فنزويلا تترقب تخطي التضخم «مليوناً في المائة» نهاية العام

صندوق النقد يتوقع تجاوز مؤشر أسعار المستهلكين 10 ملايين في المائة خلال 2019

يعيش مواطنو فنزويلا أوضاعاً صعبة وسط توقعات بتجاوز التضخم حاجز مليون بالمائة في نهاية العام (رويترز)
يعيش مواطنو فنزويلا أوضاعاً صعبة وسط توقعات بتجاوز التضخم حاجز مليون بالمائة في نهاية العام (رويترز)
TT

فنزويلا تترقب تخطي التضخم «مليوناً في المائة» نهاية العام

يعيش مواطنو فنزويلا أوضاعاً صعبة وسط توقعات بتجاوز التضخم حاجز مليون بالمائة في نهاية العام (رويترز)
يعيش مواطنو فنزويلا أوضاعاً صعبة وسط توقعات بتجاوز التضخم حاجز مليون بالمائة في نهاية العام (رويترز)

بلغ التضخم الشهري في فنزويلا نسبة 233.3 في المائة في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، لترتفع أسعار السلع بنسبة 342 ألفاً في المائة على أساس سنوي، وفق تقرير نشره البرلمان الفنزويلي مساء الاثنين، وهو الهيئة الوحيدة التي تسيطر عليها المعارضة.
وقال النائب خوان أندريس ميخيا للصحافيين، «بلغ التضخم السنوي 342 ألفاً و161 في المائة، إنه رقم محبط حقاً». بينما قال عضو آخر في البرلمان الفنزويلي، إن أسعار المستهلكين في البلاد ارتفعت بنسبة 488 ألفاً و865 في المائة في 12 شهراً حتى سبتمبر، في الوقت الذي يستمر فيه تسارع وتيرة التضخم الزائد وسط انهيار اقتصادي أوسع نطاقاً.
ووفقاً للتقرير الرسمي، ارتفعت الأسعار الشهر الماضي بمعدل 233.3 في المائة، فيما وصفه ميخيا بأنه «أعلى رقم منذ بداية السنة، وهذا يزيد بالطبع من حدة التضخم المفرط الذي نتعرض له الآن». وأضاف التقرير أن التضخم تجاوز في أغسطس (آب) الماضي نسبة 200 في المائة، في حين بلغ ارتفاع الأسعار بالمعدل السنوي 200.005 ألف في المائة. وقال ميخيا: «هذا يعني أن التضخم سيزيد عن مليون في المائة نهاية السنة»، وهو رقم يتفق مع توقعات سابقة لصندوق النقد الدولي، بينما قال رافائيل غوزمان، رئيس لجنة المالية في البرلمان، إن معدل التضخم سيصل إلى 1.302 مليون في المائة بنهاية عام 2018.
وبالأمس، توقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع معدل التضخم في فنزويلا إلى مستوى 1.37 مليون في المائة بحلول نهاية العام الحالي، وذلك مع فشل الحكومة في التصدي لعجز الموازنة.
ووفقاً لتوقعات الصندوق، فإن تقديرات التضخم في فنزويلا زادت آلاف المرات عن التقديرات عند مستوى مليون في المائة، الذي توقعه خلال يوليو (تموز) الماضي، ومستوى 13 ألفاً في المائة المتوقع في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقال الصندوق إن مؤشر أسعار المستهلكين في فنزويلا سيرتفع إلى 10 ملايين في المائة خلال 2019.
أما بالنسبة لتقديرات الصندوق لوضع الاقتصاد في فنزويلا خلال العام الحالي، فقد أبقى عليها دون تغيير، حيث يتوقع أن يسجل الاقتصاد هناك انكماشاً بنحو 18 في المائة، لتكون تلك هي السنة الثالثة على التوالي التي يسجل فيها الاقتصاد انكماشاً يزيد على مستوى 10 في المائة. أما على مستوى 2019، فيرى الصندوق أن الانكماش الاقتصادي لدى فنزويلا سيسجل مستوى 5 في المائة.
وفي أغسطس الماضي، أعلن الرئيس نيكولاس مادورو عن خطة لإحياء الاقتصاد أمام الأزمة الخطرة التي يمر بها، تنص بشكل خاص على زيادة الحد الأدنى للأجور بثلاثين مرة، وتعويم العملة المحلية (البوليفار) بنسبة 96 بالمائة، وزيادة ضريبة القيمة المضافة وسعر البنزين، إلى جانب إصدار الدولة عملات إلكترونية مقترنة بالنفط «البترو».
لكن كل هذه الإجراءات لم تفلح في وقف ارتفاع الأسعار، الذي يبلغ 4 في المائة يومياً، وفق التقرير البرلماني، ويفوق بذلك نسبة 3.23 في المائة التي سجلتها كولومبيا المجاورة خلال 12 شهراً.
ويرى غوزمان أنه «بلا شك هذه الإجراءات فشلت وأدت إلى اشتداد الأزمة».
ولم يعد البنك المركزي ينشر بيانات اقتصادية منذ فبراير (شباط) عام 2016. وتؤثر المشاكل الاقتصادية في فنزويلا على إنتاج النفط هناك، حيث تراجع إنتاجها وصادراتها النفطية، بينما يعاني الفنزويليون كذلك من نقص المؤن والأدوية وكل أنواع السلع الاستهلاكية.
وأشارت وكالة «بلومبرغ»، في تقرير لها الشهر الماضي، إلى أن مأساة فنزويلا عميقة، وتحيط بها إحصاءات مذهلة وقصص مروعة، فعلى مدار خمس سنوات فقط انكمش الاقتصاد بمعدل النصف، وازداد التضخم بشكل جنوني، ما أدى إلى دفع 9 من كل 10 فنزوليين دفعاً للوقوع في براثن الفقر، في الوقت الذي يترنح فيه النظام الصحي، وافتقرت فيه المستشفيات إلى الطواقم العاملة وأبسط الاحتياجات الأساسية.
ويعزو المحللون ارتفاع الأسعار إلى إصدار العملة بلا ضوابط، في بلد يعاني من الكساد منذ عام 2014، إثر انهيار أسعار النفط وإنتاجه، إذ تحصل فنزويلا على 96 في المائة من مداخيلها منه.
وتملك فنزويلا أكبر احتياطي نفطي في العالم، لكن إنتاجها من النفط الخام تراجع إلى 1.5 مليون برميل يومياً، أي أقل بكثير من حجم إنتاجها السابق الذي كان يبلغ 3.2 ملايين برميل يومياً في 2008.
وخلال زيارة الشهر الماضي إلى بكين، أعلن مادورو أن كراكاس ستقوم بتصدير مليون برميل من النفط يومياً إلى الصين، وقال إنه تم الاتفاق على «رفع الصادرات النفطية إلى الصين إلى مليون برميل... مليون برميل للصين وحدها».
ولم يوضح الرئيس الفنزويلي حجم مساهمة بكين في المشروع، لكنه قدر قيمة استثمارات البلدين بنحو خمسة مليارات دولار. وقال إن الهدف هو التوصل إلى هذا المستوى من الصادرات بحلول أغسطس 2019.
وفى 2017، أرسلت كراكاس ما معدله 700 ألف برميل يومياً إلى الصين، حسب تقديرات الخبراء. وبكين من الحلفاء والدائنين الرئيسيين لفنزويلا، التي حصلت على قروض بقيمة 62 مليار دولار من الصين في السنوات العشر الأخيرة، خصوصاً مقابل النفط.
ولا تزال فنزويلا مدينة لبكين بـ20 مليار دولار. وفي عام 2016، في أوج الأزمة الفنزويلية، خففت الصين من شروط سداد هذا الدين. ويرى المحللون أن «ليونة الصين» تشمل فترة يمكن لفنزويلا خلالها حسم جزء من فوائد الدين لمواصلة الحصول على سيولة، وهو أمر أساسي في الأجواء الحالية للأزمة.



«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
TT

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

قبل ساعات قليلة من «الختام المفترض» لمؤتمر «كوب 29» للمناخ في العاصمة الأذرية باكو على بحر قزوين، سيطر الخلاف على المباحثات؛ إذ عبرت جميع الأطراف تقريباً عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الذي قدمته إدارة المؤتمر ظهر يوم الجمعة في «مسودة اتفاق التمويل»، والذي اقترح أن تتولى الدول المتقدمة زمام المبادرة في توفير 250 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035 لمساعدة أكثر الدول فقراً، وهو الاقتراح الذي أثار انتقادات من جميع الأطراف.

وتتولى حكومات العالم الممثلة في القمة في باكو عاصمة أذربيجان، مهمة الاتفاق على خطة تمويل شاملة لمعالجة تغيّر المناخ، لكن المؤتمر الذي استمر أسبوعين تميز بالانقسام بين الحكومات الغنية التي تقاوم الوصول إلى نتيجة مكلفة، والدول النامية التي تدفع من أجل المزيد.

وقال خوان كارلوس مونتيري غوميز، الممثل الخاص لتغيّر المناخ في بنما، والذي وصف المبلغ المقترح بأنه منخفض للغاية: «أنا غاضب للغاية... إنه أمر سخيف، سخيف للغاية!»، وأضاف: «يبدو أن العالم المتقدم يريد أن يحترق الكوكب!».

وفي الوقت نفسه، قال مفاوض أوروبي لـ«رويترز» إن مسودة الاتفاق الجديدة باهظة الثمن ولا تفعل ما يكفي لتوسيع عدد البلدان المساهمة في التمويل. وأضاف المفاوض: «لا أحد يشعر بالارتياح من الرقم؛ لأنه مرتفع ولا يوجد شيء تقريباً بشأن زيادة قاعدة المساهمين».

ومن جانبها، حثت أذربيجان الدول المشاركة على تسوية خلافاتها والتوصل إلى اتفاق مالي يوم الجمعة، مع دخول المفاوضات في المؤتمر ساعاتها الأخيرة. وقالت رئاسة المؤتمر في مذكرة إلى المندوبين صباح الجمعة: «نشجع الأطراف على مواصلة التعاون في مجموعات وعبرها بهدف تقديم مقترحات تقلص الفجوة وتساعدنا على إنهاء عملنا هنا في باكو».

صحافيون ومشاركون يراجعون مسودة الاتفاق الختامي بمقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو ظهر يوم الجمعة (أ.ب)

وحددت المسودة أيضاً هدفاً أوسع لجمع 1.3 تريليون دولار من تمويل المناخ سنوياً بحلول عام 2035، والذي سيشمل التمويل من جميع المصادر العامة والخاصة. وهذا يتماشى مع توصية من خبراء الاقتصاد بأن تتمكن البلدان النامية من الوصول إلى الحصول على تريليون دولار على الأقل سنوياً بحلول نهاية العقد. لكن المفاوضين حذروا من أن سد الفجوة بين تعهدات الحكومة والتعهدات الخاصة قد يكون صعباً.

وكان من المقرر أن تختتم قمة المناخ في مدينة بحر قزوين بحلول نهاية يوم الجمعة، لكن التوقعات كانت تصب في اتجاه التمديد، على غرار مؤتمرات «الأطراف» السابقة التي تشهد جميعها تمديداً في اللحظات الأخيرة من أجل التوصل إلى اتفاقات.

وقال لي شو، مدير مركز المناخ الصيني في «جمعية آسيا»، وهو مراقب مخضرم لمؤتمرات «الأطراف»: «إن إيجاد (نقطة مثالية) في المحادثات قريباً أمر بالغ الأهمية. أي شيء آخر غير ذلك قد يتطلب إعادة جدولة الرحلات الجوية».

وعاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى باكو من اجتماع «مجموعة العشرين» في البرازيل يوم الخميس، داعياً إلى بذل جهود كبيرة للتوصل إلى اتفاق، وحذر من أن «الفشل ليس خياراً».

وبدوره، قال دانييل لوند، المفاوض عن فيجي، لـ«رويترز»، إن «الطريق لا يزال طويلاً... إنه رقم (الوارد بالمسودة) منخفض للغاية مقارنة بنطاق الحاجة القائمة وفهم كيفية تطور هذه الاحتياجات».

كما عكس المؤتمر انقسامات كبيرة إزاء قضايا مثل ما إذا كان يجب تقديم الأموال في صورة منح أو قروض، والدرجة التي ينبغي بها حساب أنواع التمويل الخاص المختلفة في تحقيق الهدف السنوي النهائي.

وانتقد المفاوضون والمنظمات غير الحكومية إدارة المؤتمر. وهم يأخذون على الأذربيجانيين الافتقار إلى الخبرة في قيادة مفاوضات بين ما يقرب من 200 دولة. وقال محمد آدو، ممثل شبكة العمل المناخي: «هذا هو أسوأ مؤتمر للأطراف على ما أذكر».

كما شابت المفاوضات حالة من الضبابية بشأن دور الولايات المتحدة، أكبر مصدر في العالم لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، قبل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي لا يؤمن بقضية المناخ، إلى البيت الأبيض.

وقال المبعوث الأميركي جون بوديستا: «نحن، بصراحة، نشعر بقلق عميق إزاء الخلل الصارخ في التوازن» في النص. في حين أعرب المفوض الأوروبي وبكي هوكسترا عن موقف مشابه بقوله إن النص «غير مقبول في صيغته الحالية».

ويكرر الأوروبيون القول إنهم يريدون «الاستمرار في توجيه الدفة»، وهو مصطلح تم اختياره بعناية، كدليل على حسن النية. لكن العجز المالي الذي تعانيه بلدان القارة العجوز يحد من قدراتهم.

وتساءل المفاوض البنمي خوان كارلوس مونتيري غوميز: «نحن نطلب 1 بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فهل هذا كثير جداً لإنقاذ الأرواح؟». في حين أعربت الوزيرة الكولومبية سوزان محمد عن أسفها، قائلة: «إنهم يدورون في حلقة مفرغة وهم يؤدون ألعابهم الجيوسياسية».

ومن جانبها، دعت الصين، التي تؤدي دوراً رئيساً في إيجاد التوازن بين الغرب والجنوب، «جميع الأطراف إلى إيجاد حل وسط»... لكن بكين وضعت «خطاً أحمر» بقولها إنها لا تريد تقديم أي التزامات مالية. وهي ترفض إعادة التفاوض على قاعدة الأمم المتحدة لعام 1992 التي تنص على أن المسؤولية عن تمويل المناخ تقع على البلدان المتقدمة.