قلق في أوساط اللبنانيين بأنغولا بعد حملة ضد محلات الماس

مصادر أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن القرار لا يستهدفهم بشكل خاص

TT

قلق في أوساط اللبنانيين بأنغولا بعد حملة ضد محلات الماس

تنظر الجالية اللبنانية في أنغولا إلى الإجراءات الجديدة المتخذة من قبل الحكومة في قطاع تجارة الماس بقلق بعدما أعلن أمس عن إقفال عدد من المحلات التجارية الخاصة بهم، ما استدعى تدخلا من الدولة اللبنانية على أعلى المستويات، فأبرق رئيس البرلمان نبيه بري إلى رئيس جمهورية أنغولا متمنيا منه التدخّل لإعادة فتحها، وتابعت وزارة الخارجية القضية عبر السفير اللبناني في جنوب أفريقيا قبلان فرنجية.
وفيما لفت بري في رسالته إلى رئيس أنغولا إلى «أسباب غير معروفة وراء القرار»، أكد أكثر من مصدر لبناني في أنغولا لـ«الشرق الأوسط» أن «السبب الأساسي هو اتخاذ الحكومة الأنغولية إجراءات جديدة في هذا القطاع في ظل العهد الرئاسي الجديد وسياسات جديدة، وهو لا يستهدف اللبنانيين بشكل خاص إنما يشمل كل من يعمل في تجارة الماس».
في المقابل، قال مصدر لبناني يتابع القضية في أنغولا لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك مؤشرات تفيد بقرار إقفال كل شركات ومحلات الماس تمهيدا لحصر تجارتها بجهات معينة، من بينها إسرائيل التي تحاول احتكار تجارة الماس في أفريقيا، وهو الأمر الذي أدى إلى اتخاذ قرار كهذا. وأشار إلى أنه تم تنفيذ المداهمات عند الساعة الرابعة فجرا وشملت منازل التجار ومحلاتهم واقتيد عدد منهم إلى التحقيق بينهم 4 أو 5 لبنانيين، لافتا إلى أن اللبنانيين في أنغولا يترقبون بقلق مجريات الأمور ويتخوفون من محاولات لإبعادهم عن هذه التجارة، كما سبق أن حصل في دول أفريقية أخرى مثل ليبيريا وسيراليون، وهو ما يعني كارثة بالنسبة إليهم. مع العلم أن عددا كبيرا من المغتربين اللبنانيين في أفريقيا هم من تجار الماس منذ عشرات السنوات، وينتمي 70 في المائة منهم إلى الطائفة الشيعية وتحديدا من منطقة الجنوب.
وأكدت مصادر وزارة الخارجية اللبنانية لـ«الشرق الأوسط»، أنها تتابع القضية مع السفير اللبناني في جنوب أفريقيا، والمعلومات الأولية تفيد بتوقيف 4 أشخاص للتحقيق معهم، وقد أفرج عن اثنين، ومن المتوقع أن يفرج عن الاثنين الآخرين خلال الساعات المقبلة.
من جهته، شدّد رئيس المجلس القاري الأفريقي عباس فواز، على أن الحملة لا تستهدف اللبنانيين الذين يعملون في هذا القطاع، كما غيرهم من جنسيات أخرى. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد إصدار الحكومة الأنغولية قوانين جديدة تهدف إلى تنظيم هذا القطاع، عملت على التحقق من تطبيقها وقامت بهذه الإجراءات الميدانية»، مؤكدا أنه لم يتم إقفال المحلات، وما حصل كان توقيف نحو 1300 شخص من جنسيات مختلفة، بينهم 5 لبنانيين، نافيا إقفال محلاتهم.
وكان بري أبرق إلى رئيس جمهورية أنغولا، متمنيا عليه «التدخل السريع لإعادة فتح المحلات التجارية وأبواب عمل اللبنانيين في أنغولا بعدما جرى عنوة إقفالها، إضافة إلى اعتقال بعض أصحابها وعمالها دون أي سبب معروف، الأمر الذي يلحق أكبر الأضرار ليس فقط بهؤلاء الذين هم من خيرة رعايا البلاد وأسباب نهضة اقتصادها، بل أيضا يلحق الضرر بأنغولا نفسها». واتصل لهذه الغاية أيضا بوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل وبالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لإجراء الاتصالات بالمسؤولين الأمنيين هناك.
وفي بيان له، أثنى عباس فواز على جهود بري واتصالاته مع الجهات الرسمية في أنغولا ولبنان لمعالجة القضية بالسرعة المطلوبة، مؤكدا أن «اللبنانيين في أنغولا بخير، وهم ملتزمون دائما منذ أن وطئوا أرض هذه الدولة الأفريقية وغيرها من دول القارة الأفريقية، بالأنظمة والقوانين المرعية الإجراء، وجميعهم تحت سقف القانون». وقال إنه نتيجة الاتصالات التي أجراها مع مسؤولي الجالية وفاعلياتها، تبيّن أن ما حصل إشكال عابر يعالج ضمن الأطر القانونية، وهو في طريقه إلى الحل، والأمور مع السلطات الأنغولية تسير باتجاه إيجابي، ستظهر نتائجه سريعا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».