الحوثيون يهددون آباء 22 قاصراً بزعم مشاركتهم في القتال إلى جانب الشرعية

TT

الحوثيون يهددون آباء 22 قاصراً بزعم مشاركتهم في القتال إلى جانب الشرعية

تفتق ذهن الميليشيات الحوثية أمس عن إقامة عرض وصفه ناشطون بالمسرحية الهزلية في صنعاء بحضور أممي، زعمت خلاله الميليشيات إطلاق 22 قاصراً كانوا في جيش الحكومة الشرعية، في مسعى رجح المراقبون أنه يهدف إلى محاولة تحسين سجل الجماعة الإجرامي أمام المنظمات الدولية المناهضة لتجنيد الأطفال وصغار السن، بعدما هددت آباءهم وأولياء أمورهم للزعم بمشاركتهم في القتال بصفوف الشرعية.
وأكدت مصادر حقوقية وناشطون في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الأطفال القصر الذين أطلقتهم الميليشيات أمس في فعالية إعلامية دعت إليها المنظمات الأممية في صنعاء، لم يكونوا أساسا ضمن القوات الحكومية كما تزعم الجماعة، وإنما من الذين اختطفتهم نقاط التفتيش الحوثية من على الطرقات الرئيسية بين المدن اليمنية.
وذكرت المصادر أن الـ22 قاصرا الذين زعمت الجماعة أنها أسرتهم في جبهات القتال، كانت اختطفتهم في الأسابيع الماضية في النقاط التابعة لها على الطرق الواصلة بين صنعاء وذمار والبيضاء والضالع، حيث كان أغلبهم في الطريق إلى زيارة أقاربهم أو العودة إلى منازلهم.
وكشفت المصادر عن أن الجماعة الحوثية تحاول إلصاق تهمة تجنيد الأطفال بقوات الجيش اليمني، وهو السلوك الذي تنهجه الجماعة بشهادة المنظمات الحقوقية والتقارير الدولية التي كانت أشارت إلى أن 30 في المائة من مجندي الميليشيات الحوثية هم دون سن الـ18.
وفي اليوم السابق للفعالية الحوثية المزورة وجهت الجماعة عبر وزارة دفاعها دعوات إلى وسائل الإعلام وإلى «يونيسيف» و«الصليب الأحمر» في مسعى إلى انتزاع شهادات أممية تحسن من صورتها أمام الرأي العام المحلي والدولي على غير ما هو معروف عن سلوكها الفعلي.
وأكد ناشطون لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية هددت أولياء أمور المفرج عنهم من القاصرين لتأكيد الروايات المزعومة عن طريقة أسر ذويهم في جبهات القتال، كما أوعزت إلى بعضهم بإطلاق تصريحات لوسائل الإعلام من أجل تأكيد مزاعمها.
وحاولت الميليشيات خلال فعالية الإطلاق المزعومة أن تنتزع إشادة من ممثلي «يونيسيف» و«الصليب الأحمر» غير أن ممثلي المنظمتين الأمميتين اكتفيا بعبارات مقتضبة حملت في ثناياها استحسان تجنيب الأطفال مخاطر الموت في جبهات القتال.
وذكرت المصادر أن هذه هي المرة الثانية التي تحاول فيها الجماعة الحوثية خلال شهرين تلفيق ادعاءات بأنها أطلقت سراح أطفال دون السن القانونية زاعمة أنها أسرتهم في جبهات القتال، في سياق الرد من قبلها على التقارير الحقوقية التي تجرمها في هذا الشأن.
وكانت الجماعة الحوثية نفذت خلال الأسبوعين الأخيرين حملات طائفية في مدارس البنين في صنعاء، بشكل علني، من أجل استقطابهم للقتال في صفوف الجماعة، في سياق عمليات التعبئة والتحشيد المستمرة في معظم المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وسبق للقوات الحكومية في مدينة مأرب، أن قامت خلال السنوات الثلاث الماضية بإعادة تأهيل المئات من المجندين الأطفال المقبوض عليهم في صفوف الميليشيات وذلك بدعم وتمويل من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
وتتهم المنظمات الحقوقية الجماعة الحوثية بأنها تقوم بأعمال ممنهجة لاستقطاب وتجنيد الأطفال، بخاصة بعد أن قامت في 2017 بتجنيد العشرات من نزلاء دور الأيتام في صنعاء، ومن مرتادي الأندية الرياضية والمساجد من صغار السن، دون علم ذويهم.
وبحسب تصريحات أسرّ بها أمس عدد من أولياء أمور المختطفين القصر إلى الناشطين الحقوقيين، توعدت الجماعة الحوثية باعتقالهم وإعادة المختطفين من ذويهم إلى الاعتقال إذا ما حاولوا أن يكشفوا الحقيقة للرأي العام.
وكانت مصادر تربوية في صنعاء وذمار وإب، أفادت بأن الجماعة الحوثية أوعزت إلى مديري المدارس الحكومية الخاضعة لها لفرض رسوم على الطلبة وصلت في بعض المدارس إلى 10 آلاف ريال (نحو15 دولارا)، في مسعى من الجماعة لدفع أولياء الأمور للتوقف عن إرسال أبنائهم إلى المدارس وإلحاقهم بجبهات القتال.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».