بعد الشهرة وتزايد الضغوط أصبح السفر فرصتي للنوم

رحلة مع الفنان بيومي فؤاد

بعد الشهرة وتزايد الضغوط  أصبح السفر فرصتي للنوم
TT

بعد الشهرة وتزايد الضغوط أصبح السفر فرصتي للنوم

بعد الشهرة وتزايد الضغوط  أصبح السفر فرصتي للنوم

استطاع الفنان المصري بيومي فؤاد، الشهير بـ«بيومي أفندي»، أن يخطف قلوب الجمهور بروحه الخفيفة وتلقائيته. وفي رحلتنا معه، تبين أن طرافته تنعكس أيضاً على رؤيته للسفر:
* السفر له فوائد كثيرة، حيث يكون فرصة لمشاهدة بلاد وحضارات، وفنون جديدة، وعادات وتقاليد مختلفة. ومنذ شبابي، كنت شغوفاً به، وأستغل أي فرصة تسمح لي بذلك. بعد أن اشتهرت وزادت أعمالي، ازداد أيضاً حبي له لأنني اكتشفت سراً مهماً للغاية، وهو أنه أيضاً فرصة ذهبية للنوم العميق دون إزعاج، أو الحاجة إلى مجاملة تخص تصوير مشاهد عمل فني، أو تلبية دعوة اجتماعية، وما شابه من أمور. فمشكلتي الأزلية أني لا أرفض لأحد من أصدقائي طلباً، لهذا أجد في السفر فرصة للراحة والنوم العميق الهادئ.
> لا أنكر أن في السفر مساحة للتغيير والاكتشاف، وتكوين صداقات جديدة، لكني أعود وأقول إنه يسد حاجتي الشديدة للنوم والراحة، في ظل ما أواجهه من ضغوط العمل في مصر، التي تأخذني من بيتي وأبنائي، ومن نفسي أحياناً. لهذا، أستغرب عندما أجد أن معظم الفنانين من أصدقائي لا يرحبون بالسفر للتصوير بسبب المشقة. على عكسهم، أرحب به للغاية للسبب نفسه الذي ذكرته سابقاً، وهو أني أعود إلى مكان إقامتي مباشرة بعد التصوير لأنام، من دون أي ارتباطات اجتماعية أو أسرية.
> رحلتي الأخيرة كانت إلى اليونان، التي أعتبرها من أجمل بلاد الدنيا، لما تتمتع به من جزر متعددة، مثل «ميكونوس» التي تختلف الطبيعة والروح فيها عن أي جزيرة أخرى زرتها من قبل. وقد زرت أيضاً أثينا لأنه لا يمكن أن تكتمل الزيارة إلى اليونان دونها. وفيها، تعرفت على ما يعنيه مصطلح «فيلوكسينا» الإغريقي، ومعناه «محبة الغرباء»، إذ لمست مدى دفء سكانها، وكيف لا يفرقون بين أحد، ويُشعرون الأجانب بأنهم مرحب بهم.
ومن المدن الأخرى التي استمتعت بزيارتها روما، فهي متحف مفتوح؛ ذكرتني - رغم اختلاف الطابع التاريخي - بمدينة الأقصر المصرية، التي تعتبر هي الأخرى متحفاً مفتوحاً، بآثارها وعراقتها. فأنا أحب كل ما يتعلق بالتاريخ والفنون والآثار، بحُكم دراستي بكلية الفنون الجميلة، وعملي لسنوات طويلة مرمماً للوحات التشكيلية. ومن الدول الأخرى التي سعدت فيها للغاية لبنان وروسيا، لأنني أحب الأجواء الباردة، وكل ما يتعلق بالثقافة والفنون.
> لا أرفض السياحة الداخلية لأنها تسمح لي بالجمع بين حبي للاكتشاف والبقاء في مصر. فرغم متعة السفر إلى بلدان جديدة بعيدة، فإنني أشعر بالغربة والحنين الجارف للعودة إلى أهلي بعد أيام، ثم إن بمصر وجهات سياحية مميزة تستحق الزيارة، من الأقصر وأسوان وسيوة إلى شرم الشيخ وسهل حشيش، وغيرها. وحتى بعيداً عن الأماكن الأثرية، فإن الزائر لمصر يجد أشياء جميلة أخرى، مثل ناسها الطيبين ودفئهم. كنت أتمنى أن أكتشف مصر من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، لكن بسبب ظروف العمل، ومواعيد التصوير غير الثابتة، يتعذر عليّ ذلك.
> من الأشياء التي تضمها حقيبة سفري، ولا يمكنني الاستغناء عنها، الأعمال الفنية المعروضة عليّ، التي لا أجد وقتاً لقراءتها، واتخاذ قرار بشأنها، فيكون السفر فرصة لدراستها جيداً.
> لم أمر بتجربة سفر سيئة، لكن كانت لي تجربة محرجة في الهند، حيث كنت أصور فيلم «جحيم في الهند». كان الموقف بسبب اختلاف الثقافة وعدم انتباهي، حيث سلمت شيف الفندق علبة «بولوبيف» أحضرها لي فنان زميل من القاهرة، وطلبت منه أن يطهو لنا طبق بيض بـ«البولوبيف»، وإذا بالشيف يمسكها بين يديه ويجهش بالبكاء، وسط دهشتنا وخوفنا. بعد دقائق، انتبهنا أنه هندوسي، بينما كانت صورة بقرة تتوسط العلبة!
> لا أحب أن أجرب أطباق غريبة لا أعرف نكهتها مسبقاً، وأفضل ما أعرفه، لذلك فإني أبحث في كل مكان أوجد فيه عن مطعم عربي.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».