حزب بارزاني يلوح بالاستحقاق الانتخابي في تشكيل حكومة كردستان المقبلة

تضارب مع رواية «الاتحاد الوطني» حول مفاوضات اللحظة الأخيرة قبل اختيار برهم صالح رئيساً

رئيس حكومة إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني أثناء مؤتمر صحافي أول من أمس (أ.ف.ب)
رئيس حكومة إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني أثناء مؤتمر صحافي أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

حزب بارزاني يلوح بالاستحقاق الانتخابي في تشكيل حكومة كردستان المقبلة

رئيس حكومة إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني أثناء مؤتمر صحافي أول من أمس (أ.ف.ب)
رئيس حكومة إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني أثناء مؤتمر صحافي أول من أمس (أ.ف.ب)

كان انتخاب مرشح حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، برهم صالح، وفقاً للآلية التي جرت تحت قبة البرلمان العراقي، بمثابة زلزال عنيف ضرب صميم العلاقات، المترنحة أصلاً، بين الحزب الرئيسيين الحاكمين في إقليم كردستان (الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني)، لا سيما أن ردود الأفعال التي صدرت عن الحزب الديمقراطي، في أثناء وبعيد عملية انتخاب رئيس الجمهورية، كانت بمثابة مؤشرات واضحة جلية توحي بأن الاتفاق المشترك، المبرم بينهما منذ عام 2005، الذي يوصف بالاستراتيجي، والذي ينظم علاقات الحزبين، والذي على أساسه تقاسما إدارة الإقليم ورسم سياساته، قد بات في حكم الملغى، وأن المرحلة المقبلة من علاقات الطرفين ستكون مغايرة عما سلف، سواء على مستوى إدارة حكومة الإقليم أو على مستوى الخطاب والبيت السياسي الكردي.
مصادر رفيعة في الحزب الديمقراطي تحدثت عن السيناريوهات والطروحات التي تفاوض عليها الحزبان خلال الساعات أو الدقائق الأخيرة من بدء السباق الرئاسي، وأبرزها أن يتنازل «الاتحاد الوطني» عن منصب محافظ كركوك لصالح «الديمقراطي»، مقابل سحب الأخير لمرشحه فؤاد حسين من المنافسة، أو تنازل «الديمقراطي» عن عدد من المناصب السيادية التي سيحصل عليها في الحكومة الاتحادية، وفقاً للاستحقاقات الانتخابية، لصالح «الاتحاد الوطني»، مقابل انسحاب مرشح الأخير (برهم صالح) من السباق الرئاسي، وغيرها من الطروحات التي رفضها «الاتحاد الوطني» بالمجمل. وأشارت المصادر عينها إلى أن الاتحاد عرض في الساعات الأخيرة من المفاوضات، التي جرت بين وفدي الحزبين في جولات متتالية، مشروعاً يدعو إلى تقاسم فترة الرئاسة بين مرشحي الطرفين، بحيث يتولى كل من برهم صالح وفؤاد حسين رئاسة العراق لعامين، لكن «الديمقراطي» رفض الفكرة، كونها غير منسجمة مع الأعراف والتقاليد الرئاسية، وأن الاتفاق الأخير الذي توصل إليه الجانبان هو انسحاب مرشح «الاتحاد الوطني»، وقبل بدء عملية الانتخاب في البرلمان، أبلغ رئيس وفد الاتحاد الجميع بالتراجع عن الاتفاق، ومواصلة خوض المنافسة.
بيد أن البيان الذي أصدره المكتب السياسي لـ«الاتحاد الوطني»، أمس، نفى مضمون كل تلك السيناريوهات، جملة وتفصيلاً، وقال: «إن الغاية من الترويج لتلك المزاعم التي لا أساس لها من الصحة هي تضليل الرأي العام بخصوص حيثيات عملية انتخاب رئيس الجمهورية، ونؤكد أن شخص رئيس وفد (الاتحاد الوطني)، كوسرت رسول علي، النائب الأول لسكرتير الحزب، لم يبرم أي اتفاق من أي شكل مع وفد (الحزب الديمقراطي)، ولا مع الكتل السياسية الأخرى، من الإخوة السنة والشيعة، لسبب بسيط، وهو أن أي اتفاق يبرمه (الاتحاد) مع أي طرف أو شخص أو جهة ينبغي له أن يعرض أولاً على المكتب السياسي قبل التصديق عليه، وهو ما لم يحصل إطلاقاً».
ومن جانبه، أكد القيادي في «الاتحاد الوطني» النائب السابق في البرلمان العراقي، آريز عبد الله، أن انزعاج «الحزب الديمقراطي» بهذا القدر الكبير من موضوع انتخاب برهم صالح رئيساً للعراق لم يكن أمراً متوقعاً، لا سيما أنه لم يجنح إلى الاتفاق مع «الاتحاد» بخصوص المسألة، ولم يبقَ من سبيل سوى حسم الأمر داخل البرلمان، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لقد فاز مرشح (الاتحاد) عبر الانتخاب الديمقراطي الحر من قبل البرلمان العراقي، والمعروف أن المنافسة الديمقراطية تنتهي في مثل هذه الحالات بفوز أحد المرشحين، وهو أمر منسجم مع الأعراف والقوانين ومضامين الدستور؛ لا يستدعي كل هذا الانزعاج والتوتر».
وأشار عبد الله إلى أن ردود الفعل الصادرة عن «الحزب الديمقراطي» توحي للأسف بنيات غير مطمئنة، أو ربما ضغوط على «الاتحاد» بخصوص تشكيل الحكومة المنتخبة في إقليم كردستان، لكنها في نهاية الأمر لا تخدم مصالح الإقليم والعراق معاً، وأردف: «(الاتحاد) مصر تماماً على حفظ التماسك داخل البيت الكردي، وتطبيع العلاقات الثنائية، وجعلها في أفضل حالاتها، ونحن واثقون أن تفاعلات موضوع الرئاسة ستنتهي خلال الأيام القليلة المقبلة».
وفي ما يتعلق بالمشاريع التي عرضها «الديمقراطي» على «الاتحاد» قبل انتخاب الرئيس، خصوصاً ما يتعلق منه بمنصب محافظ كركوك، أوضح عبد الله: «لم يحصل الاتفاق بيننا على المشاريع المطروحة، لذلك فإن الجانبين يتحملان المسؤولية جراء ذلك الإخفاق، ولا داعي لتبادل الاتهامات. أما منصب محافظ كركوك، فلا يحق لـ(الديمقراطي) المطالبة به لسبب بسيط، وهو أنه قاطع الانتخابات النيابية الأخيرة في المحافظة. كما أن النتائج الانتخابية أظهرت فوز (الاتحاد) بنصف مقاعد كركوك في البرلمان العراقي، ليس في هذه الدورة بل في الدورات السابقة أيضاً. كذلك فإن (الديمقراطي)، رغم ملاحظاته الكثيرة على محافظ كركوك الحالي بالوكالة، ظل يعيق عملية انتخاب محافظ جديد فقط لممارسة الضغوط على (الاتحاد الوطني) في مسألة رئاسة الجمهورية».
كما نفى القيادي في الاتحاد الوطني التهم المنسوبة لحزبه، بالسعي لتجزئة إدارة الإقليم، على غرار مرحلة الاقتتال الداخلي إبان التسعينات من القرن المنصرم، وقال: «على العكس تماماً، نحن حريصون على تعزيز أركان الإدارة الحالية في الإقليم، وتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، ذات الصلة بالمناطق المسماة دستورياً (المتنازع عليها)، وجعل الإقليم قوياً متمكناً في إطار الدولة العراقية الموحدة»، منوهاً بالاتفاق الاستراتيجي المبرم بين الحزبين في عهد الرئيس الراحل جلال طالباني: «لم يعد (الحزب الديمقراطي) ملتزماً به منذ سنوات، ولكن هذا لا يعني أنه لم يعد هناك من سبيل للتعاون المشترك، بل يتوجب التكاتف بين الحزبين حفاظاً على المصالح العليا لشعب كردستان، والعمل معاً لتشكيل الحكومة الجديدة، رغم عدم رضا (الاتحاد الوطني) عن نتائج الانتخابات الأخيرة في الإقليم، التي لنا مآخذ كثيرة على نتائجها في محافظتي دهوك وأربيل، والتي معظمها نتائج غير صحيحة، وسنعلن موقفنا حيالها لاحقاً».
من جانبه، يرى آري نانكلي، القيادي في «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، أن حزبه بذل جهوداً مضنية لكي يخوض الشعب الكردي السباق الرئاسي بمرشح واحد يمثل شعب كردستان بأكمله، لا حزباً بعينه، على اعتبار أن المنصب المذكور من استحقاق المكون الكردي برمته، ولكن «الاتحاد الوطني» أخل بالتوافق السياسي الذي كان قائماً بين الطرفين طوال السنوات الماضية، مما وضع مستقبل إقليم كردستان أمام مفترق طرق.
وأضاف نانكلي لـ«الشرق الأوسط»: «حزبنا بذل كل جهد مستطاع للحفاظ على وحدة الصف الكردي، وتحاشي التقاطع في المواقف السياسية، خصوصاً مع (الاتحاد الوطني)، لكن ما حصل في البرلمان العراقي أحدث شرخاً واضحاً في وحدة الصف الكردي، وتحديداً بين الحزبين الرئيسيين، لذا يمكننا تعريفه بالبداية السيئة، لا سيما أن الرئيس لم ينتخب كممثل عن الشعب الكردي، بل عن حزب معين»، موضحاً أن تقاسم الحقائب في الحكومة المقبلة في إقليم كردستان سيتم تبعاً للاستحقاقات الانتخابية، وهو الأساس الذي سينتهجه «الحزب الديمقراطي» في التعاطي مع «الاتحاد الوطني» وبقية الأحزاب الأخرى، لا على أساس الاتفاق الاستراتيجي الذي كان قائماً بين الطرفين.



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.