أنطوان أرنو لـ«الشرق الأوسط» : نشرع أبواب ورشاتنا للعامة لأن من رأى ليس كمن سمع

ابن أغنى رجل في فرنسا يفتح قلبه وعالمه للكل في «أيام خاصة»

أنطوان أرنو - بيرلوتي.. حيث تصنع الأحذية يدويا - منظمة لويس فويتون التي صممها المعماري فرانك غيري - من عرض «ديور» لخريف وشتاء 2019 (تصوير: لوديغ بونيه)
أنطوان أرنو - بيرلوتي.. حيث تصنع الأحذية يدويا - منظمة لويس فويتون التي صممها المعماري فرانك غيري - من عرض «ديور» لخريف وشتاء 2019 (تصوير: لوديغ بونيه)
TT

أنطوان أرنو لـ«الشرق الأوسط» : نشرع أبواب ورشاتنا للعامة لأن من رأى ليس كمن سمع

أنطوان أرنو - بيرلوتي.. حيث تصنع الأحذية يدويا - منظمة لويس فويتون التي صممها المعماري فرانك غيري - من عرض «ديور» لخريف وشتاء 2019 (تصوير: لوديغ بونيه)
أنطوان أرنو - بيرلوتي.. حيث تصنع الأحذية يدويا - منظمة لويس فويتون التي صممها المعماري فرانك غيري - من عرض «ديور» لخريف وشتاء 2019 (تصوير: لوديغ بونيه)

يُذكر الترف وصناعة الموضة كما نعرفها اليوم، فيتبادر إلى الذهن مجموعة «إل.في.آم.آش» المملوكة لبرنار أرنو، أغنى رجل في فرنسا. مجموعة تنضوي تحت أجنحتها عدة بيوت أزياء تتزايد دقات القلب بمجرد سماع أسمائها مثل «جيفنشي»، «فندي»، «لويس فويتون»، «ديور»، «دونا كاران»، «غيرلان»، «بولغاري» وهلم جرا من العلامات التي تقدر بنحو الـ60 بما فيها فندق «شيفال بلان» الواقع في جزر المالديف، ويُعد الأغلى في العالم.
ولا يختلف اثنان أن ابنه أنطوان أرنو ورث عنه حسه التجاري وزاد عليه رشة شبابية نابعة من متابعته لنبض الشارع. فإلى جانب توليه مسؤوليات متعددة واحدة منها ترؤسه دار «بيرلوتي» التي يعود تاريخها إلى نحو 127 عاما، يريد المزيد. فهو يطمح أن يحفر اسمه في المجموعة، وفي عالم الترف عموما، برد الاعتبار إلى الجنود المجهولين الذين يحولون الأحلام إلى حقيقة، وكانوا إلى عهد قريب يعملون في الظل، سواء في دار «لويس فويتون» التي تحقق للمجموعة نحو 37 في المائة من الأرباح إلى «ديور» التي يعتز بها السيد برنار أرنو وتعتبر مؤسسة فرنسية بكل المقاييس مرورا بـ«غيرلان» و«بولغاري» والعشرات غيرهما. أن يرث أنطوان عن والده حسه التجاري أمر مفروغ منه وبديهي، فقد كبر معه وتابع خطواته وأسلوبه في العمل وهو في الـ12 من العمر، لهذا فإن توليه دار «بيرلوتي» لم يأت من باب التفضيل أو المحسوبية، بل لأنه أثبت قدرته على دخول التحدي في وقت أصبح فيه قطاع الموضة الرجالية منتعشا، بفضل أبناء جيله، ممن يريدون قطعا فريدة من نوعها، وعالم الترف يحتاج إلى جوانب إنسانية واستراتيجيات جديدة. ما لم يكن متوقعا أن يفتح أبواب الأحلام على مصراعيها أمام العامة، من خلال مبادرته
Les Journées Particulières ومعناها بالفرنسية «أيام خاصة». فعالية أرادها أن تكون احتفالية عالمية بالصناعات اليدوية التي تتمتع بها مجموعة «إل.في.آم.آش». أطلقها في عام 2011 واكتمل عودها هذا العام بالنظر إلى عدد المشاركين فيها من كل أنحاء العالم. هل يخاف أنطوان من تبديد الحلم بالكشف عن الغموض الذي كان يحيط بعالم الموضة والترف ويزيده سحرا وإبهارا؟ يجيب من دون تردد: «لم أفكر ولو لحظة واحدة أني بفتح أبواب بيوت الأزياء على مصراعيها والكشف عما يجري في الكواليس أن الحلم سيتبدد بل العكس، أعتقد أن التقدير للتفاصيل والدقة سيزيد. ما كان على البال عندما أطلقنا هذه الفعالية هو أن تكون تعبيرا عن امتناننا واعتزازنا بالحرفيين العاملين بورشاتنا والأنامل الناعمة التي تسهر على إنجاز كل قطعة فريدة بتفان حتى تخرج بالصورة التي نرضى عنها». ويبدو واضحا أن أنطوان هنا يتبع المثال القائل بأن من سمع ليس كمن رأى بأم عينيه أو لمس بيديه، لأن هذا ما تتيحه هذه الفعالية: مقابلة الحرفيين وجها لوجه والحديث معهم، إضافة إلى متابعتهم وهم يقومون بأعمالهم ولمسها.
فعندما أطلق أنطوان هذه الفعالية، لم تكن النية استثناء أحد من دخول عالم بيوت الموضة والترف التي تنضوي تحت أجنحة «إل.في.آم.آش». والمقصود هنا أنها ليست نخبوية. فالكل مُرحب بهم ومن دون أي ثمن كل ما عليهم هو تسجيل أسمائهم في الوقت المناسب لضمان حصولهم على تذاكر مجانية. وحسب تأكيد أنطوان: «كل من له الرغبة في اكتشاف عالمنا والغوص فيه ضيوف مكرمون لدينا، بمن فيهم أولئك الذين لم يهتموا بالموضة سابقا أو فكروا في دخول عالمها، ربما لأنهم كانوا يشعرون أنها بعيدة المنال تعيش في بُرج عاجي». يرفض أيضا فكرة أن تكون استراتيجية تسويقية جديدة في عالم أصبحت تحكمه شبكات التواصل الاجتماعي، قائلا: «لا يمكنني قول ذلك، لأننا أطلقنا هذه الفعالية منذ سبع سنوات، وكان هدفنا الأولي والرئيسي إشراك الغير فيما كان مغلقا ونخبويا. أما قوة وسائل التواصل الاجتماعي، كما نعرفها اليوم، فلم تعرف زخمها إلا منذ خمس سنوات تقريبا. لكن هذا لا يعني أننا لا نعترف بأهميتها أو بأننا لا نأخذها بعين الاعتبار، فهي جزء من ثقافة العصر ولا يمكن تجاهلها، لهذا نوفر صورا ونصمم تجارب خاصة تناسب هذه الشبكات، حتى يتم تداولها بشكل صحيح، سواء تعلق الأمر بمنزل عائلة «لويس فويتون» في آنيير الفرنسية من خلال زيارة يمكن القول بأنها تجربة فريدة من نوعها، أو بتحضير أفلام قصيرة بالنسبة لمن لا يستطيعون القيام بهذه الزيارة في أرض الواقع. لهذا أعود وأؤكد أن الفكرة من هذه «الأيام الخاصة» ليست التسويق بقدر ما هي الاحتفال بمهارات الأنامل الناعمة والحرفيين وإخراجهم من الظل».
التجربة الأولى كانت في عام 2011، حققت نجاحا كبيرا شجع على الاستمرار فيها وتوسيعها. ما كان رائعا حسب رأي أنطوان أرنو أن نجاحها لم يقتصر على عدد الحضور، بل انعكس على مدى حماسة العاملين في هذه الورشات. «كانوا فخورين للغاية وهو يتكلمون عما يقومون به، ويستعرضون مهاراتهم أمام الضيوف». الدورة الثالثة من «الأيام الخاصة» جذبت 145.000 زائر توزعوا على 52 جهة. لكن دورة هذا العام فستكون الأكبر بلا منازع. فعلى مدى ثلاثة أيام، من 12 إلى 14 من شهر أكتوبر (تشرين الأول) القادم، ستشهد مشاركة ما لا يقل عن 56 بيت أزياء وشركة متواجدين في 77 جهة. أي في كل القارات الخمس.
وبما أن مجموعة «إل.في.آم.آش» ليست عن الموضة والأزياء فحسب، بل أيضا على السفر والفنادق وتجارب متنوعة، فإن «أيام خاصة» تعكس نظرة جديدة للترف، قد يكون السفر جزءا كبيرا منها كأسلوب حياة. وهو ما يشير إليه أنطوان أرنو بتذكيره أن هذه النظرة المعاصرة للأناقة والسفر لها جذور في الماضي وكل ما يختلف هو الأسلوب الذي يتم التعامل به مع هذا الماضي. «خذي مثلا تاريخ «لويس فويتون». فزيارة إلى «آنيير» حيث يوجد بيت العائلة، لا تترك أدنى شك بأنه متجذر في صناعة الأناقة والسفر على حد سواء، من خلال صناعة حقائب السفر. العنصر الجديد في دورة هذا العام من «أيام خاصة» أنها ستكون بمثابة مغامرة ورحلة اكتشاف. فلأول ستطوف القارات الخمس حيث توجد الكثير من معاملنا ومزارعنا التي نستورد منها أو نصنع فيها الكثير من المنتجات. بعضها في الولايات المتحدة الأميركية وأميركا اللاتينية، وبعضها الأخير في الصين، أستراليا، نيوزيلندا، وطبعا أوروبا».
من بين 77 جهة ستفتح أبوابها للعامة في شهر أكتوبر المقبل، 39 التحقت بالمبادرة هذا العام فقط، لكنها متحمسة للغاية، مثل «ريمووا» في كولون الألمانية، و«رويال فان لانت» في هولندا وعشرات غيرهما. ما يُثلج صدر أنطوان أرنو أنه على مدى سبع سنوات، هي عمر هذه الفعالية، برهنت أنها تخدم صناعة الترف. فعوض أن تذيب الحلم أو تُبدده، تظهر مدى أهمية الحرفية في صناعة التفرد والجمال، وكيف ترقى بهما إلى الفنية الأمر الذي يبرر أسعارها العالية. ثم لا ننسى أنها تشجع على استمراريتها، بدليل أنها تلهم الشباب وتشجعهم على امتهان هذه الوظائف التي ربما لم يفكروا فيها سابقا. أكبر دليل على هذا أن «معهد إبداع الأعمال المتميزة» انخرط في هذه الفعالية بكل قواه ويشجع طلبته على المشاركة فيها، وهذا مهم جدا خصوصا أن مجموعة «إل.في.آم.آش» تدعم المعهد وتقدم فيه برنامجا تدريبيا لتشجيع انتقال الحرف اليدوية والتقنيات الجديدة إلى الأجيال القادمة. وربما يكون هذا من الأهداف المهمة لـ«أيام خاصة» إلى جانب إبراز مهارات بـ145.000 موظف يعملون في مجموعة «إل.في.آم.آش» في كل أنحاء العالم. يستحقون الاحتفال بهم. لأنهم هم من يحققون الأحلام وينسجونها بأناملهم أو مطارقهم.
- تمتد فعالية Les Journées Particulières
من 12 إلى 14 أكتوبر ويبدأ التسجيل هذا الشهر على موقع المجموعة الخاص للحصول على تذاكر مجانية.
- تتيح دخول بيوت أزياء كان مجرد التفكير فيها يُلهب الخيال مثل «جيفنشي»، «ديور»، «لويس فويتون»، «غيرلان» وغيرها.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
TT

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

صناع الموضة وعلى غير عادتهم صامتون بعد فوز دونالد ترمب الساحق. السبب أنهم خائفون من إدلاء آراء صادمة قد تُكلفهم الكثير بالنظر إلى أن الناخب الأميركي هذه المرة كان من كل المستويات والطبقات والأعراق والأعمار. وهنا يُطرح السؤال عما ستكون عليه علاقتهم بميلانيا ترمب، بعد أن عبَّر العديد منهم رفضهم التعامل معها بأي شكل من الأشكال بعد فوز ترمب في عام 2016.

بدت ميلانيا هذه المرة أكثر ثقة وقوة (دي بي آي)

المؤشرات الحالية تقول بأنه من مصلحتهم إعادة النظرة في علاقتهم الرافضة لها. فميلانيا عام 2024 ليست ميلانيا عام 2016. هي الآن أكثر ثقة ورغبة في القيام بدورها كسيدة البيت الأبيض. وهذا يعني أنها تنوي الحصول على كل حقوقها، بما في ذلك غلافها الخاص أسوة بمن سبقنها من سيدات البيت الأبيض.

تجاهُلها في الدورة السابقة كان لافتاً، وفيه بعض التحامل عليها. فصناع الموضة بقيادة عرابة الموضة، أنا وينتور، ورئيسة مجلات «فوغ» على مستوى العالم، كانوا موالين للحزب الديمقراطي ودعموه بكل قواهم وإمكانياتهم. جمعت وينتور التبرعات لحملات كل من باراك أوباما وهيلاري كلينتون ثم كامالا هاريس، ولم تُخف رفضها لما يمثله دونالد ترمب من سياسات شعبوية. شاركها الرأي معظم المصممين الأميركيين، الذين لم يتأخروا عن التعبير عن آرائهم عبر تغريدات أو منشورات أو رسائل مفتوحة على مواقع التواصل الاجتماعي. كانت ميلانيا هي الضحية التي دفعت الثمن، وذلك بعدم حصولها على حقها في تصدر غلاف مجلة «فوغ» كما جرت العادة مع من سبقنها. ميشيل أوباما مثلاً ظهرت في ثلاثة إصدارات.

أسلوبها لا يتغير... تختار دائماً ما يثير الانتباه وأناقة من الرأس إلى أخمص القدمين

لم ترد ميلانيا حينها، ربما لأنها لم تكن متحمسة كثيراً للعب دورها كسيدة البيت الأبيض وكانت لها أولويات أخرى. تركت هذا الدور لابنة ترمب، إيفانكا، مُبررة الأمر بأنها تريد التفرغ وقضاء معظم أوقاتها مع ابنها الوحيد، بارون، الذي كان صغيراً ويدرس في نيويورك. لكن الصورة التي تداولتها التلفزيونات والصحف بعد إعلان فوز ترمب الأخير، كانت مختلفة تماماً عن مثيلتها في عام 2016. ظهرت فيها ميلانيا أكثر ثقة واستعداداً للقيام بدورها. والأهم من هذا فرض قوتها.

طبعاً إذا تُرك الأمر لأنا وينتور، فإن حصولها على غلاف خاص بها مستبعد، إلا أن الأمر قد يتعدى قوة تأثير أقوى امرأة في عالم الموضة حالياً. فهي هنا تواجه عدداً لا يستهان به من القراء الذين انتخبوا ترمب بدليل النتائج التي أثبتت أنه يتمتع بقاعدة واسعة من كل الطبقات والمستويات.

في كل زياراتها السابقة مع زوجها كانت تظهر في قمة الأناقة رغم رفض الموضة لها

ميلانيا أيضاً لعبت دورها جيداً، وقامت بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة. عكست صورة جديدة تظهر فيها كشخصية مستقلة عن زوجها وسياساته، لا سيما بعد تصريحاتها خلال الحملة الانتخابية بأنها تدعم حق المرأة في الإجهاض، مؤكدة أن هذا قرار يخصها وحدها، ولا يجب أن يخضع لأي تدخل خارجي، وهو ما يتناقض مع موقف زوجها بشأن هذه القضية التي تُعد رئيسية في الانتخابات الأميركية. كتبت أيضاً أنها ملتزمة «باستخدام المنصة ودورها كسيدة أولى من أجل الخير».

أسلوبها لا يروق لكل المصممين لكلاسيكيته واستعراضه للثراء لكنه يعكس شخصيتها (أ.ف.ب)

كانت رسائلها واضحة. أعلنت فيها للعالم أنها ذات كيان مستقل، وأن لها آراء سياسية خاصة قد لا تتوافق بالضرورة مع آراء زوجها، وهو ما سبق وعبرت عنه في مكالمة شخصية مع صديقة تم تسريبها سابقاً بأنها ترفض سياسة زوجها في فصل أطفال المهاجرين عن عائلاتهم، وأنها أصيبت بالصدمة عندما علمت بها. وبالفعل تم التراجع عن هذا القرار في يونيو (حزيران) 2018 بعد عاصفة من الجدل.

وحتى إذا لم تُقنع هذه التصريحات أنا وينتور وصناع الموضة، فهي تمنح المصممين نوعاً من الشرعية للتراجع عن تعهداتهم السابقة بعدم التعامل معها. بالنسبة للموالين لدونالد ترمب والحزب الجمهوري، فإن الظلم الذي لحق بميلانيا ترمب بعدم احتفال صناع الموضة بها، لا يغتفر. فهي لا تفتقد لمواصفات سيدة البيت الأبيض، كونها عارضة أزياء سابقة وتتمتع بالجمال وأيضاً بذوق رفيع. ربما لا يعجب ذوقها الكل لميله إلى العلامات الكبيرة والغالية، إلا أنه يعكس شخصية كلاسيكية ومتحفظة.

وحتى إذا لم تنجح أنا وينتور في إقناع المصممين وبيوت الأزياء العالمية، وتبقى على إصرارها عدم منحها غلافها المستحق في مجلة «فوغ»، فإن صوت الناخب المرتفع يصعب تجاهله، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية. وهذا ما يعود بنا إلى طرح السؤال ما إذا كان من مصلحة صناع الموضة الأميركيين محاباة ميلانيا وجذبها لصفهم. فقوتها هذه المرة واضحة وبالتالي سيكون لها هي الأخرى صوت مسموع في تغيير بعض السياسات، أو على الأقل التخفيف من صرامتها.

إيجابيات وسلبيات

لكن ليس كل صناع الموضة متخوفين أو قلقين من دورة ثانية لترمب. هناك من يغمره التفاؤل بعد سنوات من الركود الاقتصادي الذي أثر بشكل مباشر على قطاع الموضة. فعندما يقوى الاقتصاد الأميركي فإن نتائجه ستشمل كل القطاعات. ربما تتعلق المخاوف أكثر بالتأشيرات وزيادة الضرائب على الواردات من الصين تحديداً. فهذه أكبر مورد للملابس والأنسجة، وكان صناع الموضة في الولايات المتحدة يعتمدون عليها بشكل كبير، وهذا ما جعل البعض يستبق الأمور ويبدأ في تغيير سلاسل الإنتاج، مثل شركة «بوما» التي أعلنت أنها مستعدة لتغيير مورديها لتفادي أي عوائق مستقبلية. الحل الثاني سيكون رفع الأسعار وهو ما يمكن أن يؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين بنحو 50 مليار دولار أو أكثر في العام. فتهديدات ترمب برفع التعريفات الجمركية على الواردات الصينية بنسبة 60 في المائة لا بد أن تؤثر على المستهلك العادي، رغم نيات وقناعات ترمب بأن تحجيم دور الصين سيمنح الفرص للصناعة الأميركية المحلية. المشكلة أنه ليس كل المصممين الذين يتعاملون مع الموردين والمصانع في الصين منذ سنوات لهم الإمكانيات للبدء من الصفر.