العراق: «الرئاسات الثلاث» من التوافق إلى الفضاء الوطني... وبالعكس

بعد حسم هويات شاغليها

العراق: «الرئاسات الثلاث» من التوافق إلى الفضاء الوطني... وبالعكس
TT

العراق: «الرئاسات الثلاث» من التوافق إلى الفضاء الوطني... وبالعكس

العراق: «الرئاسات الثلاث» من التوافق إلى الفضاء الوطني... وبالعكس

حُسمت في العراق هذا الأسبوع مسألة شغل «الرئاسات الثلاث» مع انتخاب الدكتور برهم صالح رئيساً للجمهورية خلفاً للرئيس المنتهية ولايته الدكتور فؤاد معصوم، وتكليف صالح بُعيد انتخابه عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة العتيدة. وجاء ملء رئاستي الحكومة والجمهورية المحجوزتين للمكوّنين الشيعي والكردي في أعقاب انتخاب محمد الحلبوسي رئيساً لمجلس النواب، ممثلا المكوّن السنّي. ويعتبر مراقبون أن النقلة من المحاصصة إلى الفضاء الوطني نقلة اختبرت بها العملية السياسية العراقية نفسها في محاولة منها لإصلاح أحد أهم ما تسميه النخب العراقية «عيوب التأسيس».

بعد إسقاط نظام صدام حسين عام 2003، ولدت ولادة شوهاء تجربة سياسية جديدة في العراق، أخذت من تجارب الديمقراطية في العالم قشورها الخارجية فقط، بينما احتفظت للبيوت والعوائل والمكوّنات والقبائل والجماعات المسلحة وكل أشكال الدولة العميقة بحضورها الفاعل في المشهد السياسي.
كان هذا المشهد المُلتبس عبر عن نفسه من خلال ثلاث دورات برلمانية نتجت عنها ثلاث حكومات قادها كلها حزب واحد، هو حزب الدعوة (الإسلامي الشيعي) من خلال حكومات قادته الثلاثة (الدكتور إبراهيم الجعفري 2005 ـ 2006 ونوري المالكي 2006 ـ 2014 والدكتور حيدر العبادي 2014 ـ 2018). وكانت قد سبقت إقرار الدستور (2005) حكومة انتقالية برئاسة الدكتور إياد علاوي (2004 ـ 2005) التي كانت ورثت مجلس الحكم (2003) أيام كان الحاكم المدني الأميركي بول بريمر (2003 ـ 2004) الحاكم بأمره في العراق.
ورغم محاولات حزب الدعوة - حتى اللحظات الأخيرة - الاحتفاظ بالسلطة لدورة رابعة، فإن الصراع الحاد بين جناحي الحزب (الأول بقيادة المالكي، والثاني بقيادة العبادي) أفشل هذه المحاولات. إذ سعت قيادة الحزب، ممثلة بمجلس الشورى، عقد مصالحة بين الرجلين بعد منافسة اتخذت طابعاً شخصياً، إلى حد كبير، مع رفض المالكي دعم العبادي لولاية ثانية، حتى مع استمرار الحزب، ولو شكلياً، بالاحتفاظ بالسلطة.
ثم، رغم أن خسارة حزب الدعوة رئاسة الحكومة، ما يعني إبعاده عن المشهد، أمكن التوصل إلى مجموعة تسويات جاءت بصيغة «توافقات». وهذه التوافقات أوصلت ثلاثة وجوه جديدة ـ قديمة (الوجه الجديد حقاً هو محمد الحلبوسي) إلى «الرئاسات الثلاث» (الجمهورية للكرد، والحكومة للشيعة، والبرلمان للسنة) فكانت خياراً بدا مقبولاً، إلى حد كبير، لجهة الخروج من «عنق زجاجة» المحاصصة إلى الفضاء الوطني.
انقسام البيوت الرئيسة
المتغير المهم، الذي بدا مختلفا عن السياقات السابقة، ظهر قبل الانتخابات البرلمانية التي أجريت خلال شهر مايو (أيار) الماضي، حين شهدت البيوت الرئيسية (الشيعية ـ السنية ـ الكردية) انقسامات حادة.
الكتلة الشيعية، التي كانت ممثلة بـ«التحالف الوطني» انقسمت إلى خمس كتل، هي: «سائرون» بزعامة مقتدى الصدر، و«النصر» بزعامة حيدر العبادي، و«الفتح» بزعامة هادي العامري، و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم. أما الكتلة السنّيّة، التي كانت ممثلة بـ«تحالف القوى العراقية»، فانقسمت بدورها إلى «تحالف القرار» بزعامة أسامة النجيفي، و«تحالف القوى» بزعامة جمال الكربولي و«المشروع العربي» بزعامة خميس الخنجر. وأخيراً، وليس آخراً، شهدنا تفتت الكتلة الكردية التي كان يمثلها «التحالف الكردستاني» وعاد كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني الذي ينتمي إليه الدكتور برهم صالح، وحركة التغيير... لتمثيل نفسه أمام بغداد.

- ترميم «المحاصصة»
قُبيل الانتخابات البرلمانية رفعت معظم القوى الرئيسية شعار الغالبية السياسية أو المشاركة الوطنية، التي تقوم على أساس ألا تتمثّل المكوّنات بوصفها مكوّنات، بل يكون هناك تمثيل أحزاب وقوى من المكوّنات بحيث تنشأ حكومة موالاة وقوة معارضة. غير أن الوضع تغير في ظل المقاطعة الكبيرة للانتخابات (بنسبة تزيد على الـ70 في المائة) وظهور نتائج متقاربة للكتل البرلمانية الفائزة، تصدّرتها «سائرون» بـ54 مقعداً، وهي مقاعد لا تؤهل أي كتلة... لا لتشكيل الحكومة أو حتى فرض شروط صارمة على الشركاء.
بناءً عليه، وجد الجميع أنفسهم بحاجة إلى إعادة ترميم «المحاصصة» باتجاه خلق فضاء أوسع اسمه «الفضاء الوطني»... لكن محتواه الحقيقي هو التوافق بين الأطراف المختلفة من أجل تسهيل مهمة تشكيل الحكومة. ومن ثم، بدت الدورة معكوسة بين الانتقال من «المحاصصة» فـ«التوافق» إلى «الفضاء الوطني»، ثم العودة إلى «التوافق» ثانية، لكن عبر عدة ولادات بدت طبيعية في الظاهر، لكنها قيصرية في الداخل. والمفارقة، أن الأصعب فيها كانت ولادة منصب رئيس الجمهورية الذي كان طوال السنوات الـ15 الماضية هو الأسهل حسماً بين المناصب.
هذه المرة اختلف الأمر بسبب تفتت «البيوت» (الفئوية)، ما جعل عملية الترميم صعبة إلا من خلال الصفقات والتوافقات والمساومات.
كردياً، مثلاً، كان الاعتراض الأساسي على ترشيح الدكتور برهم صالح لمنصب رئيس الجمهورية من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني (الذي يتزعمه بارزاني)، وهو ما يلخصه القيادي في الحزب ماجد شنكالي في حديث لـ«الشرق الأوسط» بالقول إن «المنصب من حصّة المكون الكردي، لكن داخل هذا المكوّن أحزاب، ولقد جاء ترتيب الحزب الديمقراطي الكردستاني من حيث عدد المقاعد في المقدمة بالقياس إلى مقاعد الحزب الذي ينتمي إليه برهم صالح وهو الاتحاد الوطني. وبالتالي، كان ينبغي أن يحسم المنصب داخل المكوّن ومن ثم نذهب إلى بغداد موحّدين». ويضيف شنكالي أن «الأمر يختلف عمّا حصل للعرب السنة الذين، وإن كانت هناك منافسة داخل البرلمان بين عدة شخصيات سنّية، فإن محمد الحلبوسي - الذي فاز برئاسة البرلمان كان قد حصل على الغالبية داخل نواب المكوّن السنّي أولاً، وبالتالي حظي بدعمنا داخل البرلمان حتى مع وجود منافسين له». ويستطرد «كان ينبغي أن تحصل انتخابات داخل البيت الكردي بين المرشحين الرئيسيين برهم صالح وفؤاد حسين، ومن ثم مَن يحصل على أعلى الأصوات داخل المكوّن نذهب به إلى البرلمان الاتحادي حتى بوجود منافسين كرد آخرين لا مانع من أن يجربوا حظهم».
ورداً على سؤال بشأن انتخاب الرئيس صالح عبر الفضاء الوطني، يجيب شنكالي بأن «الذي حصل توافقات وليس فضاء وطنياً عن طريق قوى وكتل لم تلتزم بتعهداتها معنا، وهو ما أدى إلى حصول هذه المشكلة داخل البيت الكردي، لأننا لن نتعامل مع رئيس الجمهورية لكونه من وجهة نظرنا لم يعُد يمثل الكرد».

- تحديات منتصف المسافة
وحقا، لم تكن مشكلة العرب السنة مع مرشحهم لرئاسة البرلمان بحجم المشكلة الكردية ـ الكردية على صعيد اختيار رئيس الجمهورية. ذلك أن النواب السنة البالغ عددهم نحو 70 نائباً موزعون بين عدة كتل، لكن الكتلة التي يمثلها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي هي الأكبر تقريباً (تمثل نحو 45 نائبا) بينما توزّع الباقون على كتل أصغر. في حين أن عدد النواب الكرد نحو 60 نائباً لكن الحصة الأكبر منهم حصة الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني (25 مقعداً) يليه الاتحاد الوطني (حزب برهم صالح) وله (18 مقعدا) بينما تتوزع الأخرى بين «التغيير» و«الجيل الجديد» والجماعة الإسلامية. ومن هنا غضب الحزب الديمقراطي على صيغة انتخاب الدكتور صالح أدى إلى خلق مشكلة تمثل تحدياً في منتصف المسافة أمام الرئيس الجديد.
بالنسبة للحالة الشيعية، بدا الأمر، لأول وهلة أكثر سلاسة، لكنه مع ذلك يحمل في داخله تناقضات ستمثل هي الأخرى تحديات جدية أمام رئيس الوزراء المكلّف عادل عبد المهدي. إذ أن المجيء به كان على أساس كونه مرشح «تسوية» بعد إخفاق المرشحين الآخرين (العبادي والعامري) ومرشح نصف التسوية (فالح الفياض) من الحصول على إجماع يؤهل أحدهم للترشح. وهكذا، جاء عادل عبد المهدي نتيجة توافق صعب بين أهم كتلتين شيعيتين في البرلمان العراقي، أي «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، و«الفتح» بزعامة هادي العامري... مع أنهما تنتميان إلى تحالفين عريضين مختلفين يدعي كل واحد منهما أنه الكتلة الأكبر (هما تحالف «الإصلاح والإعمار» وتحالف «البناء»). وبالتالي، كانت حصيلة التفاهم بين الصدر والعامري ولادة ترشيح عبد المهدي، الذي كلّفه بتشكيل الحكومة رئيس الجمهورية الجديد برهم صالح بعد أقل من ساعة على أدائه اليمين الدستورية.
تحديات منتصف المسافة أمام عادل عبد المهدي يجملها الخبير الاستراتيجي الدكتور هشام الهاشمي لـ«الشرق الأوسط» بقوله «إطلاق الحزمة الثانية من العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية الأميركية على إيران، تاريخ يتواطأ مع نيل حكومة عبد المهدي الثقة. وبالتالي، هناك تحديات معقدة أمام هذه الحكومة التي كان لإيران اليد الطولى في تسهيل التوافق عليها بين الأحزاب الممثلة للمكوّنات العراقية في البرلمان». وتابع «أهم التحديات هي جدولة وجود قوات التحالف الدولي على الأراضي العراقية، وخاصة القوات الأميركية التي تتواجد في 9 معسكرات مشتركة مع القوات الاتحادية العراقية وبوظائف عسكرية وأمنية واستخبارية وتقنية مختلفة، وقروض صندوق النقد الدولي، فضلا عن الموقف من الفصائل العابرة للحدود والفصائل غير منضوية تحت ألوية قوات الحشد الشعبي».
ويضيف «ثمة تحديات تتعلق بالإدارة المشتركة للمناطق المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، وسلاح العشائر، وأزمة المياه مع إيران وتركيا، والموقف من العقوبات الأميركية على إيران... وجدية الالتزام بها أو العمل على استثناء العراق».

- برهم أحمد صالح... الرئيس الثامن للعراق
> مع أن برهم أحمد صالح من مواليد مدينة السليمانية عام 1960. فإنه ينتمي بالأصل إلى مدينة كويسنجق التي تعود إداريا إلى محافظة أربيل عاصمة إقليم كردستان - العراق. واللافت أن رؤساء العراق الأكراد الثلاثة الذين تولوا المنصب بعد عام 2003 (جلال طالباني وفؤاد معصوم وبرهم صالح) ينتمون إلى هذه المدينة الجبلية الصغيرة نسبياً.
صالح ابن أسرة ميسورة الحال، فوالده قاضٍ معروف في السليمانية تعرّض للنفي على عهد صدام حسين إلى محافظة المثنى (جنوبي العراق) في سبعينات القرن الماضي نتيجة مواقفه المناوئة للنظام العراقي السابق. وكان برهم صالح متفوقاً في دراسته، إذ حصل في الثانوية العامة على معدل 96 في المائة وحل عاشرا على العراق. وآنذاك دخل كلية الهندسة المدنية في جامعة كارديف البريطانية وتخرج فيها بتفوق في علوم الحاسوب عام 1983. وبعدها واصل صالح، الذي كان تعرض للاعتقال والتعذيب إبان حكم صدام حسين مرتين، دراسته وسافر مجدداً إلى بريطانيا حيث حصل على شهادة الدكتوراه في تطبيقات علوم الحاسوب من جامعة ليفربول.
أثناء الدراسة خارج العراق، واصل صالح نشاطه في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني. وهو الحزب الذي أسسه عام 1975 سلفاه جلال طالباني وفؤاد معصوم في دمشق إثر انهيار الثورة الكردية بعد «اتفاقية الجزائر» التي كان وقعها آنذاك الرئيس العراقي السابق صدام حسين وشاه إيران في الجزائر.
وبعد إسقاط نظام صدام حسين عام 2003 تولى صالح رئاسة حكومة إقليم كردستان - إدارة السليمانية للفترة من 2001 – 2004. كما تولى مناصب تنفيذية مهمة في الحكومة الاتحادية في بغداد حيث شغل منصب نائب رئيس الوزراء العراقي عام 2004. ثم صار وزيراً للتخطيط في الحكومة العراقية الانتقالية عام 2005. ثم نائباً لرئيس الوزراء في أول حكومة عراقية منتخبة 2006.
من بين أهم إنجازات صالح في الحقل العلمي والأكاديمي تأسيس الجامعة الأميركية في مدينة السليمانية عام 2008. كما تولى رئاسة حكومة الإقليم للفترة من 2009 - 2011. وعام 2014، رشح مع الدكتور فؤاد معصوم من قبل حزبه لشغل منصب رئاسة الجمهورية العراقية، لكن لم يحالفه الحظ. وفي انتخابات عام 2018 فاز على منافسه الكردي الآخر فؤاد حسين مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني.
برهم صالح متزوج، وله ابنتان متزوجتان، إحداهما تعمل صحافية في إحدى وسائل الإعلام البريطانية، والأخرى موظفة في إحدى المنظمات الدولية.

- عادل عبد المهدي... الاستقالة لا تزال في جيبي
> قبل شهور من تكليفه بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة (2018) كتب السيد عادل عبد المهدي (يفضل لقب السيد على صفة الدكتور التي لم يحصل عليها برغم وصوله مرحلة مناقشة رسالته في الاقتصاد من جامعة باريس) مقالا في جريدة «العدالة» التي يشرف عليها اعتذر فيها مقدما عن تولي منصب رئاسة الوزراء فيما لو تم تكليفه بها.
السبب الذي جعل عبد المهدي يعتذر ولا يرفض هي مجموعة الشروط التي رأى أنها يجب أن تتوافر لدى المرشح لتولي هذا المنصب في ظل التوازنات العراقية الصعبة والتي وجد أنها لا تنطبق عليه بسبب المحاصصة واللااستقلالية والصراعات وغياب الرؤية والخطة والمنهج. وعليه كتب قائلا «أعتذر فالشروط غير متوفرة». لكن الطبقة السياسية العراقية، بعدما وصلت إلى طريق مسدودة لاختيار مرشح مناسب لتحمل عبء هذا المنصب، هرعت إليه معتبرة ما عده شروطاً لا تناسبه بمثابة «برنامج حكم عليه تنفيذه». وهكذا تم تكليفه بعدما توافقت عليه الكتلتان الفائزتان بالانتخابات الأخيرة «سائرون» و«الفتح». وقبل عبد المهدي التكليف مع أن أيدي الجميع على قلوبهم كون الرجل، وهو رجل تسويات مقبول لدى الجميع، لا يحب المصادمات والمناكفات... وسبق له أن استقال من منصبه وزيرا للنفط، وهدد بالاستقالة أكثر من مرة مما يجعل إمكانية استقالته من منصبه المهم هذه المرة أمرا واردا في حال لم يمنح استقلالية كاملة في تنفيذ برنامجه ورؤيته.
يؤخذ على عبد المهدي تقلبه بين التيارات والأحزاب. ويروي عنه صديق طفولته وصباه إياد علاوي أنه كان من المنتمين لحزب البعث العربي الاشتراكي في ستينيات القرن الماضي. ومع أن عبد المهدي المولود عام 1942 لأسرة أرستقراطية شيعية في محافظة ذي قار (جنوبي العراق) وخريج ثانوية «كلية بغداد» الراقية مع صديقيه إياد علاوي والراحل الدكتور أحمد الجلبي - وثلاثتهم ينتمون إلى الأسر الأرستقراطية في العراق - فإنه بعد تخليه عن فكر البعث انتمى إلى أقصى اليسار الشيوعي لفترة قصيرة في سبعينيات القرن الماضي. غير أنه انضم عام 1982 رسمياً إلى «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق» الذي أسس في إيران.
تولى عبد المهدي عدة مناصب بعد عام 2003 من بينها تعيينه وزيرا للمالية ووزيرا للنفط ونائبا لرئيس الجمهورية. كما بقي مرشحا ساخنا لرئاسة الوزراء طوال أكثر من عشر سنوات... لكن مرشحي حزب الدعوة كانوا يحظون بالمنصب حتى جاءه أخيرا عن طريق التوافق لا التنافس.

- محمد الحلبوسي... وجه «الإزاحة الجيلية»
> طبقا لمنهج المحاصصة التي طبقت في العراق بعد عام 2003 فإن منصب رئاسة البرلمان أصبح من حصة العرب السنة. وطوال السنوات الخمس عشرة الماضية توالى على هذا المنصب عدد من الشخصيات السنّية البارزة والمتقدمة في السن وفي العمل السياسي. أولهم كان الدكتور محمود المشهداني الذي ولد في أربعينات القرن الماضي وإياد السامرائي أحد الأمناء العامين للحزب الإسلامي العراقي المولود في الأربعينات هو الآخر وأسامة النجيفي المولود في الخمسينات والدكتور سليم الجبوري المولود في السبعينات. لكن القفزة التي لم تكن محسوبة هي التي تحققت بوصول الشاب محمد الحلبوسي (مواليد 1981) إلى هذا المنصب الهام في ظل نظام برلماني تكون فيه السلطة التشريعية هي السلطة العليا رقابة وتشريعا.
في عام 2014 فاز محمد الحلبوسي الذي يحمل شهادة الماجستير في الهندسة المدنية من جامعة المستنصرية ببغداد (ومنها أيضا حاز البكالوريوس) لأول مرة في عضوية البرلمان العراقي. أصبح عضوا في لجنة حقوق الإنسان في البرلمان ومن ثم انتقل إلى عضوية اللجنة المالية فرئيسا لها في مرحلة لاحقة. وفي عام 2017 تولى منصب محافظ الأنبار. وخلال انتخابات عام 2018 فاز ثانية عن محافظة الأنبار لعضوية البرلمان العراقي محرزا أعلى الأصوات بين مرشحي المحافظة (37 ألف صوت).
وخلال عملية الترشح لرئاسة البرلمان الحالي تنافس الشاب محمد الحلبوسي مع 9 من الشخصيات السنية من بينهم أسامة النجيفي (رئيس البرلمان الأسبق) وخالد العبيدي (وزير الدفاع السابق) ومحمد تميم (وزير التربية الأسبق) وآخرون لكنه تفوق عليهم جميعا مترجما ما بات يعرف بالعراق بـ«الإزاحة الجيلية» كناية عن رغبة النخب الفكرية والسياسية العراقية بإزاحة كبار السن من سياسيي العراق عن المشهد السياسي وإحلال زعامات شابة محلهم.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».