سجالات عبر «تويتر» تربك خطط رئيس الوزراء العراقي المكلف

هيمنت على الحراك السياسي

TT

سجالات عبر «تويتر» تربك خطط رئيس الوزراء العراقي المكلف

لا يزال رئيس الوزراء العراقي المكلف عادل عبد المهدي يعبر عن أفكاره ورؤاه عن طريق الصحافة الورقية، فطوال السنوات الماضية، لا سيما بعد استقالته من كل مناصبه التنفيذية والحزبية (آخرها كقيادي في المجلس الأعلى الإسلامي) كان عموده الأسبوعي في جريدته «العدالة» يُقرأ على نطاق واسع في مختلف الأوساط السياسية والنخبوية.
وعبد المهدي، وإن ترك مواقعه، يبقى جزءاً من المشهد السياسي، وعلى اطلاع واسع على ما يجري، وبالتالي فإن ما يعبر عنه من رؤى وما يقدمه من آراء ومقترحات يعتبره كثيرون بمثابة نهج عمل لو كلف بتنفيذه. ولعل المقال الأخير قبل التكليف الذي بدا مفاجئاً قبل سواه، هو المقال الذي حمل عنوان «آسف الشروط غير متوفرة».
وكون عبد المهدي ينتمي إلى المدرسة القديمة، فإن هاتفه النقال لا يحمل تطبيق «واتساب»، مما يجعله بعيداً عن أجواء الإثارة والعصف الذهني التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي. ورغم معاناة غالبية الساسة العراقيين من «فيسبوك» الذي تحول إلى ميدان للإسقاط وتصفية الحسابات، فإن معظمهم هاجر إلى «تويتر» الذي بات يهيمن بالكامل على الحراك السياسي العراقي.
وطبقاً لما يصدر يومياً من تغريدات على «تويتر» من قبل كبار الزعماء السياسيين العراقيين، فإنه يتعين على عبد المهدي التعامل معها؛ لأن قسماً كبيراً منها يعبر عن مواقف وخطط وبرامج تتعلق بصلب عمل رئيس الوزراء. ولعل الأشهر بين هذه التغريدات هي التي تصدر عن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر.
وقال الخبير العراقي في شؤون مواقع التواصل الاجتماعي، مهند حبيب السماوي، لـ«الشرق الأوسط»، إن اهتمام الساسة العراقيين بـ«تويتر» راجع إلى «أسباب عدة، منها تأثير الرئيس الأميركي (دونالد) ترمب الذي أجاد استعمال (تويتر) في حملته الانتخابية، وللتعبير عن آرائه وأفكاره وتوجهاته».
وأضاف السماوي سبباً آخر، وهو أن «توجه العراقيين ووجودهم الحديث قي منصة (تويتر) دفع السياسي لحجز مقعد له في هذا العالم الافتراضي، وكذلك سهولة التعبير عن الفكرة وبساطتها، بدلاً من البيانات المطولة التي لا يقرأها أحد». وبيّن أن «وجود السياسيين والصحافيين في مجموعات (واتساب) يمكن من إيصال التغريدة بسرعة من خلال نشرها في هذه المجموعات».
في مقابل ذلك، فإن أحداً لا يعرف خطط عبد المهدي حتى الآن؛ حيث لم يعرض بعد نهجه الحكومي وبرنامجه الوزاري؛ لكن نصار الربيعي رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري، أبلغ «الشرق الأوسط» أن «اختيار عادل عبد المهدي لتشكيل الحكومة جاء بناء على مواصفات لا يحملها سواه، أهمها الاستقلالية والكفاءة والخبرة»، مشيراً إلى أن «الكتل السياسية تنتظر منهاج عبد المهدي الحكومي الذي بموجبه تتحدد الأولويات لديه».
ورداً على سؤال حول تنازل التيار الصدري عن حقه الانتخابي، ممثلاً بتحالف «سائرون» وترك المجال لعبد المهدي لاختيار وزراء مستقلين، قال الربيعي إن «هذا القرار يعبر عن رؤية السيد مقتدى الصدر الإصلاحية، ورغبته في إعطاء المجال التام لرئيس الوزراء، للإتيان بوزراء تكنوقراط ومستقلين»، مبينا أن «الصدر وعبر تغريداته، منح عبد المهدي عاماً كاملاً لكي يطبق البرنامج الحكومي الذي أمده أربع سنوات، والذي لا بد من أن تتبين خلال سنة ملامح تطبيقه ورؤيته، وفي حال وجدنا أن البون ما زال شاسعا بين الشعارات والتطبيق، فإن الحكومة لن تستمر».
وبينما تبدو تغريدات الصدر بمثابة مجس لرؤية الفائز الأول في الانتخابات، فإن دعوته إلى التخلي عن الاستحقاق الانتخابي أربكت خططه وخطط الكتل والأحزاب الأخرى، فرئيس الوزراء وطبقاً لما يرى سياسي عراقي تحدث إلى «الشرق الأوسط» طالبا عدم نشر اسمه: «يجد نفسه في حرج حيال ذلك؛ لأنه سيتحمل وحده المسؤولية، وهي عبء كبير في العراق؛ لا سيما مع تجذر مواقع الأحزاب والقوى والكتل السياسية، وقدرتها على التحكم في المال العام، مما يجعل مهمة عبد المهدي مزدوجة، فهي يفترض أن تكون سهلة، كونه يتحمل وحده المسؤولية، وفي حال استخدم القانون ضد الفاسدين فإنه يمكن أن يغير مسار الوضع السياسي، وهي صعبة في آن، كون الأحزاب والقوى لا تزال قدراتها أكبر من قدرة رئيس الوزراء، كما أنها تستطيع لو تحالفت ضده سحب الثقة منه داخل البرلمان، في حال مساسه بصلب مصالحها».
وبشأن منح عبد المهدي حرية اختيار الوزراء، يقول السياسي العراقي، إن «العراق نظام برلماني، وبالتالي لا بد من مشاركة الأحزاب حسب استحقاقها الانتخابي، حتى تكون شريكة رئيس الوزراء بالنجاح والفشل»، لافتاً إلى أنه «في ظل الأنظمة الديمقراطية، لا يمكن أن تنجح فرضية حكومة تكنوقراط مستقلة، في ظل وجود برلمان مكون من أحزاب لديها مقاعد، وهو ما يجعل مهمة رئيس الوزراء في غاية الصعوبة، وليس العكس». وأوضح أنه «في حال أردنا تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة، فإنه يتعين علينا تغيير النظام من برلماني إلى رئاسي».
في غضون ذلك، فإن عبد المهدي الذي يتابع ويقرأ عبر الورق، ولا يرى العالم الافتراضي وما يسطره السياسيون العراقيون من آراء ومقترحات؛ خصوصاً عبر «تويتر»، يواصل بصمت لقاءاته مع كبار المسؤولين من أجل الخروج برؤية موحدة حيال تشكيل الحكومة القادمة، التي لا يزال حتى الآن لا يعرف إن كان سيدير دفتها وحده لمدة سنة، مع فريق عليه اختياره، أو يشاركه الآخرون، كل قدر مسؤوليته.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.