«وكالة الطاقة» تحذر من آخر فصول 2018

قالت إن أسواق النفط تدخل {المرحلة الحمراء}

«وكالة الطاقة» تحذر من آخر فصول 2018
TT

«وكالة الطاقة» تحذر من آخر فصول 2018

«وكالة الطاقة» تحذر من آخر فصول 2018

«سيكون الربع الأخير من العام الحالي تحديا كبيرا لكل منتجي ومستهلكي النفط في العالم»، بحسب ما صرح به المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية التركي فاتح بيرول.
وقال بيرول أمس في لندن لـ«بلومبيرغ» على هامش مؤتمر «أويل أند موني» إن الطلب قوي هذا الربع، ولكن في الوقت نفسه الإمدادات تتراجع من دول منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك».
وأوضح أن صادرات إيران بدأت تتراجع في الوقت الذي لا تزال صادرات فنزويلا تهوي فيه «بسقوط حر». ولا يستبعد بيرول أن يصل إنتاج فنزويلا من النفط الخام إلى تحت مليون برميل، وسيكون هذا أكبر تراجع لها في تاريخها النفطي. وأطلق بيرول تحذيرات قوية عبر «بلومبيرغ»، قائلا إن السوق النفطية يجب أن تستعد لسيناريو صعب، وإن على المنتجين التعاون بشكل أفضل لمواجهة نقص الإنتاج ومواكبة الطلب. وأضاف: «علينا أن ندرك جميعا الوضع المحفوف بالمخاطر. أسواق النفط تدخل المنطقة الحمراء... علينا أن نحاول تهدئة الأسواق معا؛ لأنه ربما تكون هناك أخبار سيئة للمستهلكين والمستوردين اليوم، إلا أنني أعتقد أنه ربما تكون هناك أخبار سيئة للمنتجين غدا».
وكانت الوكالة، التي تقدم المشورة لمعظم الاقتصاديات الكبرى بشأن سياسة الطاقة، قد حذرت الأسبوع الماضي من أن ارتفاع أسعار الخام قد يؤدي إلى تراجع الطلب في بعض الدول الأسرع نموا حول العالم إلا إذا قام المنتجون باتخاذ خطوات لزيادة الإمدادات. وقالت: «إذا لم تكن هناك تحركات كبيرة من كبار المنتجين، فإن الربع الأخير من هذا العام سيحمل تحديا كبيرا جدا جدا».
وأشارت وكالة الطاقة إلى أن الجزء الأكبر من المسؤولية يقع على عاتق السعودية، لكون معظم بقية الدول الأعضاء في «أوبك» ينتج بكامل طاقته أو يقترب منها. تأتي تحذيرات بيرول بعدما ارتفعت أسعار النفط الخام 20 في المائة منذ أغسطس (آب)، في وقت تكافح فيه «أوبك» لسد الفجوة التي خلفها تراجع الإنتاج في كثير من دول المنظمة. وسجلت الأسعار مزيدا من الارتفاعات أمس جراء العاصفة «مايكل» التي أدت إلى إغلاق بعض الحقول النفطية في خليج المكسيك، وتهدد بالتحول إلى إعصار كبير يضرب فلوريدا.
كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قال الأسبوع الماضي، إن تحالف منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» والدول خارجها نجح حتى الآن في تغطية النقص في الإمدادات النفطية من إيران.
وأوضح ولي العهد في حديثه لوكالة بلومبيرغ، الأربعاء الماضي، أن التحالف زاد إنتاجه بنحو 1.5 مليون برميل يوميا مؤخرا، في الوقت الذي تراجعت فيه إمدادات إيران بنحو 700 ألف برميل يوميا، أي أن التحالف عوض كل برميل إيراني بنحو برميلين من نفطه.
وتراجعت صادرات إيران من الخام أكثر في الأسبوع الأول من أكتوبر (تشرين الأول) وفقا لبيانات الناقلات ومصدر بالقطاع مع بحث المشترين عن بدائل قبيل بدء سريان العقوبات الأميركية في 4 نوفمبر (تشرين الثاني).
من جهة أخرى، قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، أمس الثلاثاء، إن تعليقات وتدوينات شبكات التواصل الاجتماعي على «تويتر» التي تبثها القيادة الأميركية تثير الارتباك في الأسواق العالمية.
وقال نوفاك، في مقابلة بثها تلفزيون «روسيا 24»: «البرقيات العاطفية والتعليقات والتغريدات التي تصدر عن القيادة الأميركية، تثير ارتباك السوق. ومن حيث المبدأ، لا تعرف السوق كيف تتصرف، ولا ماذا سيحدث في المستقبل».
وفي رده على تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي طالب فيها «أوبك» بخفض أسعار النفط، قال الأمير محمد بن سلمان إن السعودية لم تحدد أبدا أي أسعار للنفط، وإن السعر يحدده العرض والطلب والتداول في السوق.
وأرجع الأمير محمد ارتفاع الأسعار مؤخرا إلى تراجع الإمدادات من دول كثيرة مثل فنزويلا والمكسيك وكندا، «وليس للحظر الإيراني أي تأثير؛ لأن التحالف غطى كل نقص من إيران حتى الآن».
إلا أن السعودية و«أوبك» مستعدة لموازنة السوق وتعويض أي نقص في الإمدادات، كما عبّر الأمير، إذا ما كان هناك طلب من الزبائن. وتنتج المملكة هذا الشهر 10.7 مليون برميل يوميا، وتحتفظ المملكة بنحو 1.3 مليون برميل يوميا طاقة إنتاجية فائضة يمكن استخدامها من دون أي استثمارات جديدة، ويجري حاليا التباحث مع الكويت من أجل إعادة إنتاج النفط من المنطقة المقسومة، كما أوضح ولي العهد في حديثه.



بين الدمار والضغوط المالية... تداعيات اقتصادية كارثية تضرب لبنان وإسرائيل

دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)
دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)
TT

بين الدمار والضغوط المالية... تداعيات اقتصادية كارثية تضرب لبنان وإسرائيل

دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)
دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)

شكَّل النزاع بين إسرائيل و«حزب الله» محطةً فاصلة؛ حملت في طيّاتها تداعيات اقتصادية وإنسانية عميقة على كلٍّ من لبنان وإسرائيل؛ إذ خلّفت الأعمال العدائية الممتدة لأكثر من عام آثاراً كارثية على البنى التحتية، ورفعت معدلات النزوح، وأدّت إلى شلل واسع في القطاعات الحيوية. وفي حين تحمل لبنان العبء الأكبر من الدمار والخسائر الاقتصادية، فإن إسرائيل لم تكن بمنأى عن الأضرار، خصوصاً مع مواجهتها تحديات اقتصادية ناتجة عن الحرب المتزامنة في غزة.

منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية تعترض صواريخ أطلقت من قطاع غزة (رويترز)

وفيما يلي استعراض لأبرز تكاليف هذا الصراع، الذي شهد تصعيداً حادّاً خلال الشهرين الماضيين، بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وفق «رويترز».

التأثير الاقتصادي

قدَّر البنك الدولي الأضرار والخسائر الأولية في لبنان بنحو 8.5 مليار دولار، وذلك في تقرير أصدره في 14 نوفمبر (تشرين الثاني). ومن المتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي اللبناني انكماشاً بنسبة 5.7 في المائة في عام 2024، مقارنةً بتوقعات النمو السابقة التي كانت تشير إلى 0.9 في المائة.

كما تكبّد القطاع الزراعي اللبناني خسائر فادحة، تجاوزت 1.1 مليار دولار، شملت تدمير المحاصيل والماشية، إضافة إلى نزوح المزارعين. وفي الوقت نفسه، عانى قطاع السياحة والضيافة -الذي يُعد من الركائز الأساسية للاقتصاد اللبناني- من خسائر مشابهة، ما يزيد من تعقيد التحديات الاقتصادية في البلاد.

أما في إسرائيل، فقد أدّت الحرب مع «حزب الله» إلى تفاقم التداعيات الاقتصادية الناجمة عن النزاع المستمر في غزة، ما زاد من الضغط على المالية العامة للدولة. وقد ارتفع العجز في الموازنة إلى نحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما دفع وكالات التصنيف الائتماني الكبرى إلى خفض تصنيف إسرائيل.

كما أسهمت الاضطرابات في سلاسل الإمداد في رفع معدل التضخم إلى 3.5 في المائة، متجاوزاً النطاق المستهدف للبنك المركزي الإسرائيلي (1-3 في المائة). وفي ظل هذه الظروف، أبقى البنك المركزي أسعار الفائدة مرتفعة بهدف مكافحة التضخم، وهو ما زاد من الأعباء المالية على الأسر، من خلال ارتفاع تكاليف الرهون العقارية.

ورغم هذه التحديات العميقة، أظهر الاقتصاد الإسرائيلي تعافياً نسبياً في الربع الثالث من العام؛ بعدما سجل نمواً بنسبة 3.8 في المائة على أساس سنوي، عقب انكماش في الربع الثاني، وفقاً للتقديرات الأولية للحكومة.

حطام سيارات في موقع متضرر جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

الدمار

في لبنان، تُقدر تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن بنحو 2.8 مليار دولار؛ حيث دُمّر أو تضرر أكثر من 99 ألف وحدة سكنية، وذلك وفقاً لتقرير البنك الدولي. وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله»، دُمر 262 مبنى على الأقل نتيجة الضربات الإسرائيلية، وفق مختبر جامعة بيروت الأميركية.

كما تسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية في أضرار جسيمة في القرى والبلدات في جنوب لبنان وسهل البقاع، وهما منطقتان تُهيمن عليهما جماعة «حزب الله». وقد أسفرت هذه الضربات عن تدمير واسع للمرافق والبنية التحتية، ما يزيد من تعقيد الأزمة الاقتصادية والإنسانية في تلك المناطق.

في المقابل، في إسرائيل، قُدِّرت الأضرار العقارية بنحو 1 مليار شيقل (ما يعادل 273 مليون دولار)، إذ دُمرت أو تضررت آلاف المنازل والمزارع والمنشآت التجارية جراء التصعيد العسكري. علاوة على ذلك، أُتلف نحو 55 ألف فدان من الغابات والمحميات الطبيعية والأراضي المفتوحة في شمال إسرائيل ومرتفعات الجولان.

النزوح

ونتيجة تصاعد العمليات العسكرية، نزح نحو 886 ألف شخص داخل لبنان بحلول نوفمبر 2023، وفقاً لتقارير المنظمة الدولية للهجرة، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في حين فرّ أكثر من 540 ألف شخص إلى سوريا هرباً من النزاع. وفي إسرائيل، تم إجلاء نحو 60 ألف شخص من المناطق الشمالية.

الخسائر البشرية

وأسفرت العمليات العسكرية عن سقوط آلاف الضحايا في كلا الجانبين. ففي لبنان، قُتل ما لا يقل عن 3768 شخصاً، وأصيب أكثر من 15 ألفاً و699 منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية. تشمل هذه الأرقام المدنيين والمقاتلين على حد سواء؛ حيث كانت الغالبية نتيجة الهجمات الإسرائيلية التي اشتدت في سبتمبر (أيلول). أما في إسرائيل، فقد تسببت ضربات «حزب الله» في مقتل 45 مدنياً و73 جندياً، وفقاً لبيانات رسمية إسرائيلية.