تونس تمدّد «حالة الطوارئ» وسط احتجاج منظمات حقوقية

TT

تونس تمدّد «حالة الطوارئ» وسط احتجاج منظمات حقوقية

أعلنت تونس أمس تمديد حالة الطوارئ في البلاد السارية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015 لشهر إضافي، إذ أفادت الرئاسة التونسية في بيان لها أمس، بأن الرئيس الباجي قايد السبسي قرر، عقب اجتماع لمجلس الأمن القومي، تمديد حالة الطوارئ بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس البرلمان. وسيبدأ سريان التمديد بدءا من الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وحتى السادس من نوفمبر المقبل.
وعلى إثر ذلك، عبرت مجموعة من المنظمات الحقوقية التونسية، وفي مقدمتها «مرصد الحقوق والحريات»، وفرع منظمة العفو الدولية في تونس، عن غضبها من الإعلان مجددا عن حالة الطوارئ المعلنة بشكل متواصل منذ سنة 2015. لما تسببه من انتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان، وما تخوله للسلطة التنفيذية من إجراءات استثنائية، تصل إلى حد الاعتقال التعسفي، وعدم احترام شروط المحاكمة العادلة. وخلال مؤتمر صحافي عقد لهذا الغرض أمس في العاصمة، عرضت هذه المنظمات مجموعة متنوعة من عرائض التظلمات التي قدمها عدد من المتضررين إلى السلطتين القضائية والتنفيذية، نتيجة تواصل إعلان حالة الطوارئ، وتسجيل انتهاكات في حق أشخاص مشتبه بهم في قضايا إرهاب وتهريب وجرائم اقتصادية، إلى جانب تأثير ذلك على سمعتهم الشخصية واستقرارهم العائلي.
وفي هذا السياق، أوضح عدد من الحقوقيين المشاركين في هذا اللقاء أن عددا كبيرا من الموقوفين والخاضعين للإقامة الإجبارية لا تتوفر ضدهم حجج أو أدلة، تؤكد أنهم يمثلون خطرا على أمن تونس واستقرارها، كما لا توجد مبررات للإجراءات القاسية المتخذة ضدهم، مبرزين أن وزارة الداخلية رفضت مراسلات التظلم التي وجهت إليها.
من جهته، كشف «مرصد الحقوق والحريات» بتونس عن معطيات مهمة حول عدد من الخاضعين لإجراءات التوقيف والمنع، والمتابعات القضائية والأمنية، حيث أوضح أن 95 في المائة منهم متزوجون وتعرضوا لأضرار طالت عائلاتهم أيضا، وأن 48 في المائة منهم لا يمتلكون سوابق عدلية، فيما تعيش نسبة 34 في المائة ظروفا اقتصادية صعبة. وفي هذا الصدد قال أنور أولاد علي، رئيس مرصد حقوق والحريات بتونس (مرصد حقوقي مستقل)، لـ«الشرق الأوسط»، إن نحو 500 تونسي «يعيشون تحت الإقامة الإجبارية، وقد وضعت وزارة الداخلية نحو 138 متهما بالإرهاب قيد الإقامة الإجبارية منذ شهر نوفمبر 2015، ثم ضاعفت هذا الرقم خلال شهر يوليو (تموز) 2016. بالإضافة إلى 22 رجل أعمال معتقلين ضمن حملة الحكومة على الفساد». كاشفا عن إدراج السلطات المختصة لنحو 100 ألف تونسي ضمن الإجراء الحدودي المعروف بـ«س17»، وهو إجراء يتعلق بسفر الأشخاص خارج البلاد، ويتم اعتماده في النقاط الحدودية البرية والجوية والبحرية عند دخول تونس أو مغادرتها.
في السياق ذاته، أوضح أولاد علي أن عبارة «شخص خطير»، الموجودة في17 قائمة أمنية، تجعل حياة كثير من المواطنين صعبة للغاية، وهو ما أدى بأحد المتابعين أمنيا إلى حرق نفسه داخل أحد مراكز الأمن خلال الأيام القليلة الماضية، احتجاجا على المراقبة الأمنية المتواصلة، دون سبب مقنع.
وكانت مجموعة من نواب البرلمان قد تقدموا سنة 2016 بمشروع قانون لتنظيم حالة الطوارئ، يهدف إلى وضع حد لخرق الدستور، الذي يجبر السلطات على تنظيم الطوارئ بواسطة قانون أساسي. لكن هذا المقترح لم ير النور بعد.
من جهتها، لاحظت فداء الهمامي، ممثلة منظمة العفو الدولية (فرع تونس) وجود خرق متعدد للإجراءات الحدودية القانونية، مما يؤثر على حرية تنقل المواطنين، وازدياد أعمال المنع والمداهمات والتفتيش، التي جرت دون إذن قضائي، وفي ظروف تتسم بالعنف والاستعراض والعشوائية طوال الثلاث سنوات الأخيرة.
ويقول خبراء تونسيون في القانون الدستوري إن رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد استفاد سياسيا من حالة الطوارئ المعلنة، ذلك أن الدستور يمنع حجب الثقة عن الحكومة، أو توجيه لائحة لوم لها في حال وجود البلاد في حالة طوارئ، وهو ما مكنه من الإفلات من دعوات إسقاط الحكومة خلال الأشهر الماضية.
وكان الرئيس قد أعلن حالة الطوارئ في تونس لمدة سبعة أشهر، تمتد من شهر مارس (آذار) الماضي إلى شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، ومنذ يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، وإثر عملية تفجير حافلة للأمن الرئاسي التي أودت بحياة 13 أمنيا، واصل الباجي قائد السبسي تمديد حالة الطوارئ بصفة متتالية. علما بأن دستور البلاد يخول لرئيس الدولة إعلان حالة الطوارئ «في حالة وجود خطر داهم يهدد كيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، ويتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، عليه أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.