سقوط أخطر إرهابي مصري في ليبيا

مشاورات بين القاهرة وبنغازي لتسليمه ومحاكمته

رجال أمن ليبيون يشرفون على فحص طبي لعشماوي (في الإطار) بعد القبض عليه (الجيش الليبي)
رجال أمن ليبيون يشرفون على فحص طبي لعشماوي (في الإطار) بعد القبض عليه (الجيش الليبي)
TT

سقوط أخطر إرهابي مصري في ليبيا

رجال أمن ليبيون يشرفون على فحص طبي لعشماوي (في الإطار) بعد القبض عليه (الجيش الليبي)
رجال أمن ليبيون يشرفون على فحص طبي لعشماوي (في الإطار) بعد القبض عليه (الجيش الليبي)

سقط في قبضة الجيش الليبي، فجر أمس، هشام عشماوي، ضابط الصاعقة المصري المتهم بقيادة إرهابيين في شرق ليبيا، والمتهم مع آخرين، باستهداف سلطات القاهرة، عبر الحدود.
ويعد عشماوي أخطر إرهابي مصري اتخذ من مدينة درنة في شرق ليبيا، ملاذاً له، للعمل ضد الحكومة المصرية، بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق محمد مرسي في 2013.
وقال العميد عادل العمدة، المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية العليا بالقاهرة: «عشماوي معروف للأمن في مصر وليبيا، وأعتقد أن التعاون في ما بينهما أدى إلى الوصول إليه، أخيراً».
وقال مصدر في الاستخبارات العسكرية إنه «تم القبض على هشام علي عشماوي مسعد إبراهيم، ومعه ثلاث سيدات، ومصري متهم بالانضمام للعناصر المتطرفة يدعى بهاء علي، وليبي متهم بالانتماء إلى الجماعة الإرهابية، يدعى مرعي زغبية، وذلك في محور وسط مدينة درنة قبل فجر يوم أمس (الاثنين) بنحو نصف ساعة». وأضاف: «عملية القبض مصورة بالفيديو، لكن لم يؤذن ببثه بعد».
وبينما أفادت مصادر عسكرية ليبية بأنه تجري منذ أمس مشاورات بين الجانبين المصري والليبي، لسرعة محاكمته في إحدى الدولتين، قال اللواء محمد قشقوش، المحلل العسكري وأستاذ الأمن القومي في الأكاديمية العسكرية بالقاهرة: «أعتقد أن التعاون بين مصر وليبيا يسمح بأن يسلَّم لمصر». وأشار إلى أنه «بسقوط عشماوي تكون البنية التحتية للعناصر الإرهابية (المصرية في ليبيا) قد تعرضت لتدمير كبير».
ونشر الجيش الليبي صورة لعشماوي تُظهر الدماء على وجهه. وأكدت مصادر عسكرية ليبية أن قوات حماية درنة التابعة للجيش الذي يقوده المشير خليفة حفتر، ألقت القبض على عشرات من الإرهابيين من جنسيات مختلفة في الأسابيع الماضية، وأن عشماوي، ومصريين آخرين، كانوا من بين هؤلاء.
وقالت علياء العبيدي، الإعلامية الليبية، ابنة مدينة درنة: «المدينة ما زالت فيها خلايا نائمة كثيرة. ولا يعني القبض على عشماوي، القضاء على الإرهاب في المدينة، لكنّ سقوطه يعد ضربة قوية للإرهابيين».
وحاول عشماوي تأسيس ما أطلق عليه لبعض الوقت في درنة «الجيش المصري الحر»، إلا أن قيادته للمتطرفين المصريين في هذه المدينة الصغيرة الواقعة على بُعد نحو 250 كيلومتراً من الحدود مع مصر، تعرضت لمشكلات داخلية، بسبب قدوم قيادات من المتطرفين المصريين من سوريا والعراق.
ويضيف مصدر مطلع على تركيبة المتطرفين في شرق ليبيا أن مسمى «الجيش المصري الحر» انتهى عملياً قبل عامين، وحل محله تنظيم «المرابطون» بقيادة عشماوي الذي كان يحمل اسم «أبو عمر المهاجر».
وتابع موضحاً أن المنافسة على قيادة المتطرفين المصريين في درنة وفي الجبال والوديان المحيطة بها، خلقت مجموعات تعمل كجزر منعزلة كلٌّ منها كان يحمل اسم «المرابطون». ويضيف: «تتكون العناصر المصرية المتطرفة في درنة من خليط من جماعة أنصار بيت المقدس التي تنشط في سيناء، ومن جماعة الإخوان، ومن تنظيم القاعدة، ومن تنظيم داعش».
ووفقاً للمصدر نفسه، أسس عشماوي جماعة «أنصار الإسلام»، الأكثر قرباً لتنظيم القاعدة. وتقول السلطات المصرية إن هذه الجماعة أعلنت مسؤوليتها عن تجهيز كمين استهدف قوات للشرطة على «طريق الواحات»، جنوب غربي القاهرة، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ما أسفر عن مقتل 16 من ضباط وجنود الشرطة.
وتتهم مصر عشماوي بالوقوف وراء هجمات أخرى عدة، منها محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم عام 2013. ووفقاً لمعلومات استخباراتية، تعرض عشماويوجماعته في درنة لثلاث ضربات موجعة، فقد أصيب في غارة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفقد عدداً من مساعديه في فبراير (شباط) هذا العام، وقُتل اثنان من أبرز كاتمي أسراره في مايو (أيار) هما «أيمن (غير معروف)، والقيادي المصري المتطرف رفاعي سرور».
وقال متحدث في «غرفة الكرامة» للجيش الليبي: «عشماوي قُبض عليه في حي المغار في مدينة درنة. كان يرتدي حزاماً ناسفاً، لكنه لم يستطع تفجيره بسبب عنصر المفاجأة، وسرعة تنفيذ العملية من أفراد القوات المسلحة».
وأضاف: «وُجد مع عشماوي في أثناء القبض عليه زوجة الإرهابي المصري محمد رفاعي سرور، وأبناؤه». وأكدت زوجة سرور مقتل زوجها في عملية سابقة للجيش الليبي في بداية عمليات تحرير درنة في وقت سابق من هذا العام. من جهته أكد العميد أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أنه «من المحتمل تسليم عشماوي لمصر بعد أن تنتهي أجهزة الأمن الليبية من تحقيقاتها».
وفي القاهرة قال اللواء قشقوش: «أعتقد أن التعاون بين مصر وليبيا يسمح بأن يتم تسليم عشماوي لمصر... الجزء الخاص بالقانون الدولي يقول إنه مواطن مصري، ارتكب جريمة على أرض مصرية، والمفترض طبقاً للإنتربول الدولي، أن يسلمه الليبيون لنا، لكن لو كان ارتكب جريمة على الأرض الليبية فأعتقد أن الموضوع يختلف».
وتابع أن سقوط عشماوي كان نتيجة لتعاون استخباراتي ومعلوماتي وثيق بين مصر وليبيا ضد الإرهاب... «هذا تعاون دولي وثيق بين دولتين عربيتين جارتين لمحاربة الإرهاب. كل من تتلوث يده بدماء المصريين أو الليبيين بالإرهاب لن يفلت من العقاب، عاجلاً أو آجلاً».
وعما إذا كان القبض على عشماوي يعني نهاية للإرهابيين المصريين في ليبيا، علق قائلاً: «توجد عناصر أخرى من الإرهابيين المصريين بالتأكيد، لكن القبض على عشماوي يعد كسراً لشوكة مهمة. فهو ليس رجلاً عادياً. هو ضابط صاعقة سابق، ولديه من الحرفية والخبرة السابقة ما يكفي».
بينما قال العميد العمدة، إن القبض على عشماوي يعني الكثير... «هذا عنصر رئيسي من العناصر المدرِّبة للعناصر الإرهابية، وهو قطب إرهابي كبير، ومُخطِّط، لأنه كان يعرف بعض الخبايا داخل الأراضي المصرية. نحن بهذا قضينا على عقلية إرهابية مدمرة».
من جانبها أكدت ابنة درنة، العبيدي، التي تضررت من نار الإرهاب في مدينتها، أن «عشماوي لا يمثل مصر. فالإرهاب لا دين له ولا وطن. هو بالنسبة إلينا خارج عن القانون، والقبض عليه أمر جيد، حيث ألقت قوات الجيش القبض على جنسيات كثيرة أخرى غير ليبية، داخل درنة في الفترة الأخيرة».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.