إيران تعلن قطع إمدادات مياه عن العراق

في تأكيد لتصميمها على مشروع تحويل مجرى أنهار

مشروع لتخزين المياه في البصرة التي يشكو سكانها من نقص المياه وتزايد نسبة ملوحتها (رويترز)
مشروع لتخزين المياه في البصرة التي يشكو سكانها من نقص المياه وتزايد نسبة ملوحتها (رويترز)
TT

إيران تعلن قطع إمدادات مياه عن العراق

مشروع لتخزين المياه في البصرة التي يشكو سكانها من نقص المياه وتزايد نسبة ملوحتها (رويترز)
مشروع لتخزين المياه في البصرة التي يشكو سكانها من نقص المياه وتزايد نسبة ملوحتها (رويترز)

أكد رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية في العراق، حيدر العبادي، عدم وصول أي كميات كبيرة من المياه من إيران إلى العراق منذ نحو ثلاث سنوات، مبدياً استغرابه من الكلام الذي أشار إلى قيام الجانب الإيراني بقطع المياه، وهو أمر نفاه نائب السفير الإيراني في العراق موسى طبأطبائي.
ويزيد انقطاع المياه من إيران صوب الأراضي العراقية من تفاقم مشكلات بعض المدن، وعلى رأسها البصرة التي تسمم الآلاف من سكانها خلال الأسابيع القليلة الماضية جراء تلوث مياه الشرب بالمدينة.
وقال معاون وزير الزراعة الإيراني، علي مراد أكبري، إن بلاده ستقطع نحو 7 مليارات متر مكعب من المياه صوب الحدود الغربية والشمالية الغربية العراقية، بأمر من المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي. وأكد أن هذه الكميات من المياه ستستخدم في ثلاثة مشروعات رئيسية على مساحة 770 ألف هكتار في الأحواز (جنوب غربي البلاد)، وإيلام (غرب). وأشار إلى تأثير هذه المشروعات على زيادة استدامة الإنتاج الزراعي في البلاد، موضحاً أن «ندرة المياه هي أحد التهديدات الخطيرة التي تواجهنا والتي نفكر في حلها والتحكم فيها».
وتنفّذ الحكومة الإيرانية منذ سنوات مشروعاً لإنشاء سدود وأنفاق تؤدي إلى تحويل مجرى مياه كارون والكرخة، كما أنها تقيم نظام ري جديداً في المناطق ذات الغالبية العربية يمكن التحكم فيها عبر قنوات صناعية. وتشرف على المشروع شركات مرتبطة بـ«الحرس الثوري» الإيراني بمشاركة وزارة الطاقة الإيرانية.
وتعد تصريحات المسؤول الإيراني تأكيداً ضمنياً أن الحكومة الإيرانية مصممة على تنفيذ مشروع تحويل مجرى الأنهار إلى محافظات إيرانية شرق جبال زاغروس.
وكانت إيران قطعت المياه، في وقت سابق، عن معظم الروافد الموجودة في أراضيها والمغذية لنهر دجلة في العراق؛ ما تتسبب في انخفاض مناسيب المياه في النهر بشكل كبير، كما كانت قد قطعت المياه أيضاً في مطلع يونيو (حزيران) الماضي عن الزاب الصغير في إقليم كردستان؛ ما تسبب بحصول مشكلة في تزويد أهالي بلدة قلعة دزة (شمال السليمانية) بمياه الشرب. وأقامت إيران أيضاً سد «كولسه» بمدينة سردشت، في شرق كردستان؛ ما تسبب في قطع قسم كبير من مياه نهر الزاب الصغير الاستراتيجي. وبالإضافة إلى مشكلة قطع مياه الشرب عن سكان قلعة دزة، فقد أدى قطع مياه النهر إلى نفوق عشرات الآلاف من الأسماك والتسبب بأضرار بيئية كبيرة.
وارتفعت منذ يونيو الماضي نسبة الملوحة (أو ما يعرف بالمد الملحي) القادمة من الخليج العربي إلى شمال نهر شط العرب، وهو مصدر المياه الوحيد لمحافظة البصرة. وتعود مشكلة ارتفاع نسبة ملوحة المياه في شط العرب إلى عام 2000 جراء تنفيذ مشروع تصريف مياه من الأراضي الزراعية في إطار مشروع حكومي لزراعة قصب السكر على طول 125 كيلومتراً في الحد الفاصل بين مدينة الأحواز وعبادان؛ وهو ما أدى إلى احتجاجات شعبية في 2001.
ويشكل نهر كارون، أكبر الأنهار في الأراضي الإيرانية، الضلع الثالث لشط العرب، إلى جانب دجلة والفرات، وكان سبباً من أسباب حرب السنوات الثماني بين إيران والعراق بسبب اختلافهما على حق تقسيم خط النهر بعد اتفاقية الجزائر.
لكن نائب السفير الإيراني في العراق طباطبائي نفى في تصريحات صحافية، أمس، قطع مثل هذه الكمية من المياه عن العراق، معرباً عن استغرابه للأنباء التي تداولتها وسائل إعلامية، مؤكداً أن لا أساس لها من الصحة. وقال الطباطبائي، إنه «لا يمكن لإيران أن تقطع تلك الكمية من المياه الحدودية عن العراق دون الاتفاق مع السلطات بهذا الشأن بحكم الاتفاقية الموقعة بين البلدين بهذا الخصوص منذ عام 1975 من القرن الماضي». وأشار إلى «حقيقة ما ذكره معاون وزير الزراعة الإيراني علي مراد أكبري في مؤتمر دور الثقافة في الدين الفلسفي، وهو أن خامنئي خصص مبلغاً لنقل المياه من الأنهار المركزية في سيستان وبلوشستان»، مفنداً ما نقلته وسائل إعلام عن أكبري، وقال إن ذلك قد يكون ناتجاً من «ترجمات خاطئة لحديث أكبري خلال المؤتمر».
لكن رئيس الجمعيات الفلاحية العراقي حيدر العبادي عبّر من جانبه عن استغرابه لوجود مثل هذه الكمية من المياه أصلاً. وقال العبادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ومنذ نحو 3 سنوات إيراداتنا من المياه من إيران تقترب من الصفر، فكيف نفهم قطع هذه الكمية الآن؟». وأوضح أن «الإيرانيين قاموا أصلاً بتحويل مجاري المياه ولم يعد يصل إلينا منها كميات معتبرة». وأوضح أن «بعض الكميات من المياه تأتي في مؤخرة نهر دجلة لا في مقدمته حتى نستفيد منها، فضلاً عن أن هذه الكمية مالحة وتذهب مباشرة إلى شط العرب؛ مما يفاقم من أزمة الملوحة التي نعاني منها أصلاً».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».