حزب في الائتلاف الحكومي يطالب نتنياهو بالاستقالة «إذا قدمت ضده لائحة اتهام»

الليكود الحاكم ينوي سن قانون يحصن مكانة زعيمه حتى لو اتهم

نتنياهو ووزير المالية موشي كحلون خلال مؤتمر تعيين حاكم البنك المركزي (رويترز)
نتنياهو ووزير المالية موشي كحلون خلال مؤتمر تعيين حاكم البنك المركزي (رويترز)
TT

حزب في الائتلاف الحكومي يطالب نتنياهو بالاستقالة «إذا قدمت ضده لائحة اتهام»

نتنياهو ووزير المالية موشي كحلون خلال مؤتمر تعيين حاكم البنك المركزي (رويترز)
نتنياهو ووزير المالية موشي كحلون خلال مؤتمر تعيين حاكم البنك المركزي (رويترز)

تلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ضربة موجعة من أحد أهم شركائه في الائتلاف الحكومي، وزير المالية، موشي كحلون، الذي أعلن أنه لن يشارك في ائتلاف حكومي بقيادة نتنياهو، في حال قدمت لائحة اتهام ضده في قضايا الفساد.
وجاء تصريح كحلون، في الوقت الذي يبذل فيه قادة حزب الليكود الحاكم، جهودا لسن قانون جديد يتيح لرئيس الوزراء أن يظل في منصبه، ويحتفظ بحصانته البرلمانية، ويمنع عمليا التحقيق معه أو اتخاذ إجراءات قضائية ضده، ما دام هو رئيس حكومة منتخبا. ويقود هذه الجهود، النائب ديفيد أمسالم، الرئيس السابق للائتلاف الحكومي، المتورط هو نفسه في قضايا فساد، واضطر إلى الاستقالة من منصبه حتى الانتهاء من الإجراءات معه. ويسعى أمسالم إلى أن تواصل أغلبية نواب الليكود وحلفائه، دعم نتنياهو، حتّى لو وجهت له لائحة اتّهام، منطلقين من مبدأ أنه بريء حتى تثبت إدانته. وقال أمسالم، أمس الأربعاء، إن هنالك سببين للتمسك بدعم نتنياهو، هما: الأول، وهو سبب عام، أن الناخب الإسرائيلي مقتنع بأن الاشتباه بتورط نتنياهو بقضايا فساد وإمكانية تقديم لائحة اتهام ضده، نابعان فقط من أسباب سياسية. والثاني هو أن نتنياهو أكثر شخصية قيادية شعبية، وعليه مهام كبرى ينبغي عليه أن يؤديها. وليس هنالك من هو قادر على إدارتها أفضل منه.
ولكن كحلون، رئيس حزب «كولانو»، الممثل حاليا في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) بعشرة نواب، لا يتأثر بهذه المواقف، ويقول: «في الليكود يستطيعون قول أي شيء يريدون، أما أنا فأتحدث عن الحزب الذي أترأسه (كولانو). حزبنا لن يقبل بإملاءات ولا مساومات». ويوضح كحلون أن «رئيس الحكومة يواجه لائحة اتهام لن يستطيع معها تأدية مهامه، ولا يمكنه أن يستمر في منصبه».
وعاد كحلون لتكرار موقف مشابه، كان قد أعلنه في شهر مارس (آذار) الماضي، فقال: «بمجرد أن يقرر المستشار القضائي للحكومة توجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو، فإن ذلك سيمنعه من أداء مهامه كرئيس للحكومة. وأنا أعتقد أنه هو، في حال حصل ذلك، سوف يترك منصبه، أو ستدفعه إلى ذلك الأحزاب الأخرى»، مؤكدا أن حزبه لن يبقى في الائتلاف.
من جهته، رفض نتنياهو الانشغال بالموضوع بتاتا، وقال: «كونوا مطمئنين. لن تكون هناك لائحة اتهام أو لوائح اتهام. وعلى الرغم من الانشغال الواسع في الموضوع في وسائل الإعلام، فأنا لست متأثرا، بل أواصل عملي بكل مسؤولية. واسألوا من يعمل إلى جانبي، فأنا أتصرف بشكل اعتيادي. لست عصبيا. لست متوترا. بل أعمل أكثر من أي وقت في عمري.
وقالت جهات في الحلبة السياسية الإسرائيلية، إن نتنياهو قد يطلب من الكنيست الاحتفاظ بحصانته البرلمانية، في حال تقديم لائحة اتهام ضده بارتكاب مخالفات فساد. ووفقا لشركة الأخبار (القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي سابقا)، وعلى خلفية احتمال تقديم الانتخابات العامة للكنيست، فإن الحلبة السياسية الإسرائيلية تعمل حاليا وفقا لفرضيتين: الأولى أن نتنياهو سيفوز بالانتخابات، والثانية هي أن لائحة اتهام ستُقدم ضده.
وأضافت القناة نفسها أن ثمة ثلاث إمكانيات لمواجهة التناقض بين الوضع القانوني غير الجيد لنتنياهو، إثر تقدم التحقيقات، وبين وضعه السياسي الجيد. إذ تظهر استطلاعات الرأي أن حزبه، الليكود، سيفوز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات للكنيست، والتأييد لمواصلة توليه رئاسة الوزراء هو الأعلى بين جميع رؤساء الأحزاب. والإمكانيات الثلاث هي: استمرار ولاية نتنياهو حتى في حال تقديم لائحة اتهام؛ تفعيل ما يسمى «القانون الفرنسي»، الذي يمنع محاكمة رؤساء حكومات أثناء ولايتهم؛ استخدام بند في قانون الحصانة، تم تعديله قبل 13 عاما ولم يستخدم منذئذ، وينص على أن بإمكان عضو كنيست طلب عدم نزع حصانته، «إذا كانت لائحة الاتهام ضده قُدمت بشكل غير بريء، أو من خلال تمييز ضده».
يشار إلى أن نتنياهو يدعي منذ سنتين، أن ثمة تمييزا يمارس ضده. وبحسب هذا الادعاء يقول، فيما يتعلق بالملفين 2000 و4000، إنه السياسي الوحيد الذي تم التحقيق معه حول الحصول على منافع شخصية بواسطة تغطية إعلامية مؤيدة، وأنه فيما يتعلق بالملف 1000، فإن «قضية الأقلام» التي اتهم بها رئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت، انتهت من دون تقديم لائحة اتهام.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».