البعث السوري يدفن «القُطرية»

الأسد يترأس اجتماعا للجنة المركزية لحزب البعث مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
الأسد يترأس اجتماعا للجنة المركزية لحزب البعث مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

البعث السوري يدفن «القُطرية»

الأسد يترأس اجتماعا للجنة المركزية لحزب البعث مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
الأسد يترأس اجتماعا للجنة المركزية لحزب البعث مساء أول من أمس (أ.ف.ب)

ألغى الرئيس بشار الأسد، «القيادة القطرية» من مسميات حزب البعث الاشتراكي التنظيمية، خلال ترؤسه اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث هي الأولى منذ تأسيس حزب البعث الذي أسس في بداية شهر أبريل (نيسان) عام 1947.
ونقلت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من النظام السوري عن مصادر وصفتها بالمطلعة، قولها إن «اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث بسوريا توصل لعدة قرارات تنظيمية بينها استبدال اسم (القيادة القطرية) بـ(القيادة المركزية)، بحيث لم يعد هناك أمين قطري للحزب الذي كان يشغله شخصيا، وتم استبداله بمنصب (أمين عام)». المنصب الذي كان شاغرا منذ وفاة حافظ الأسد في العام 2000. وتابعت المصادر أن التغيير جاء «على خلفيه إلغاء ما كان يسمى القيادة القومية للحزب بحيث صار الحزب حزبا غير عابر للحدود السورية من الناحية التنظيمية، وربما يبقى عابراً لتلك الحدود من الناحية الفكرية».
كما تغير مسمى «الأمين القطري المساعد» هلال هلال، إلى «الأمين العام المساعد»، واستبدل اسم «القيادة القطرية» بـ«القيادة المركزية»، من دون أي تغيير في مهامها أو أعضائها الحاليين، كما تم استبدال تسمية (المؤتمر القطري) بعبارة (المؤتمر العام). وتم استحداث منصب «أمين سر اللجنة المركزية للحزب»، وينتخب من قبل أعضاء «اللجنة المركزية» التي واصلت اجتماعاتها، أمس الاثنين، بحسب ما أعلنته صفحة (القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي) في موقع «فيسبوك».
وقال الأسد خلال الاجتماع متوجها للبعثيين من أعضاء اللجنة المركزية بحسب وكالة الأنباء الألمانية: «سنكون أمام تحديات داخلية لن تقل خطورة عن الحرب»، مؤكدا على أن نظامه مقبل «على معركة إعادة تأهيل بعض الشرائح التي كانت حاضنة للفوضى والإرهاب كي لا تكون ثغرة»، مطالبا حزب البعث بلعب «دور في معالجة تبعات الحرب، وأن يقوم بدراسة عميقة للمجتمع والتحولات التي طرأت عليه... كي يكون قادراً على الوصول إلى مختلف شرائح المجتمع».
وتشكل منطلقات حزب البعث مرجعية السلطة في الدولة كحاكم للدولة والمجتمع بموجب الدستور، مع أنه كان خاضعا لهيمنة القائد الواحد المطلق، وجاء الأسد الابن ليلغي المادة الدستورية المتعلقة بسلطة البعث على الدولة والمجتمع، مفسحاً المجال لتدخل الأجهزة الأمنية في الحزب والإمعان في إفساده.
وكان اجتماع اللجنة المركزية قد عقد أول من أمس، بمشاركة أكثر من 80 عضواً يمثلون قيادة البعث في سوريا، ومن المنتظر أن تعلن التشكيلة الجديدة لحزب البعث خلال اجتماع أمس.
بعثي من جيل المخضرمين قال لـ«الشرق الأوسط»، إن عملية تفريغ شعارات حزب البعث من مضامينها وتحويله إلى حزب مطية للسلطة الحاكمة بدأت منذ انقلاب مارس (آذار) 1963 واكتملت في فبراير (شباط) عام 1966. لدى سيطرة الجناح اليساري على قيادة الحزب في سوريا، (صلاح جديد وحافظ الأسد). وفي عام 1970 مع انقلاب حافظ الأسد دخل البعث الذي نعرفه في غيبوبة. ورأى البعثي في الإجراءات التي يقوم بها الأسد الابن الآن، «مراسم تشييع رسمية متأخرة لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي انتسبنا إليه في شبابنا كحزب نضالي، وأخلصنا لشعاراته، وتم لاحقا تهميشنا بعد تحوله إلى جهاز سلطوي خاضع للقائد الأعلى وتعبث به أجهزته الأمنية».
معارض سوري رفض الكشف عن اسمه، رأى أن «تغيير المسميات محاولة هروب للأمام والإيهام بأن النظام يجري تغييرات بما يتوافق والتوجيهات الروسية لإعادة تأهيل النظام».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.