الهبر يحذّر من تداعيات تراجع الاهتمام الدولي بلبنان

النائب الكتائبي السابق يرجّح تشكيل حكومة لصالح {محور الممانعة}

النائب اللبناني السابق فادي الهبر
النائب اللبناني السابق فادي الهبر
TT

الهبر يحذّر من تداعيات تراجع الاهتمام الدولي بلبنان

النائب اللبناني السابق فادي الهبر
النائب اللبناني السابق فادي الهبر

أبدى النائب السابق في حزب الكتائب، فادي الهبر، تخوفه من تأثير العقوبات الأميركية تجاه طهران و«حزب الله» على لبنان، مرجحاً تشكيل حكومة غير متوازنة لصالح المحور الإيراني الذي يعمل على الإمساك بالورقة اللبنانية.
ورأى الهبر في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن هناك تراجعاً واضحاً من قبل دول القرار عن الملف اللبناني وتعقيداته، موضحاً أن «هذا التراجع بدا جلياً خلال تواجد رئيس الجمهورية ميشال عون في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث لم يحظ لبنان باهتمام المجتمع الدولي، وفي كلمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إضافة إلى غياب لقاءات عون مع الرئيس ترمب إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرؤساء الأوروبيين بشكل عام؛ ما يعني أن هناك تراجعاً واضحاً من قبل دول القرار عن الملف اللبناني وتعقيداته.
ورأى الهبر أنه سيكون للعقوبات التي فرضتها واشنطن والدول الكبرى على طهران تأثيرها السلبي تجاه لبنان: «الأمر الذي سيشكل ضرراً وإعاقة في جسد النظام اللبناني الذي يقف إلى جانب محور الممانعة، وبالتالي يعيش وطننا انفصاماً كاملاً على المستوى الرئاسي في سياق إدارته البلد، عبر عدم التمييز بين الدولة والدويلة التي تربو على حساب الدولة ومؤسساتها؛ مما يرتب ضرراً آخر على المنطق السيادي الذي دفعنا ثمنه غالياً لخروج نظام الوصاية من لبنان». من هنا، يعتبر أن هذا الانفصام ينسحب أيضاً على أداء حكومة تصريف الأعمال متوقعاً أنه لن يتغير في الحكومة المقبلة التي يبدو واضحاً أنها ستكون فاقدة للتوازن الوطني وغير قادرة على متابعة نتائج مؤتمر سيدر، لافتاً إلى اعتقاده «بوجود ثمة تراجع أوروبي مريب حيال دعم لبنان، ناتج من هذا الانفصام من خلال سير هذا النظام في المحور الإيراني».
وعن مدى انعكاس العقوبات على إيران و«حزب الله» على الداخل اللبناني، يخلص النائب السابق فادي الهبر بالقول «من الواضح تلك العقوبات ستشكل عوامل سلبية إضافية على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية، وبالتالي ستضعنا في خانة (شلّ) العهد في السنين الأربع المتبقية له؛ إذ هناك تغير دولي أميركي - روسي في التعاطي على مستوى المنطقة، ناهيك إلى التحولات والمتغيرات المحورية في المنطقة، ومن ثم فقدان إيران للورقة السورية وسعيها للإمساك أكثر وأكثر بالورقة اللبنانية من خلال دور (حزب الله) الذي يخدم المشروعات الإيرانية».
وفي حين يستبعد أن تسعى الحكومة المقبلة إلى وضع الاستراتيجية الدفاعية موضع الاهتمام، يبدي الهبر اعتقاده أنها ستجاري المحور الإيراني و«حزب الله»، وستسلك السياسة الإيرانية التي تعمل وتسعى للإمساك بالورقة اللبنانية بكل مفاصلها، وهو ما تعكسه كذلك بعض المواقف لكبار المسؤولين الذين يعقدون الصفقات السياسية والاقتصادية ويسيرون في تسويات تسيء للدور السيادي الذي قدمنا لأجله الشهداء.
وكونه كان أحد أركان مصالحة الجبل عندما انطلق الحوار بين حزب الكتائب والحزب التقدمي الاشتراكي، اعتبر النائب السابق فادي الهبر، أن العهد لم يراعِ خصوصية الجبل من خلال التحالفات الانتخابية وخلال الانتخابات وما بعدها، لتدعيم وتحصين هذه المصالحة التي وضع أسسها حزب الكتائب مع الحزب التقدمي الاشتراكي، مؤكداً أنه «من الضرورة بمكان أن يحمي العهد وسائر المكونات السياسية هذه المصالحة؛ لأنه بهذه الحماية نحمي لبنان واستقراره باعتبار الجبل هو ضمانة لبنان بمكوناته السياسية والروحية كافة».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.