ليبيا: وزراء جدد للداخلية والمالية والاقتصاد في أهم تعديل لحكومة الوفاق

طلاب يعاينون نموذج طابعة ابتكرها أحدهم في إطار مسابقة عرضت نتائجها في مدينة زليطن (رويترز)
طلاب يعاينون نموذج طابعة ابتكرها أحدهم في إطار مسابقة عرضت نتائجها في مدينة زليطن (رويترز)
TT
20

ليبيا: وزراء جدد للداخلية والمالية والاقتصاد في أهم تعديل لحكومة الوفاق

طلاب يعاينون نموذج طابعة ابتكرها أحدهم في إطار مسابقة عرضت نتائجها في مدينة زليطن (رويترز)
طلاب يعاينون نموذج طابعة ابتكرها أحدهم في إطار مسابقة عرضت نتائجها في مدينة زليطن (رويترز)

أجرى رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج تعديلاً وزارياً مفاجئاً أمس، عيَّن بموجبه ثلاثة وزراء للداخلية والاقتصاد والمالية، فيما تنتظر العاصمة طرابلس بدء تطبيق خطة الترتيبات الأمنية الجديدة لاستبدال الميليشيات المسلحة في المدينة بقوات نظامية، رغم اندلاع مواجهات في مدينتي الزاوية والخمس غرب البلاد.
وأصدر السراج قراراً بتعيين فتحي باش آغا وزيراً للداخلية بدلاً من عبد السلام عاشور، وتعيين علي العيساوي وزيراً للاقتصاد والصناعة وفرج بومطاري وزيراً للمالية، فيما عيّن بشير القنطري رئيساً للهيئة العامة للشباب والرياضة.
ومعروف أن باش آغا قيادي سابق في المجلس العسكري بمصراتة وشارك في ثورة 17 فبراير التي أطاحت العقيد معمر القذافي ثم انتخب نائباً عن مدينته في مجلس النواب الذي يتخذ من طبرق مقراً له، ما أهَّله المشاركة في اتفاق الصخيرات الذي انبثقت عنه الحكومة. ويعتقد أن باش آغا يملك لا يزال يملك نفوذاً بين القيادات الميليشياوية في مصراتة يؤهله لتحييدها أو نيل دعمها لحكومة طرابلس.
وجاء تغيير وزير الداخلية، فيما تستعد الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة لتنفيذ خطة الترتيبات الأمنية الجديدة التي ستسمح بإشراف قوات نظامية ورسمية على المواقع والمقرات الحكومية والسيادية، التي كانت الميليشيات المسلحة تتولى في السابق تأمينها داخل طرابلس.
وقبل ساعات قليلة من تعيين باش آغا، قام سلفه عاشور بزيارة مقر الإدارة العامة للأمن المركزي للوقوف على تنفيذ الخطة الأمنية داخل طرابلس بمشاركة جميع الأجهزة الأمنية التابعة للوزارة. وأكد عاشور خلال كلمة له على الدور التي يقوم به رجال الأمن، قبل أن يدعو جميع رجال الشرطة للالتفاف حول قادتهم وأن يكونوا سواعد لبناء الوطن.
وكانت لجنة الترتيبات الأمنية لطرابلس الكبرى أعلنت، مساء أول من أمس، أنها قدمت لحكومة السراج تقريرا بنتائج عملها في الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته البعثة الأممية أخيراً بين الميليشيات المسلحة في طرابلس.
وقالت اللجنة إن توصياتها تضمنت تشكيل القوة المكلفة تنفيذ الخطة الأمنية لطرابلس الكبرى، والقوات المكلفة بحماية وتأمين المؤسسات والمنشآت الحيوية التي من المفتَرَض أن تحل محل التشكيلات والميليشيات المسلحة.
وأعلن غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا الشهر الماضي تنفيذ حزمة من الترتيبات الأمنية الجديدة في طرابلس، تشكل بموجبها قوة مشتركة من العسكريين ورجال الشرطة النظاميين، تضطلع بمهمة تأمين المقرات والمواقع الحيوية.
وتأتي هذه التحركات، عقب اندلاع اشتباكات شهدتها أطراف العاصمة، خصوصاً في الجنوب، بين قوات حكومة السراج و«اللواء السابع» في ترهونة، دامت شهراً كاملاً، قبل أن تنجح وساطة قادتها الأمم المتحدة في إيقافها، بعدما أدَّت إلى سقوط 117 قتيلاً وإصابة 581 شخصاً بجروح.
ورغم تحسُّن الوضع الأمني في طرابلس، شهدت مدينة الزاوية اشتباكات مفاجئة ومحدودة، مساء أول من أمس، إثر مصرع أحد العناصر المسلحة على يد مسلح آخر في المدينة التي تبعد 40 كيلومتراً فقط غرب طرابلس، وتُعدّ رابع أكبر مدن ليبيا من حيث عدد السكان.
وفى مدينة الخمس، وقعت مواجهات مسلحة بين مجموعتين ما أدى إلى إصابة منزل بصاروخ «آر بي جي» وإغلاق طرق في المدينة، قبل أن تتدخل قوات جهاز مكافحة الجريمة لفض الاشتباكات وإعادة الهدوء.
الاقتصاد والمالية
وشملت التعديلات الحكومية حقيبة الاقتصاد والصناعة التي كلف بها العيساوي، وهو تكنوقرطي من بنغازي شغل الحقيبة ذاتها في عهد العقيد معمر القذافي، قبل أن يستقيل في خطوة نادرة ويُعين سفيراً لدى الهند. ومعروف عن العيساوي انتماؤه إلى مجموعة «ليبيا الغد» التي كانت محسوبة على سيف، قبل انضمامه إلى «17 فبراير» وتوليه ملف الخارجية في «حكومة» المجلس الوطني الانتقالي التي رأسها محمود جبريل. ومعلوم أن العيساوي لا يزال مطلوباً لدى القضاء في ملف اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس في مستهل ثورة «17 فبراير».
أما فرج بومطاري الذي عين وزيراً للمالية فهو مصرفي متخصص حائز ماجستير محاسبة من جامعة بنغازي، ويعتقد أنه مقرب من حاكم المصرف المركزي في طرابلس الصديق الكبير وأيضا من غريمه الحبري المحسوب على حكومة البيضاء.
حوار
من جهة أخرى، أعلن عبد السلام نصية رئيس وفد مجلس النواب للحوار مع المجلس الأعلى للدولة، قرب عقد مجلس الدولة اجتماعاً بمقره في طرابلس، لم يحدد موعده، للتصويت على آلية اختيار المجلس الرئاسي، مشيراً في تغريدة له عبر موقع «تويتر» إلى أن هذه الآلية أحيلت رسمياً لأعضاء مجلس الدولة وبعثة الأمم المتحدة.
واعتبر نصية أن هذه الآلية نتاج حوار طويل بين أعضاء من مجلسي النواب والدولة، معرباً عما وصفه بثقته الكبيرة «في اتخاذ القرار المناسب وتهيئة البلاد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي كانت تخطط البعثة الأممية لإجرائها قبل نهاية العام الحالي، وجرى تأجيلها بسبب التعقيدات الأمنية والسياسية».
وعقد 40 من أعضاء مجلس النواب اجتماعاً أمس بمصفاة الزاوية للتشاور حول اختيار الآلية للمجلس الرئاسي الجديد للحكومة، الذي يُفترَض أن يقتصر على ثلاثة أعضاء فقط: رئيس ونائبين بدلاً من تكوينه الحالي الذي يضم تسعة أعضاء، برئاسة السراج.
ملف الهجرة
إلى ذلك، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن هناك أكثر من 600 ألف مهاجر غير نظامي يوجَدون حالياً في ليبيا. وقال بيان لمكتب المنظمة إنها أحصت شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) الماضيين، وجود 669 ألف مهاجر على الأقل في ليبيا، مشيرة إلى وجودهم في 100 بلدية ضمن 554 مجتمعاً، حيث قدموا من أكثر من 41 دولة، وأوضح البيان أن الجنسيات الخمس الأولى لهؤلاء المهاجرين هي: النيجر ومصر وتشاد والسودان ونيجيريا.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.