طبيبة نفسية تشرح: لماذا تخشى ضحية الاعتداء الجنسي إخبار أفراد أسرتها؟

كريستين بليسي فورد اتهمت القاضي بريت كافانو بالاعتداء عليها والصورة من جلسة استماع في واشنطن (أ.ب)
كريستين بليسي فورد اتهمت القاضي بريت كافانو بالاعتداء عليها والصورة من جلسة استماع في واشنطن (أ.ب)
TT

طبيبة نفسية تشرح: لماذا تخشى ضحية الاعتداء الجنسي إخبار أفراد أسرتها؟

كريستين بليسي فورد اتهمت القاضي بريت كافانو بالاعتداء عليها والصورة من جلسة استماع في واشنطن (أ.ب)
كريستين بليسي فورد اتهمت القاضي بريت كافانو بالاعتداء عليها والصورة من جلسة استماع في واشنطن (أ.ب)

منذ العام الماضي انطلقت حركة Metoo في العالم الغربي والعديد من دول العالم والتي تشجع النساء بالبوح والحديث عن تعرضهن لحوادث التحرش والاغتصاب اللاتي تعرضن لها في الماضي مما فتح الباب لتوجيه الاتهام لشخصيات عدة من بينهم مؤخرا القاضي الأميركي بريت كافانو الذي سانده رئيس بلاده دونالد ترمب للانضمام إلى المحكمة الدستورية في الولايات المتحدة بعد جلسات استماع، وقبل كافانو تم اتهام ساسة وفنانين وشخصيات عامة... الطبيبة النفسية مونيكا هيسي تشرح سبب كتمان النساء لتعرضهن لهذه الحوادث عن أقرب الناس إليهن.
تلقيت رسالة إلكترونية من رجل تعليقا على ما كتبته بشأن ظاهرة التحرش في الشوارع. وقد أبدى سعادته بأن ابنته التي في سن الدراسة الجامعية لم تتعرض لمثل هذه التجربة. لكن قبل أقل من يوم واحد، كتب لي مجددا.
كان قد تحدث لتوه مع ابنته وأخبرته أنها تعرضت للتحرش مرات عديدة أخرها كان في ذات أسبوع محادثتهما، وأنها لم تخبره بهذا الأمر لرغبتها في حمايته من الألم الذي تعانيه.
ففي حين تبقى الأراء النمطية حول كون النساء في غاية الهشاشة والعاطفية، كشفت الأسابيع الأخيرة ما تدركه العديد من النساء بالفعل، وهو أن مجهودا كبيرا يبذل في حماية الرجال الذين نحبهم من مواجهة الأمور السيئة التي تحدث لنا، والكثير من الآباء يكونون أقرب إلى هذه الأمور السيئة أكثر مما يمكنهم في يوم إدراكه.
يقول مذيع محطة فوكس الإخبارية كريس والاس متأملا على الهواء "اثنين من بناتي أخبراني قصصا لم أسمعها من قبل عن أمور جرت لهم في المدرسة الثانوية"، ، فيما كان يطالب من المشاهدين المتشكيين التفكير بعناية في شهادة كريستين بلاسي فورد الأستاذة الجامعية التي تتهم بريت كافانو المرشح قاضياً للمحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة بمحاولة اغتصابها عام 1982.
إذا كنت أب ولم تسمع من قبل مثل هذه القصص، فهذا لا يعني أنها لم تقع بالفعل. فهذه القصص تتدفق على بريدي الإليكتروني بشكل يومي تقريبا.
إلى والد السيدة الشابة التي تعرضت للاعتداء من جانب الطالب الرياضي الذي تم توظيفها لمنحه دروسا خاصة. هي لم تخبرك أبدا لأنها لم ترغب في كسر قلبك. ولكنها أخبرتني في رسالة إلكترونية مطولة، لأنى ذكرى ما جرى كانت تكسر قلبها هي، واستغرقت خمسة أعوام تعيد معايشة ما جرى لها.
إلى والد طالبة الصف الأول الثانوي التي تم محاصرتها وتجريدها من ملابسها خلال تجمع قبل ثلاثين عام، هي لم تخبرك لأنها لم ترد أن تراك تبكي. ولكنها أخبرتني أنها مازالت تتذكر تفاصيل ما جرى.
إلى والد المراهقة التي تعرضت للاغتصاب خلال حفل، أنت لا تعلم عن هذا لأنها كانت واثقة أنك لو علمت، فأنك ستبادر إلى قتل مغتصبها وتذهب إلى السجن، ويكون هذا خطأها.
إلى والد الصبي الذي تعرض للاعتداء من جانب رجل أكبر منه سنا، اتمنى لو يمكنني أن أخبرك بالمزيد عن ما تعرض له، ولكنه لم يخبرني، وحتما لن يخبرك، لأن الرجولة مهمة بالنسبة لك، هكذا يقول.
إلى جميع آباء الضحايا الصامتين، إن ابناءكم يحملون هذه القصص بهدوء، ليس لأنه لا يمكنهم التعامل مع مشاعرهم، ولكن لقلقهم أن لا تتمكنوا أنتم من ذلك.
يقلقهم أن مشاعركم سيكون لها العديد من التبعات، أو يخشون ألا تعودا تفكروا فيهم بالطريقة ذاتها، أو أنكم ستشعرون بالاضطراب لأنكم لم تقوموا بحمايتهم.
"كان ليعني ذلك أن اتحدث عن شأن جنسي."، إحدى السيدات كتبت لي عن سبب استغراقها عقود حتى تخبر أباها بتعرضها للاعتداء خلال حفل بحمام للسباحة عندما كانت في العاشرة من عمرها. " وذلك كان من التابوهات المحرم الحديث عنها."
أفكر مؤخرا في التابوهات وكيف أن الكثير منها موجود لأن النساء لا يرغبن في منح الرجال هذا الشعور بعدم الراحة عند التعامل مع آلام السيدات- وهو نطاق واسع يتضمن التقلصات، والإرضاع الطبيعي، وأحوال الأحشاء في حالة الولادة، وآلام فترة الحيض.
صديقة عزيزة كشفت هذا الأسبوع عن تعرضها للاعتداء بشكل متكرر خلال طفولتها، هي بخير الأن، وفقا لما ذكرته. والسبب الوحيد أنها لم تكشف عن ما جرى لها علنا كان أن والدها لا يعلم بما جرى، فقد كان من شأن ذلك أن يدمره. ورأت المفارقة الدرامية في ذلك، أنه حتى وهي تحاول التعافي، كانت قلقة بشأن حماية رجل من العذاب.
فقد كتبت لي: " ياالله، لقد بذل أبي الكثير من أجلي"، "وأنا استطيع وسأبذل ذلك من أجله." يبدو هذا منطقي بالنسبة لي، فجميعنا يرغب في حماية أحبائهم من تلقي الأخبار المؤلمة. فأنا لا أرغب أيضا لوالد هذه السيدة أن يتعامل مع الأمر. ولكن عندما أفكر في التكتم الشجاع لصديقتي، أجد الرغبة لدي في البكاء.
إذن فبالنسبة للباقيين منكم، إن كان يمكنكم إخبار آبائكم بطريقة تبدو آمنة، وبطريقة تحقق لكم الارتياح، فأخبروا آبائكم. إخبروا أخوانكم. اجعلوهم في وضع عدم ارتياح، اجعلوهم يشاركونكم بعض آلامكم. لا تتركوهم على جهلهم. إن كان آبائكم سيشكلون معتقدات حول كيفية تصرف الضحية وكيف يكون مقترف الجرم، إذن فاجبروهم على التعامل مع مدى تعقيد وضع مثل هذه الافتراضات بالنسبة لشخص يحبونه.
وإن كنت أنت نفسك أب، وتعتقد أن ذلك لا يمكن أن يحدث لأبنتك، كيف يمكن لك أن تتأكد؟ فهي قد لا تخبرك، ولكنها أخبرتني.
سيدة في العقد الخامس من عمرها اتصلت بي هذا الأسبوع وأخبرتني أن والدها كان من هذا النوع الذي ترغب في نيل إعجابه، والتسبب في خيبة أمله كان أسوأ ما يمكن أن تتخيله. وذلك ما سيطر على عقلها قبل أربعين عاما عندما جذبها مجموعة من فتيان الحي إلى داخل منزل وقاموا بالإعتداء عليها، أحدهم كان يراقب الباب واثنان كانا يقوما بانتهاك جسدها. كانت تفكر في أنها لا ترغب في أن تخيب أمل والدها. الأسبوع الماضي، بدأت هذه السيدة تشعر أن والدها لا يمكنه أن يعرف من هي فعلا، إلا إذا أطلعته على تفاصيل الاعتداء الذي وقع عليها. اتصلت به، وخرجت تفاصيل القصة منها متعثرة. وعلى الهاتف في هذا اليوم، وفقا لرواية السيدة، كان يتحدث أبيها بــ "صوت الوالد". وليس الصوت الراشد الذي اعتاد استخدامه عندما يتحدثا هذه الأيام. ولكنه كان يستخدم صوته المرتبط بطفولتها، فيحاول تهدئتها والتعامل معها بأبوة.
وبـــ "صوت الوالد"، أخبرها أنه ليس عليها إخباره القصة كاملة الآن، ولكن عندما تكون على استعداد، كان يرغب في الاستماع لها.


مقالات ذات صلة

ضحية حادث الاغتصاب الجماعي في فرنسا تتحدث عن «محاكمة جبانة»

أوروبا جيزيل بيليكو (أ.ف.ب)

ضحية حادث الاغتصاب الجماعي في فرنسا تتحدث عن «محاكمة جبانة»

انتقدت ضحية حادث الاغتصاب الجماعي، جيزيل بيليكو، بشدة شهادة عدد من المتهمين في المحاكمة المتعلقة بعدد من جرائم الاغتصاب في جنوب فرنسا.

«الشرق الأوسط» (أفينون (فرنسا))
الولايات المتحدة​ بيت هيغسيث خلال مقابلة سابقة مع ترمب في 2017 (رويترز)

فريق ترمب يراجع ترشيح بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع

استُبعد هيغسيث من حفل تنصيب بايدن في عام 2021، بسبب وشم لشعار يرفعه متطرفون بيض.

إيلي يوسف (واشنطن)
شمال افريقيا محمد الفايد (رويترز)

3 نساء يتهمن شقيق محمد الفايد باغتصابهن

اتهمت 3 نساء كنّ يعملن في متجر «هارودز» في لندن، صلاح الفايد، شقيق محمد الفايد، باغتصابهن عندما كان الرجلان يملكان المتجر الشهير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم محمد الفايد (أ.ف.ب)

موظفة سابقة في «هارودز» تتهم الفايد بالاتجار بالبشر

في سياق الاتهامات الأخيرة المثيرة للجدل ضد الملياردير الراحل محمد الفايد، رفعت موظفة سابقة دعوى قضائية أمام محكمة فيدرالية في الولايات المتحدة، تتهم فيها…

العالم  
المديرة التنفيذية لـ«يونيسف» كاثرين راسل (الأمم المتحدة)

«يونيسف»: تعرّض واحدة من كل 8 نساء لاعتداء جنسي قبل ‏بلوغها 18 عاماً

تعرّضت أكثر من 370 مليون فتاة وامرأة في مختلف أنحاء العالم للاغتصاب أو لاعتداءات جنسية خلال طفولتهن أو مراهقتهن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».