجغرافيتها مناسبة لربطها بالطرق وتحقيق هدفها بعيد المدى؛ حيث ستسد فراغاً شاسعاً». وتعد مناطق الوسط من أهم مناطق سيناء الجغرافية؛ وتضم مركزين إداريين هما: «الحسنة» و«نخل»، ومن أهم المشروعات القائمة على أرضها، وفقاً لقاعدة بيانات شمال سيناء؛ منجم فحم المغارة المتوقف حالياً عن العمل، ومنطقة الصناعات الثقيلة، ومصنعان لإنتاج الإسمنت، ومحاجر متعددة لإنتاج التربة الزلطية والرخام.
وأوضح الأبعاد الأوسع للمشروعات ومحاولة تطهير المنطقة من آثار الإرهاب، محافظ شمال سيناء اللواء عبد الفضيل شوشة، خلال لقاء مع عدد من أهالي المحافظة قبل يومين، مشيراً إلى أنها «تمتد على مساحة 10 آلاف فدان، وبها 900 صوبة زراعية ممولة من الصناديق العربية، وسيتم توزيعها على أهالي سيناء وتخصيص جزء منها لأبناء محافظات الوادي بهدف دمج الثقافات المحلية والوصول إلى أفضل النتائج في تكوين مجتمعات جديدة، وهى التجربة ذاتها التي شهدتها مناطق غرب سيناء بشرق قناة السويس».
وأفاد محافظ شمال سيناء بأنه في إطار الاتجاه التنموي نفسه، سيتم «تخصيص 2500 فدان على ترعة السلام الواقعة في نطاق غرب سيناء لتوزيعها على الشباب من أبناء شمال سيناء».
وفي السياق ذاته، أعلنت محافظة شمال سيناء عن فتح ميناء العريش البحري أمام حركة تصدير المواد الخام خلال الفترة المقبلة، لتتضمن المرحلة الأولى تصدير الملح، والثانية تصدير الرمل الزجاجي، والثالثة تصدير الرخام.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».