تل أبيب تتعهد لميركل بألا تهدم «الخان الأحمر» خلال زيارتها

الحكومتان الألمانية والإسرائيلية تجتمعان في القدس الغربية

أطفال «الخان الأحمر» وضعوا صور ميركل أمام الخيام مطالبين بالضغط على إسرائيل لعدم هدم بيوتهم (أ.ب)
أطفال «الخان الأحمر» وضعوا صور ميركل أمام الخيام مطالبين بالضغط على إسرائيل لعدم هدم بيوتهم (أ.ب)
TT

تل أبيب تتعهد لميركل بألا تهدم «الخان الأحمر» خلال زيارتها

أطفال «الخان الأحمر» وضعوا صور ميركل أمام الخيام مطالبين بالضغط على إسرائيل لعدم هدم بيوتهم (أ.ب)
أطفال «الخان الأحمر» وضعوا صور ميركل أمام الخيام مطالبين بالضغط على إسرائيل لعدم هدم بيوتهم (أ.ب)

بعد أن هددت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بإلغاء زيارتها لإسرائيل، أمس، في حال نفذت قوات الاحتلال مخطط هدم قرية الخان الأحمر وتهجير سكانها، وعد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بتجميد تنفيذ الهدم خلال الزيارة.
ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي (غالي تساهل)، عن مصدر في مكتب المستشارة الألمانية، قوله إن ميركل أبلغت إسرائيل بأنه في حال جرى هدم «الخان الأحمر» وتهجير سكانها، قبل أو خلال الزيارة، فإنها ستلغيها. وأضاف المصدر أن ميركل ستبحث مع نتنياهو قضية «الخان الأحمر» ومجمل النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية.
وكانت ميركل قد وصلت إلى تل أبيب مساء أمس الأربعاء، في زيارة تستغرق 24 ساعة، ضمن تقليد بدأته منذ سنوات عدة، لعقد اجتماع للحكومتين، للبحث في القضايا المشتركة. وقال المصدر الألماني إنه رغم الخلافات الكبيرة بين البلدين في قضايا عدة، على رأسها الخلافات حول الاتفاق النووي، الذي تصر ميركل على التمسك به كونه يمنع إيران من حيازة أسلحة نووية، وقضية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، فإن ميركل جاءت لكي تؤكد كم هي معنية بعلاقات جيدة مع إسرائيل. وقد أحضرت معها مسؤولين في البرلمان عن مكافحة اللاسامية، في رسالة تقول فيها إنها تحارب موجة العداء لليهود في أوروبا.
وقد استقبل نتنياهو ميركل مساء أمس على عشاء عمل، وسيلتقيها ثانية اليوم الخميس، على انفراد، ثم تعقد جلسة للحكومتين. ومن المقرر أن تمنح ميركل اليوم دكتوراه فخرية من جامعة حيفا، ثم تزور «متحف إسرائيل» ومتحف ضحايا النازية «يد فشيم»، وستلتقي مع طلاب جامعيين، وستزور معرضا للابتكارات يشارك فيه رجال أعمال من إسرائيل وألمانيا. وستلتقي ميركل أيضا الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين.
وقال مصدر في السفارة الألمانية لدى إسرائيل إن الطرفين سيناقشان المسألة الإيرانية، والتصعيد في قطاع غزة، إضافة إلى احتجاج ميركل على نشاط الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة «ج» من الضفة الغربية المحتلة، ومخطط هدم وتهجير سكان قرية «الخان الأحمر».
وعلى غير عادة المسؤولين الأوروبيين، فإن ميركل لن تزور رام الله، ولن تلتقي أياً من الممثلين الفلسطينيين، وستتركز جولتها على العلاقات مع إسرائيل. ومع ذلك فقد توجه إليها الفلسطينيون بمطالب عدة. فكتب لها الأطفال في قرية «الخان الأحمر» يبلغونها بأنهم يواجهون خطر هدم قريتهم وتهجيرهم في كل لحظة. وقد تظاهروا، أمس، وهم يرفعون صور المستشارة الألمانية ويطالبونها بالتدخل لمنع تنفيذ مخطط الاحتلال. واجتمع مساء أول من أمس، الثلاثاء، ممثلون عن حزب «ميرتس» الإسرائيلي المعارض، برئاسة عضو الكنيست موسي راز، مع ممثلين عن حزب «الخضر» الألماني، برئاسة عضو البوندستاغ، أوميد نوريفور. وأصدر الطرفان بيانا في نهاية اللقاء يدعو إلى إنهاء الاحتلال، ووقف هدم قرية «الخان الأحمر»، وكبح جماح اليمين المتطرف في ألمانيا وإسرائيل. ونقل عن عضو الكنيست، راز، قوله إن «هدم (الخان الأحمر) جريمة حرب تتناقض مع القانون الدولي»، مضيفا أنه يأمل أن يتجند المجتمع الدولي للمساعدة في وقف هدم القرية وتهجير سكانها، وممارسة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية.
من جهته، قال نوريفور إن الفلسطينيين بحاجة إلى مساعدة كبيرة، وإن «هناك حالة من اليأس في أوساط الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967»، مضيفا أن الحكومة الألمانية معنية بمواصلة عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وعبر عن أمله في أن يتم وقف مخطط هدم «الخان الأحمر».
وفي رام الله، شجبت دائرة العلاقات الدولية في منظمة التحرير الفلسطينية، تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت، التي قالت فيها إن «قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بإخلاء منطقة البدو (الخان الأحمر) غير القانونية، مقبول لدى الحكومة الأميركية». وقالت الدائرة في بيان صحافي صدر عنها أمس إن هذه التصريحات عبارة عن تحريض مباشر على هدم «الخان الأحمر»، وتهجير مواطنيها، واستهتار بالإرادة الدولية الرافضة للقرار الإسرائيلي. ودعت الدائرة الهيئات المختصة والمجتمع الدولي وقوى السلام فيه للتصدي لمثل هذه المواقف اللامسؤولة والمنحازة لقوة الاحتلال، من قبل الإدارة الأميركية، التي تشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين.
يذكر أن اللقاءات الحكومية تعقد سنويا، في برلين والقدس الغربية على التوالي، منذ عهد رئيس الوزراء الأسبق في إسرائيل إيهود أولمرت. وهي تشتمل على لقاءات ثنائية بين الوزراء وجلسة حكومية مشتركة، وذلك بهدف التأكيد على العلاقات بين الطرفين. ولكن ميركل ألغت اللقاء الحكومي السابق في العام الماضي، وكان السبب «الرسمي» للإلغاء هو الانتخابات في ألمانيا، إلا إن مصادر ألمانية وإسرائيلية أشارت إلى أن السبب كان عدم رضا ميركل عن قانون مصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة، الذي أطلق عليه اسم «قانون التسوية»، والذي صادق عليه الكنيست في حينه. وفي يونيو (حزيران) الماضي، اجتمع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مع ميركل في برلين، خلال زيارة لأوروبا أجرى خلالها لقاءات عدة في لندن وباريس. وفي حينها أكدت ميركل على تمسكها بالاتفاق النووي مع إيران، وفي الوقت نفسه دعت إلى معالجة برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».