ليبيا: وزراء جدد للداخلية والمالية والاقتصاد في أهم تعديل لحكومة الوفاق

طلاب يعاينون نموذج طابعة ابتكرها أحدهم في إطار مسابقة عرضت نتائجها في مدينة زليطن (رويترز)
طلاب يعاينون نموذج طابعة ابتكرها أحدهم في إطار مسابقة عرضت نتائجها في مدينة زليطن (رويترز)
TT

ليبيا: وزراء جدد للداخلية والمالية والاقتصاد في أهم تعديل لحكومة الوفاق

طلاب يعاينون نموذج طابعة ابتكرها أحدهم في إطار مسابقة عرضت نتائجها في مدينة زليطن (رويترز)
طلاب يعاينون نموذج طابعة ابتكرها أحدهم في إطار مسابقة عرضت نتائجها في مدينة زليطن (رويترز)

أجرى رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج تعديلاً وزارياً مفاجئاً أمس، عيَّن بموجبه ثلاثة وزراء للداخلية والاقتصاد والمالية، فيما تنتظر العاصمة طرابلس بدء تطبيق خطة الترتيبات الأمنية الجديدة لاستبدال الميليشيات المسلحة في المدينة بقوات نظامية، رغم اندلاع مواجهات في مدينتي الزاوية والخمس غرب البلاد.
وأصدر السراج قراراً بتعيين فتحي باش آغا وزيراً للداخلية بدلاً من عبد السلام عاشور، وتعيين علي العيساوي وزيراً للاقتصاد والصناعة وفرج بومطاري وزيراً للمالية، فيما عيّن بشير القنطري رئيساً للهيئة العامة للشباب والرياضة.
ومعروف أن باش آغا قيادي سابق في المجلس العسكري بمصراتة وشارك في ثورة 17 فبراير التي أطاحت العقيد معمر القذافي ثم انتخب نائباً عن مدينته في مجلس النواب الذي يتخذ من طبرق مقراً له، ما أهَّله المشاركة في اتفاق الصخيرات الذي انبثقت عنه الحكومة. ويعتقد أن باش آغا يملك لا يزال يملك نفوذاً بين القيادات الميليشياوية في مصراتة يؤهله لتحييدها أو نيل دعمها لحكومة طرابلس.
وجاء تغيير وزير الداخلية، فيما تستعد الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة لتنفيذ خطة الترتيبات الأمنية الجديدة التي ستسمح بإشراف قوات نظامية ورسمية على المواقع والمقرات الحكومية والسيادية، التي كانت الميليشيات المسلحة تتولى في السابق تأمينها داخل طرابلس.
وقبل ساعات قليلة من تعيين باش آغا، قام سلفه عاشور بزيارة مقر الإدارة العامة للأمن المركزي للوقوف على تنفيذ الخطة الأمنية داخل طرابلس بمشاركة جميع الأجهزة الأمنية التابعة للوزارة. وأكد عاشور خلال كلمة له على الدور التي يقوم به رجال الأمن، قبل أن يدعو جميع رجال الشرطة للالتفاف حول قادتهم وأن يكونوا سواعد لبناء الوطن.
وكانت لجنة الترتيبات الأمنية لطرابلس الكبرى أعلنت، مساء أول من أمس، أنها قدمت لحكومة السراج تقريرا بنتائج عملها في الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته البعثة الأممية أخيراً بين الميليشيات المسلحة في طرابلس.
وقالت اللجنة إن توصياتها تضمنت تشكيل القوة المكلفة تنفيذ الخطة الأمنية لطرابلس الكبرى، والقوات المكلفة بحماية وتأمين المؤسسات والمنشآت الحيوية التي من المفتَرَض أن تحل محل التشكيلات والميليشيات المسلحة.
وأعلن غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا الشهر الماضي تنفيذ حزمة من الترتيبات الأمنية الجديدة في طرابلس، تشكل بموجبها قوة مشتركة من العسكريين ورجال الشرطة النظاميين، تضطلع بمهمة تأمين المقرات والمواقع الحيوية.
وتأتي هذه التحركات، عقب اندلاع اشتباكات شهدتها أطراف العاصمة، خصوصاً في الجنوب، بين قوات حكومة السراج و«اللواء السابع» في ترهونة، دامت شهراً كاملاً، قبل أن تنجح وساطة قادتها الأمم المتحدة في إيقافها، بعدما أدَّت إلى سقوط 117 قتيلاً وإصابة 581 شخصاً بجروح.
ورغم تحسُّن الوضع الأمني في طرابلس، شهدت مدينة الزاوية اشتباكات مفاجئة ومحدودة، مساء أول من أمس، إثر مصرع أحد العناصر المسلحة على يد مسلح آخر في المدينة التي تبعد 40 كيلومتراً فقط غرب طرابلس، وتُعدّ رابع أكبر مدن ليبيا من حيث عدد السكان.
وفى مدينة الخمس، وقعت مواجهات مسلحة بين مجموعتين ما أدى إلى إصابة منزل بصاروخ «آر بي جي» وإغلاق طرق في المدينة، قبل أن تتدخل قوات جهاز مكافحة الجريمة لفض الاشتباكات وإعادة الهدوء.
الاقتصاد والمالية
وشملت التعديلات الحكومية حقيبة الاقتصاد والصناعة التي كلف بها العيساوي، وهو تكنوقرطي من بنغازي شغل الحقيبة ذاتها في عهد العقيد معمر القذافي، قبل أن يستقيل في خطوة نادرة ويُعين سفيراً لدى الهند. ومعروف عن العيساوي انتماؤه إلى مجموعة «ليبيا الغد» التي كانت محسوبة على سيف، قبل انضمامه إلى «17 فبراير» وتوليه ملف الخارجية في «حكومة» المجلس الوطني الانتقالي التي رأسها محمود جبريل. ومعلوم أن العيساوي لا يزال مطلوباً لدى القضاء في ملف اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس في مستهل ثورة «17 فبراير».
أما فرج بومطاري الذي عين وزيراً للمالية فهو مصرفي متخصص حائز ماجستير محاسبة من جامعة بنغازي، ويعتقد أنه مقرب من حاكم المصرف المركزي في طرابلس الصديق الكبير وأيضا من غريمه الحبري المحسوب على حكومة البيضاء.
حوار
من جهة أخرى، أعلن عبد السلام نصية رئيس وفد مجلس النواب للحوار مع المجلس الأعلى للدولة، قرب عقد مجلس الدولة اجتماعاً بمقره في طرابلس، لم يحدد موعده، للتصويت على آلية اختيار المجلس الرئاسي، مشيراً في تغريدة له عبر موقع «تويتر» إلى أن هذه الآلية أحيلت رسمياً لأعضاء مجلس الدولة وبعثة الأمم المتحدة.
واعتبر نصية أن هذه الآلية نتاج حوار طويل بين أعضاء من مجلسي النواب والدولة، معرباً عما وصفه بثقته الكبيرة «في اتخاذ القرار المناسب وتهيئة البلاد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي كانت تخطط البعثة الأممية لإجرائها قبل نهاية العام الحالي، وجرى تأجيلها بسبب التعقيدات الأمنية والسياسية».
وعقد 40 من أعضاء مجلس النواب اجتماعاً أمس بمصفاة الزاوية للتشاور حول اختيار الآلية للمجلس الرئاسي الجديد للحكومة، الذي يُفترَض أن يقتصر على ثلاثة أعضاء فقط: رئيس ونائبين بدلاً من تكوينه الحالي الذي يضم تسعة أعضاء، برئاسة السراج.
ملف الهجرة
إلى ذلك، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن هناك أكثر من 600 ألف مهاجر غير نظامي يوجَدون حالياً في ليبيا. وقال بيان لمكتب المنظمة إنها أحصت شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) الماضيين، وجود 669 ألف مهاجر على الأقل في ليبيا، مشيرة إلى وجودهم في 100 بلدية ضمن 554 مجتمعاً، حيث قدموا من أكثر من 41 دولة، وأوضح البيان أن الجنسيات الخمس الأولى لهؤلاء المهاجرين هي: النيجر ومصر وتشاد والسودان ونيجيريا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».