سوق العمل التونسية غير قادرة على استيعاب وافدين جدد

55 ألف طالب عمل يدخلونها كل عام

سوق العمل التونسية غير قادرة على استيعاب وافدين جدد
TT

سوق العمل التونسية غير قادرة على استيعاب وافدين جدد

سوق العمل التونسية غير قادرة على استيعاب وافدين جدد

قال فوزي عبد الرحمن، الوزير التونسي للتكوين المهني والتشغيل، إن سوق الشغل التونسية تستقبل سنويا قرابة 55 ألف طالب شغل جدي، ولا تتمكن من تلبية سوى 40 ألف فرصة عمل أغلبها في القطاع الخاص، وهو ما يعني تراكم أعداد العاطلين عن العمل من سنة إلى أخرى بمعدل لا يقل عن 15 ألفا في السنة.
واعتبر عبد الرحمن أن سوق العمل التونسية محدودة الإمكانيات على مستوى التوظيف في القطاع العام الذي يستوعب أكثر من طاقته الفعلية، وأن الشراكة المنتظرة بين القطاع العام والخاص يمكن أن تضطلع بجانب من هذه المهمة إذا ما توفر مناخ استثمار مقبول.
ويوفر البنك التونسي للتضامن (بنك حكومي) سنويا قرابة 13 ألف قرضا لأصحاب المشروعات الاقتصادية من الفئات الشبابية، ويتم توجيه 40 في المائة من هذه القروض لصالح مشروعات التوسعة وتطوير مجال نشاط تلك المشروعات، في حين توجه النسبة المتبقية نحو المشروعات الجديدة.
وكان صندوق النقد الدولي قد أوصى السلطات التونسية بضرورة تخفيض نفقات الأجور الحكومية من أكثر من 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 12 في المائة فقط، وهو ما دفع الحكومة للحد من الانتدابات في القطاع العام خلال سنتي 2018 و2019. استجابة لهذه التوصية المرتبطة بأقساط من قرض متفق بشأنه (بنحو 2.9 مليار دولار).
ويتطلب توفير نحو 16 ألف فرصة عمل تحقيق نمو اقتصادي إضافي بنحو 1 في المائة على مستوى الناتج المحلي للبلاد، ومن المنتظر أن تبلغ نسبة النمو الاقتصادي في تونس مع نهاية السنة حدود 3 في المائة وفق توقعات حكومية.
واعتبر الوزير التونسي للتكوين المهني والتشغيل أن الاقتصاد التونسي يحتاج إلى دفع مشروعات المبادرة الخاصة لسد فجوة الوظائف المطلوبة سنويا.
وفي هذا الشأن، قال سعد بومخلة، الخبير الاقتصادي التونسي، إن سوق الشغل التونسية تعاني من خلل هيكلي سببه عدم التلاؤم بين منظومة التعليم والتكوين المهني ومتطلبات سوق الشغل، حيث إن المتخرجين في الجامعات وفي مراكز التكوين المهني غالبا ما يحصلون على تعليم لا يتماشى مع متطلبات السوق، وهو ما يتطلب دورات تدريبية إضافية للتقريب بين التعليم والتشغيل. وأشار إلى اختلاف نسبة البطالة بين الجهات في تونس إذ تنزل هذه النسبة إلى أقل من 10 في المائة في بعض الولايات - المحافظات - وترتفع إلى نحو 30 في المائة في جهات أخرى تعاني من التفاوت الجهوي على مستوى المؤشرات الاقتصادية.
وكانت نتائج المسح الوطني حول السكان والتشغيل للربع الثاني من السنة الحالية، الذي تجريه الحكومة للوقوف على مختلف المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية، قد أفادت بأن عدد العاطلين في تونس مقدر بنحو 638 ألفا من مجموع السكان النشيطين مما يجعل نسبة البطالة تقدر بنحو 15.4 في المائة.
ويقدر عدد العاطلين من خريجي الجامعات وأصحاب المؤهلات العلمية بنحو 260 ألف عاطل وهو ما يمثل نسبة 29.3 في المائة من مجموع العاطلين. ويبلغ عدد السكان النشطين نحو 3.5 مليون تونسي وتنشط نسبة 52.1 في المائة في قطاع الخدمات و18.2 في المائة في قطاع الصناعات المعملية و14.9 في المائة في قطاع الصناعات غير المعملية و14.7 في المائة في قطاع الفلاحة والصيد البحري.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.