طرابلس: أسباب أمنية «غامضة» تعلّق الرحلات في مطار معيتيقة

البعثة الأممية ترحب بتعديلات حكومة السراج... وجدل حول الوزراء الجدد

TT

طرابلس: أسباب أمنية «غامضة» تعلّق الرحلات في مطار معيتيقة

أعلنت مصلحة الطيران المدني في ليبيا، أمس، عن وقف مفاجئ لحركة الملاحة الجوية، لمدة ست ساعات، في مطار معيتيقة في العاصمة طرابلس، فيما أعربت بعثة الأمم المتحدة عن دعمها للتعديل الوزاري الذي أجراه فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، وشمل ثلاث حقائب وزارية، أبرزها الداخلية، على رغم الجدل الذي أثاره الوزراء الجدد.
وأرجع مطار معيتيقة الدولي القرار المفاجئ بوقف الرحلات، لما وصفه بأسباب أمنية لم يوضحها، إذ نشر خطاباً موجهاً من نصر الدين علي، رئيس مصلحة الطيران المدني، إلى شركات الطيران، يعلن فيه أنه تقرر إيقاف الملاحة الجوية من مطار معيتيقة وإليه لمدة ست ساعات متواصلة، اعتباراً من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وحتى الساعة السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي.
وسبق أن تعرض المطار أكثر من مرة للإغلاق بسبب اقتراب المعارك بين الميليشيات المسلحة من محيطه، بالإضافة إلى تعرضه لإطلاق قذائف صاروخية.
إلى ذلك، قالت البعثة الأممية لدى ليبيا، في بيان مقتضب، إنها تتمنى النجاح للوزراء الجدد في حكومة السراج، معربة عن استعدادها لدعمهم لتنفيذ الترتيبات الأمنية الجديدة في طرابلس، إلى جانب السير قدماً في الإصلاحات الاقتصادية، والسعي إلى توحيد المؤسسات الوطنية الليبية.
ونقلت وكالة «رويترز» عن محمد السلاك، المتحدث باسم السراج، قوله، في رسالة هاتفية مقتضبة، إن التعديلات أجريت «في إطار تعزيز الإصلاحات الاقتصادية والأمنية».
وكان السراج أجرى تعديلاً وزارياً شمل ثلاث حقائب، أبرزها الداخلية، حيث نصت قرارات التعديل على تكليف كل من فتحي علي باش أغا، بمهام وزير الداخلية بدلاً من العميد عبد السلام عاشور، وعلي العيساوي بمهام وزير الاقتصاد والصناعة بدلاً من نصر الدرسي، وفرج بومطاري بمهام وزير المالية بدلاً من أسامة حماد.
وباش أغا أحد نواب البرلمان الليبي عن مدينة مصراتة، وله علاقة جيدة ببعض جماعاتها المسلحة التي شارك بعضها في اشتباكات طرابلس، علماً بأنه شارك في الحوار الذي جرى في منتجع الصخيرات بالمغرب، وأدى إلى توقيع الاتفاق السياسي بين أطراف النزاع الليبي في عام 2015.
أما وزير المالية الجديد علي العيساوي، فشغل عضوية المجلس الوطني الانتقالي، الذي تولى أمور البلاد أثناء الثورة على نظام العقيد معمر القذافي عام 2011. والعيساوي شخصية بارزة من القوى المعارضة التي أطاحت بالقذافي.
وهدد الشيخ الطيب الشريف، رئيس مجلس أعيان قبائل العبيدات، بتحرك القبيلة ضد وزيري الداخلية والاقتصاد، معتبراً أن حكومة السراج قد تحولت إلى حكومة «فتنة وشقاق»، مضيفاً أنه لا يمكن الحديث عن الوفاق بعد تعيين العيساوي للاقتصاد، وفتحي باش أغا للداخلية، مشيراً إلى أن الأخير مرتبط بميليشيات «فجر ليبيا» التي شارك جزء منها في معركة مطار طرابلس. وتابع الشريف، في تصريحات نشرها موقع «المرصد» الإلكتروني الليبي، «نضطر كقبيلة لاتخاذ خطوات مؤلمة بعد هذا الاستفزاز، ونحن قادرون على تنفيذ ما نتحدث عنه». وأضاف: «لا نعلم كيف تجرأ السراج وقام بتعيين العيساوي في حكومته غير الشرعية التي فُرضت علينا من الخارج»، لافتاً إلى أن اسم العيساوي ورد في التحقيقات التي أجريت في قضية قتل اللواء عبد الفتاح يونس ورفيقيه في يوليو (تموز) 2011. وقال رئيس مجلس أعيان قبائل العبيدات، إن العيساوي لن يستطيع، مثلاً، العمل من بنغازي، لأنه مطلوب فيها للنيابة برفقة 28 آخرين على ذمة القضية.
وخلال جلسة عقدها أمس مجلس النواب بمقره في طبرق، انتقد أعضاء في البرلمان تعيين العيساوي وزيراً، كما استنكرته لجنة الدفاع والأمن القومي في المجلس، التي قالت في بيان إنه «قرار مستفز وغير مقبول»، نظراً لأن اسم العيساوي مدرج على «قوائم الإرهاب» الصادرة عن اللجنة، مشيرة إلى أنه لم تتم تبرئته حتى الآن من قضية اللواء عبد الفتاح يونس، رئيس أركان الجيش الليبي سابقاً.
من جانبهم، اعتبر 40 عضواً من أعضاء مجلس النواب الليبي عن المنطقة الغربية، أن ما يقوم به حالياً المجلس الرئاسي لحكومة السراج من خطوات لإعادة تكليف حكومة جديدة خارج الاتفاق السياسي يُعتبر «مناورة سياسية لا مبرر لها ولا طائل إيجابي من ورائها»، بل إن مثل هذا التصرف سيزيد تأزم الوضع في البلاد.
وأكد الأعضاء، في بيان صدر مساء أول من أمس في ختام اجتماع عقدوه بمدينة الزاوية، حرصهم على ضرورة إنهاء حالة الانقسام بالبلاد، وتوحيد السلطة التنفيذية والمناصب السيادية ابتداء بإعادة تشكيل المجلس الرئاسي والحكومة.
ورحب وزير المالية السابق بحكومة الوفاق أسامة حماد بقرار تعيين فرج أبو مطاري وزيراً للمالية الجديد، مؤكداً أن الوظيفة تكليف وليست تشريفاً. وأعرب في بيان أمس عن أمله بأن يكتمل برنامج الإصلاح الاقتصادي بنجاح في رفع المعاناة عن المواطن، والمساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، مؤكداً الدور المهم الذي لعبته الوزارة للمساهمة في إنجاح البرنامج الإصلاحي.
في المقابل، رأى عبد السلام نصية، رئيس لجنة الحوار بمجلس النواب مع «المجلس الأعلى للدولة»، أن «المشكلة في هذه المرحلة الصعبة ليست في الوزراء والكفاءات، ولكنها في أن تكون حكومة كل الليبيين، وتبسط سيطرتها على كل البلاد». واعتبر نصية في تغريدة له عبر موقع «تويتر»، أن «أي حكومة على رقعة جغرافية معينة، هي استمرار لتكريس الانقسام، ومحاولة لقطع الطريق على إيجاد سلطة تنفيذية موحدة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».