الطبيب الفائز بـ«نوبل» للسلام علِم بالجائزة في غرفة العمليات

الطبيب الكونغولي الفائز بجائزة «نوبل» للسلام دنيس موكويغي (إ.ب.أ)
الطبيب الكونغولي الفائز بجائزة «نوبل» للسلام دنيس موكويغي (إ.ب.أ)
TT

الطبيب الفائز بـ«نوبل» للسلام علِم بالجائزة في غرفة العمليات

الطبيب الكونغولي الفائز بجائزة «نوبل» للسلام دنيس موكويغي (إ.ب.أ)
الطبيب الكونغولي الفائز بجائزة «نوبل» للسلام دنيس موكويغي (إ.ب.أ)

أُبلغ طبيب النساء الكونغولي دينيس موكويغي، اليوم (الجمعة)، نبأ نيله جائزة نوبل للسلام لعام 2018 مناصفةً مع الناشطة الإيزيدية العراقية نادية مراد، وهو في غرفة العمليات في عيادته في بانزي، حيث تلقى المواطنون الخبر بالبهجة مثلما هي الحال في سائر أنحاء جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وقال الطبيب لصحيفة «في جي» النرويجية: «فجأة، دخل أحدهم وأخبرني بالنبأ». بانتظار أن يدلي بتصريح لاحقاً في بوكافو شرق البلاد إلى حيث تدفَّق الصحافيون لمقابلته.
وأكدت طبيبة الجهاز التنفسي السويدية إلينور أدرلوث التي تعمل في المؤسسة التي يديرها موكويغي، لوكالة الصحافة السويدية إنه «كان يجري عملية لدى سماعه النبأ، لكنه خرج الآن، وهو سعيد جداً. لقد غمرت السعادة الناس وهم يحتفلون».
وأضافت الطبيبة: «كانت سادس مرة يُرشَّح للجائزة. لكنه كان مقتنعاً بأنه لن يحصل عليها. مع هذا شعر بفرح عارم لأن هذا يعني أن المجتمع الدولي يكرّم جهوده وعمله».
وحلّت مشاعر الفرح والعزة بين الكونغوليين إثر الإعلان عن الجائزة التي تُمنح لأول مرة لكونغولي في أكبر بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الذي يعاني من الأزمات رغم قدراته الهائلة.
وكتب فيليكس تشيسكيدي مرشح المعارضة الوحيد المحتمل للانتخابات الرئاسية نهاية السنة: «هنا يمكن أن أقول: أنا فخور لأني كونغولي».
وقال مرشح آخر من بوكافو هو فيتال كامره، لوكالة الصحافة الفرنسية: إن «هذا التكريم هو شرف للكونغو الديمقراطية ولكل أفريقيا».
وعلى لسان المتحدث باسمها لامبير مندي، هنأت الحكومة موكويغي على الرغم من موقفه المعارض للرئيس جوزف كابيلا.
وقال مندي إن «الحكومة تهنّئ الدكتور دينيس موكويغي على العمل بالغ الأهمية الذي قام به (للنساء المغتصبات) حتى لو أننا غالباً ما كنا على خلاف».
وكتب الكاتب آلان مابانكو وهو من الكونغو برازافيل المجاورة، على «تويتر» أن «أفريقيا بحاجة إلى صوت بهذا الحجم في وجه الكارثة التي تتسبب بها الديكتاتوريات في حوض الكونغو وإصرارها على أخذ القارة رهينة. هنيئاً لك»!



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.