الشرطة تنفي تورط متنفذين في تهريب نفط جنوب العراق

TT

الشرطة تنفي تورط متنفذين في تهريب نفط جنوب العراق

شدد مدير شرطة نفط جنوب العراق العميد علي المياحي على عدم وجود أدلة على تورط جهات سياسية في تهريب النفط الخام ومشتقاته في محافظة البصرة، رغم تأكيد سياسيين ورجال شرطة وموظفين من المحافظة ضلوع جهات حزبية وميليشيات متنفذة في التهريب منذ سنوات.
وقال العميد المياحي في مؤتمر صحافي عقده في البصرة، أمس، على خلفية تمكن قواته من إلقاء القبض على عصابة تهريب مؤلفة من 19 شخصاً ومصادرة شاحنات ومعدات التهريب الخاصة بهم، إن «التحقيقات مع المهربين والإفادات التي أدلوا بها لم تثبت لدينا وقوف أي جهة سياسية وراء هذه العصابات، إنما مجرد أشخاص يمتهنون التهريب ويعتبرونه تجارة رابحة».
وتشرف شرطة نفط الجنوب على محافظات البصرة والناصرية وميسان والمثنى التي تنتج 90 في المائة من إجمالي نفط البلاد. وأشار إلى أساليب مختلفة يتبعها المهربون لسرقة النفط وبيعه محلياً لمعامل الطابوق أو خلطه مع مواد أخرى لتحويله إلى مواد تدخل في أعمال البناء ورصف الشوارع، لكنه لم يشر إلى بيعه خارج العراق عبر منصات تهريب تؤكد مصادر كثيرة في البصرة وجودها.
وكشف المياحي عن أن «المهربين يستعينون بأشخاص من محافظات ديالى والأنبار والموصل لنقل الصهاريج المهربة، عن طريق الخداع أو الاستدراج حتى لا يقع المسؤول الأول عن التهريب تحت طائلة العقاب، وهناك شخصان من الموصل وكركوك ضمن المجموعة الـ19 التي ألقينا القبض عليها قبل يومين». ولفت إلى أن «الصهاريج المهربة تعبر السيطرات (الحواجز الأمنية) المحلية من خلال تزوير أختام لوزارة النفط وبعض الجهات الأمنية، وضبطنا في الشهر الماضي فقط نحو 20 صهريجاً مهرباً سعة 36 ألف لتر من النفط الخام».
لكن النائب عن محافظة البصرة رامي السكيني يؤكد ضلوع أحزاب وجهات متنفذة تقف وراء العملية التي تحولت إلى «ظاهرة تهدد ثروة البلاد ومستقبلها». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليست هناك جهة واحدة تعمل بمفردها على تهريب النفط، إنما جهات عدة تنسق أعمالها فيما بينها. القصة ليست جديدة، لكن المقلق أنها بدأت تتحول من مجرد حالة إلى ظاهرة واسعة الانتشار تقف خلفها أحزاب وعصابات ومسؤولون متنفذون».
ولا يقلل السكيني من الجهود التي تبذلها الجهات الأمنية في سبيل مكافحة ظاهرة تهريب النفط، لكنه يعتقد أن «الأمر بحاجة إلى تضافر جميع الجهود لمكافحة هذه الآفة التي تهدد ثروة البلاد وتذهب إلى جيوب الجشعين بدلاً عن ذهابها إلى جيوب الفقراء في البصرة وغيرها».
ورأى أن «عملية المكافحة يجب أن تتم على مستوى عالٍ من التنسيق بين الجهات الأمنية والقضاء، كذلك يجب أن يساهم المواطن بالقضاء عليها عبر تقديم البلاغات عن حالات التهريب والمهربين». وكشف عن أن «لدى النواب عن البصرة في هذه الدورة أولوية قصوى في محاربة تهريب النفط وسنسعى لوضع المقررات التي من شأنها الحفاظ على الثروة النفطية».
من جهة أخرى، يرى مصدر أمني في محافظة البصرة أن «الجهات الأمنية غير قادرة على الإعلان عن كل ما تعرفه بشأن ملف تهريب النفط». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجميع يعرف المهربين والجهات التي يرتبطون بها، لكن لا أحد يستطيع أن يشير إليهم بالاسم لأنهم يخشون نفوذهم، فذلك يكلفه حياته أو نقله إلى أبعد مكان عن منطقة سكنه في أضعف الإيمان، وكل ما يستطيعون القيام به هو مسك صغار المتورطين بالتهريب والسائقين».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.