تونس: «النهضة» تعقد اجتماعها الاستثنائي للحسم في خطها السياسي

المعارضة ترفض مشروع قانون انتخابي يقصي 16 حزبا من البرلمان

TT

تونس: «النهضة» تعقد اجتماعها الاستثنائي للحسم في خطها السياسي

عقدت حركة النهضة، أمس، اجتماعا استثنائيا لمجلس الشورى التابع لها يستمر إلى غاية مساء اليوم (الأحد)، وذلك للحسم في عدد من الملفات، وفي مقدمتها «التوافق السياسي» بين رئيس النهضة ورئيس الجمهورية، ومصير الدعم الذي تقدمه «النهضة» لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، علاوة على الاتهامات التي وجهتها لها «الجبهة الشعبية اليسارية» في قضية الاغتيال السياسي لكل من القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي، اللذين تعرضا للتصفية الجسدية سنة 2013 إبان حكم حركة النهضة ضمن الترويكا الحاكمة. ومن المنتظر أن يكون، حسب عدد من المراقبين، اجتماعا ساخنا محوره «تعديل بوصلة التوافق السياسي نحو قصر الحكومة في القصبة، تحت رئاسة يوسف الشاهد، أو إعادتها إلى قصر قرطاج (رئيس الدولة)».
وحسب المحلل السياسي التونسي خليل الحناشي، فإن حركة النهضة ستقف «حكما» بين يوسف الشاهد في حال مواصلة دعمها للحكومة بهدف الحفاظ على الاستقرار السياسي، وبين حافظ قائد السبسي، المدير التنفيذي لحزب النداء ونجل الرئيس الحالي، الذي يدعو إلى الإطاحة بحكومة الشاهد ورئيسها. كما سيتحتم عليها خلال هذا الاجتماع اختيار الطرف الذي تتوافق معه، قبل نحو سنة من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.
وأوضح الحناشي أن «انتصار» الغنوشي «مؤقتا» لصف الشاهد، على حساب نجل رئيس الجمهورية، سيخلف تداعيات على «الاستقرار السياسي المنشود»، الذي ظل يردده الغنوشي للتمسك بالحكومة ورئيسها.
ويجمع عدد من المراقبين على أن حركة النهضة تعيش تحت ضغط بعض قياداتها، التي عبرت في رسالة وجهتها إلى رئيس الحركة راشد الغنوشي عن امتعاضها من قرار كسر التوافق مع رئيس الجمهورية، وانتقادها الصريح لرئيس الحكومة الحالية يوسف الشاهد.
من جهة ثانية، أعلنت مجموعة من الأحزاب المعارضة، الممثلة في البرلمان، رفضها القاطع لما تضمنه مشروع القانون الانتخابي الجديد، الذي عرضته الحكومة على أنظار لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية (لجنة برلمانية)، وانتقدت بشدة مقترح رفع عتبة الدخول إلى البرلمان من نسبة 3 في المائة من أصوات الناخبين حاليا إلى 5 في المائة، وفق ما تضمنه هذا المشروع الجديد، وهو ما يعني حرمان نحو 16 حزبا سياسيا من التواجد في البرلمان.
ويضبط هذا القانون، الذي يدعمه بقوة حزب النداء، طريقة إجراء الانتخابات من ناحية، وضبط مقاييس الدوائر الانتخابية، وتحديد عدد مقاعدها من ناحية ثانية، علما بأن البرلمان مطالب بإصدار قانون يتعلق بتقسيم الدوائر قبل سنة من موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من السنة المقبلة.
ومن المنتظر دعوة الجهة المبادرة لطرح هذا القانون، وهي الحكومة والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، للاستماع إليهما بخصوص هذا المشروع.
وبخصوص الدوائر الانتخابية، وهو الموضوع الأكثر إثارة للجدل، فإن المقترح يتضمن الإبقاء على الصيغة نفسها المعتمدة سنة 2011. مع تحديث المؤشرات السكانية «والأخذ بعين الاعتبار تطور السكان، ليصبح بذلك عدد نواب البرلمان في حدود 231 نائباً، بينهم من يمثلون التونسيين في الخارج، وذلك عوض 217 نائبا»، وهي النسبة الموجود حالياً. وفي هذا الصدد، قال رضا الدلاعي، القيادي في حزب التيار الشعبي المعارض، لـ«الشرق الأوسط» إن الائتلاف الحاكم «يحاول توجيه الرأي العام نحو الاهتمام بتنقيح القانون الانتخابي، من أجل التغطية على فشله الاقتصادي والحكومي»، معتبرا أن الغاية من وراء رفع نسبة العتبة الانتخابية هي إقصاء الأحزاب الديمقراطية الوسطية، وبالتالي إقصاء عدد هام من الأحزاب من المشهد السياسي، ومن المشاركة الديمقراطية داخل قبة البرلمان، على حد تعبيره.
وتوقع الدلاعي أن تفشل الحكومة في احترام الآجال القانونية للمصادقة على هذا القانون الانتخابي، وذلك بالنظر إلى ما عرفته جلسات برلمانية سابقة من خلافات تحت قبة البرلمان حول هذا القانون، وبقية القوانين الخلافية.
وفي حال تطبيق القواعد الجديدة على نتائج الانتخابات البرلمانية، التي جرت سنة 2014. فإن حزبين سياسيين فقط سيتقاسمان المقاعد البرلمانية، هما حزب «نداء تونس» الحاصل على 37.56 في المائة من الأصوات، و«حركة النهضة»، التي حصلت على 27.29 في المائة من الأصوات. فيما ستغيب أحزاب «الاتحاد الوطني الحر» (16 مقعداً)، و«تحالف الجبهة الشعبية» (15 مقعداً)، و«آفاق تونس» (8 مقاعد) عن البرلمان، لحصولها على أقل من 5 في المائة من أصوات الناخبين.
أما الأحزاب والائتلافات الانتخابية والقوائم المستقلة، التي كانت ممثلة بنائب إلى أربعة نواب، وعددها 13 حزباً سياسيا، فإنها لن تكون ممثلة في البرلمان المقبل إذا تمت المصادقة على القانون الانتخابي الجديد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».