يعاني نادي مانشستر يونايتد من الكثير من المشكلات والمتاعب، بدءا من حالة البؤس التي تسيطر على المدير الفني للفريق جوزيه مورينيو وصولا إلى الشعور بالإحباط الشديد داخل ملعب «أولد ترافورد»، وهو ما يذكرنا بشكل صارخ بالسرعة الشديدة التي يتغير بها عالم كرة القدم.
لقد فاز مانشستر يونايتد بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في آخر موسم للمدير الفني الأسطوري للنادي السير أليكس فيرغسون في «أولد ترافورد» وكان ذلك في عام 2013. وفي المقابل، قام الشيخ منصور بن زايد آل نهيان بشراء مانشستر سيتي قبل عشر سنوات فقط. ومع ذلك، أصبح من الصعب الآن تذكر النجاحات الهائلة التي كان يحققها مانشستر يونايتد والأحداث المؤسفة التي كان يشهدها مانشستر سيتي.
وفاجأني أحد اللاعبين السابقين بنادي مانشستر يونايتد خلال الأسبوع الحالي بقوله إن مانشستر سيتي لم يتفوق على مانشستر يونايتد داخل الملعب ومن حيث طريقة اللعب والحيوية التي يعتمد عليها المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا فحسب، لكنه يتفوق على مانشستر يونايتد في جميع المجالات وعلى جميع الأصعدة. وفي الحقيقة، يعاني مانشستر يونايتد - المملوك والمُستغل ماليا من قبل عائلة غليزرز الأميركية والذي يديره إد وودوارد، ذلك المصرفي السابق الذي نظم عملية الاستحواذ على الديون - من تخبط شديد على الأصعدة والمجالات كافة. وإذا كان مانشستر يونايتد بحاجة إلى رؤية نموذج يجب أن يحتذي به من حيث القيام بالأشياء بشكل أفضل، فيتعين عليه أن ينظر إلى جاره وغريمه التقليدي مانشستر سيتي.
ومهما كانت دوافع الشيخ منصور للاستحواذ على مانشستر سيتي ومهما كانت مكاسبه من تلك القوة الناعمة، ومهما كانت غرابة نظام كرة القدم الإنجليزية الذي يسمح بتمويل دولي هائل أن يتحكم في أندية الشعب، فيجب الاعتراف بأن الشيخ منصور ومسؤوليه التنفيذيين قد نفذوا هذا المشروع بذكاء شديد. لقد قاموا بتعيين مستشارين في البداية لتقييم عملية الاستحواذ على النادي وكيفية بناء فريق ناجح في الدوري الإنجليزي الممتاز. وأدرك رئيس مجلس إدارة النادي، خلدون المبارك، ومستشاروه الرئيسيون أن وجود مدير للكرة هو أمر مهم للغاية من أجل إدارة العملية الكروية التي تشمل ملايين الجنيهات والتعاقد مع اللاعبين بطريقة مدروسة جيدا.
لقد أدركوا أنه على الرغم من أن أندية كرة القدم الحديثة تضع علامات تجارية للشركات، فإن من مصلحتهم أن يتبنوا ويحتضنوا الولاءات العاطفية لجمهور النادي. إن القبول بفكرة أن نادي كرة القدم لا يزال يعتبر مركزاً أساسياً للمجتمع قادهم إلى أن هذا الاستثمار الكبير يجب أن يكون مقرونا أيضا بالاستثمار في الكثير من الخدمات والمزايا العامة، مثل بناء هيئة مجتمعية ومركز ترفيهي بجوار أكاديمية الناشئين التي تكلف إنشاؤها مائتي مليون جنيه إسترليني، وتطوير وتجديد المباني القديمة وتحويلها إلى شقق سكنية جيدة للإيجار، مع التركيز أيضا على مشروعات الاندماج الاجتماعي.
وحتى أكاديمية الناشئين بنادي مانشستر سيتي جعلت أكاديمية كارينغتون للناشئين بنادي مانشستر يونايتد تبدو في حالة غير جيدة، رغم أن مانشستر يونايتد قد رفع الأموال المخصصة لها إلى 24 مليون جنيه إسترليني سنويا. وفي النهاية، يبحث مانشستر يونايتد الآن عن تعيين مدير للتعاقدات بالنادي من أجل التعاقد مع لاعبين بشكل مدروس، بعد الخلافات التي ظهرت على السطح في الآونة الأخيرة بين مورينيو وودوارد بسبب رفض النادي تلبية مطالب المدير الفني البرتغالي بالتعاقد مع لاعبين جدد في خط الدفاع.
وبطبيعة الحال، تفوق مانشستر سيتي بهذا الشكل بسبب الإنفاق الهائل من جانب الشيخ منصور على النادي والذي بلغ 1.3 مليار جنيه إسترليني منذ عام 2008. وهي المبالغ التي أنفق معظمها على التعاقدات الجديدة للاعبين. ورغم ذلك، لو كان هناك ناد واحد، إلى جانب تشيلسي في عهد رومان أبراموفيتش، لا يمكنه أن يشتكي من تأثير هذا الاستثمار الهائل عليه، فهو نادي مانشستر يونايتد بكل تأكيد. لقد استنزفت عائلة غليزرز الأميركية أكثر من مليار دولار من نادي مانشستر يونايتد في شكل فوائد وتكاليف ورسوم وأرباح منذ عام 2005. وهو مبلغ لا يقل كثيرا عن المبلغ الذي أنفقه الشيخ منصور على تطوير مانشستر سيتي.
وتواصل عائلة غليزرز الاستفادة المالية من نادي مانشستر يونايتد كل عام. وقد نشر مانشستر يونايتد أحدث حساباته المالية الأسبوع الماضي، بينما كان عالم كرة القدم مشغولا بالحرب الدائرة حاليا بين مورينيو ونجم الفريق بول بوغبا. وحقق مانشستر يونايتد إيرادات قياسية بلغت 590 مليون جنيه إسترليني - ما زالت أكثر من إيرادات مانشستر سيتي التي بلغت 500 مليون جنيه إسترليني - والتي جاءت معظمها من عقود الرعاية، التي عمل وودوارد عليها بقوة منذ مجيئه من بنك «جي بي مورغان» إلى مانشستر يونايتد في عام 2005. وأظهرت الحسابات أيضا أن قروض مانشستر يونايتد ظلت عند 487 مليون جنيه إسترليني.
ويمكن إدارة هذه الديون بسهولة من الناحية المالية، بعدما ساهمت النجاحات الكبيرة التي حققها فيرغسون في بداية استحواذ عائلة غليزرز على النادي في تحقيق أرباح كبيرة، لكن تكاليف التمويل في 2017 - 2018 كانت لا تزال 24 مليون جنيه إسترليني. وكان من الممكن أن يساعد ذلك في دفع جزء من قيمة المدافعين الذين كان مورينيو يريد التعاقد معهم ورفضهم وودوارد. وحصل الستة أشقاء في عائلة غليزرز، والذين يملكون سويا 97 في المائة من أسهم التصويت بمانشستر يونايتد، على ما يقرب من 23 مليون جنيه إسترليني كأرباح. وبلغ إجمالي المبلغ المدفوع لهم وللمستثمرين الماليين الآخرين 22 مليون جنيه إسترليني، مقابل 23 مليون جنيه إسترليني في 2016 - 2017. و20 مليون جنيه إسترليني في العام السابق، أي ما مجموعه 65 مليون جنيه إسترليني من النادي.
وبلغت قيمة الرواتب المدفوعة للمديرين وكبار المسؤولين التنفيذيين، بما في ذلك الستة أفراد بعائلة غليزرز، 13 مليون جنيه إسترليني، مقابل 12 مليون جنيه إسترليني في 2016 – 2017 و11 مليون جنيه إسترليني في العام السابق. وقبل عام، باعت شركة «ريد فوتبول» المملوكة لعائلة غليزرز 4.3 مليون سهم من أسهم مانشستر يونايتد المسجلة في جزر كايمان، مقابل 17 دولارا للسهم الواحد، وهو ما يعني أن عائلة غليزرز حصلت على مبلغ إضافي قدره 73 مليون دولار من استحواذها على هذه المؤسسة الكروية.
وفي ظل كل ذلك، هناك خلاف واضح للجميع بين مورينيو وبوغبا، وخلاف آخر بين مورينيو وودوارد، الذي رفض تعاقد النادي مع اللاعبين الذين كان يريدهم المدير الفني البرتغالي ولم يخرج لكي يعلن عن دعمه لمورينيو في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها النادي. ومع ذلك، لا تعد هذه سوى مجرد أعراض مرئية لمشكلات واضطرابات أكبر داخل مانشستر يونايتد.
عائلة «غليزرز» تملك مانشستر يونايتد منذ 13 عاماً... من الطبيعي أن يعاني النادي!
الظروف الصعبة التي يعانيها الفريق مجرد أعراض مرئية لمشكلات واضطرابات أكبر
عائلة «غليزرز» تملك مانشستر يونايتد منذ 13 عاماً... من الطبيعي أن يعاني النادي!
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة