المغرب: البرلمان يفتتح دورته التشريعية تحت ضغط المطالب الاجتماعية

TT

المغرب: البرلمان يفتتح دورته التشريعية تحت ضغط المطالب الاجتماعية

يفتتح البرلمان المغربي، يوم الجمعة المقبل، دورته التشريعية الجديدة تحت ضغط مطالب اجتماعية كثيرة باتت تؤرق حكومة الدكتور سعد الدين العثماني، التي يتعين عليها ترجمتها إلى إجراءات عملية في القانون المالي (الموازنة) المقبل، والمقرر عرضه على البرلمان بغرفتيه.
واستبق قادة الأغلبية الحكومية افتتاح البرلمان من قبل العاهل المغربي الملك محمد السادس بإعلان الحليفين الرئيسيين في الحكومة «العدالة والتنمية» و«التجمع الوطني للأحرار» تجاوز صفحة خلافاتهما، أو على الأقل «تجميدها» بعد أن تصدرا المشهد السياسي بتبادلهما الاتهامات قبل أسبوعين، إثر اتهام رشيد الطالبي العلمي، وزير الشباب والرياضة، حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية الذي يقود الحكومة، بأن لديه مشروعاً لتخريب البلاد حتى يتمكن من الهيمنة. وتسببت هذه الاتهامات التي وصفها «العدالة والتنمية» بـ«الخطأ الجسيم والتهجم السافر»، الذي يخل بمبدأ التضامن الحكومي وبميثاق الأغلبية، في تعميق الشرخ بين مكونات التحالف الحكومي، لدرجة أنه هناك من بات يتنبأ بسقوط وشيك للحكومة، وانفراط الغالبية الهشة المكونة من ستة أحزاب «متنافرة وينقصها الانسجام»، حسب تعبير بعض المحللين.
وفي ظل حالة «عدم الثقة والتشكيك»، التي تسود بين الأفرقاء السياسيين، يتشبث حزب العدالة والتنمية بوجود مؤامرة تحاك ضده لإضعافه، وفسح الطريق أمام «تجمع الأحرار» لتصدر المشهد السياسي استعداداً للفوز بالانتخابات التشريعية المقررة في سنة 2021، وهو الطموح الذي لا يخفيه هذا الحزب وزعيمه رجل الأعمال الوزير عزيز أخنوش، الذي أعلن بدوره أنه لن يسمح باستهداف قيادات الحزب، وذلك رداً على تصريحات عبد العزيز أفتاتي، أحد قياديي «العدالة والتنمية» خلال الحملة الانتخابية الأخيرة في دائرة المضيق - الفنيدق، التي هاجم فيها «زواج المال بالسلطة»، التي كانت حسب متتبعين للشأن السياسي سبباً في خروج الوزير العلمي بتصريحاته النارية ضد حليفه في الحكومة.
في غضون ذلك، وعدت الحكومة بإعطاء الأولوية للسياسات الاجتماعية في مشروع موازنة 2019، المقرر عرضه على البرلمان، وذلك من خلال إعادة هيكلة برامج الحماية الاجتماعية، والإسراع في إنجاح الحوار الاجتماعي، ودعم القدرة الشرائية للمواطنين.
وفي هذا الصدد، تعتزم الحكومة إطلاق عملية هيكلة شاملة للبرامج، والسياسات الوطنية في مجال الدعم والحماية الاجتماعية، مبرزة أنها ستعتمد على سجل اجتماعي موحد سيمكنها من إحصاء الفئات الاجتماعية، التي تستحق الدعم، وذلك «عبر اعتماد معايير دقيقة وموضوعية، وباستعمال التكنولوجيات الحديثة».
من جهة أخرى، ستعرف الدورة التشريعية الجديدة انتخاب رئيس جديد لمجلس المستشارين (الغرفة الثانية) وتجديد هياكله، بعد بلوغه نصف الولاية التشريعية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.