قد يكون هذا أصعب مؤتمر سنوي لحزب المحافظين الحاكم تحضره رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وقد يكون الأخير لها زعيمةً للحزب، بسبب مشكلات الخروج من التكتل الأوروبي التي لم تتضح معالمه بعد، وشقّت حزبها إلى نصفين. إلا أن ماي، التي قالت يوم أول من أمس (الثلاثاء) إنها باقية رئيسةً للوزراء لفترة طويلة، تواجه منافسات على الزعامة من كثير من أعضاء الحزب المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي بأي ثمن. وليس لدى تيريزا ماي سوى أغلبية ضئيلة في البرلمان، وهي تواجه تمرداً من قبل نواب حزبها الذين يريد بعضهم قطيعة حاسمة مع الاتحاد الأوروبي بينما يطالب آخرون بالعكس بعلاقات وثيقة.
وفي الأمس، حاولت ماي الظهور بمظهر رئيس الوزراء الواثق من قيادته وإلمامه بزمام الأمور، رغم الأصوات التي بدأت تنادي بالتخلص منها في أقرب فرصة ممكنة، لأنها غير قادرة على التفاوض مع بروكسل حول «بريكست». وفي اليوم الأخير لمؤتمر الحزب اعتلت ماي المنصة لإلقاء خطابها السنوي وهي ترقص على أنغام موسيقى «دانسينغ كوين» (الملكة الراقصة) لفريق آبا السويدي.
وصفق الحاضرون وقوفا لماي عند صعودها على المنصة. وقالت ماي إنه يجب على حزب المحافظين أن يشغل الأرضية الوسطية للمعترك السياسي البريطاني بسبب انقسامات «بريكست». وهاجمت ماي حزب العمال المعارض الرئيسي واتهمت زعيمه اليساري، جيريمي كوربن، برفض «القيم المشتركة التي كانت تسد سابقاً انقسامنا السياسي». وأضافت: «يتعين أن نكون حزباً للدولة بأسرها». وتابعت: «حزب ليس للقلة، ولا حتى للكثرة، لكن للجميع الذين يستعدون للعمل الجاد وبذل قصارى جهدهم».
وقالت ماي في كلمتها: «لم أتعامل مع الاتحاد الأوروبي إلا بالاحترام - تتوقع المملكة المتحدة الشيء ذاته». وأضافت: «إننا ندخل أصعب مرحلة من مفاوضات (البريكست)»، مشيرة إلى أنها تدرك أن مقترحاتها تمثل «تحدياً كبيراً للاتحاد الأوروبي».
وواجهت ماي شكوكاً حول قيادتها خلال الأسابيع الماضية، وذلك بعد انتقادات من جانب وزير الخارجية السابق بوريس جونسون صريح الرأي، ونواب آخرين محافظين متشككين في أوروبا والذين يعارضون بشدة مقترحات «تشيكرز»، أي خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي.
وحثت ماي الحزب المنقسم على نفسه أن يدعم خطتها «حتى لو لم نتفق على كل جزء من هذا المقترح، ينبغي التكاتف معاً». وذكرت ماي أن زعماء الاتحاد الأوروبي لا يعطون احتراماً كافياً لمقترحاتها بشأن الخروج من التكتل، على الرغم من أنها أقرت بأن المقترحات تمثل «تحدياً» لبروكسل.
وفي الأمس طلب مشرع مؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن تجري منافسة على القيادة، نظراً لأن الحزب يحتاج إلى زعيم «يؤمن بـ(البريكست)». وكتب جيمس دودريدج لما تسمى بـ«لجنة 1922» ذات النفوذ التابعة للحزب، التي سيتعين عليها الدعوة لإجراء انتخابات على القيادة، إذا طلب 48 مشرعاً على الأقل ذلك «لم أقابل مشرعاً واحداً يعتقد أن (ماي) ستقودنا في انتخابات أخرى».
وأضاف في رسالة بالبريد الإلكتروني تداولتها وسائل الإعلام البريطانية «نحتاج إلى قائد قوي، شخص يؤمن بـ(البريكست)، وشخص يفي بما صوَّت عليه جمهور الناخبين. يبدو أن رئيسة الوزراء غير قادرة على القيام بذلك». وكان دودريدج قد أشاد في وقت سابق بالكلمة التي ألقاها الثلاثاء بوريس جونسون، الذي ينظر إليه بوصفه منافس محتمل لماي على زعامة الحزب.
وحثَّ جونسون حزب المحافظين على التخلي عن مقترحات «شيكرز» التي قدمتها ماي حول كيفية مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي. وما زال المتشككون في أوروبا يطالبون ماي بإسقاط مقترحات تشيكرز لصالح «انفصال نظيف» عن الاتحاد الأوروبي، يتيح لبريطانيا فرصة التفاوض بشأن التوصل لاتفاق أكثر مرونة ومماثل لاتفاق كندا مع بروكسل ومواصلة الروابط التجارية الوثيقة مع الاقتصادات الكبرى غير الأوروبية.
وكانت صحيفة «ديلي تلغراف» المؤيدة للمحافظين قد ذكرت في وقت سابق، أمس (الأربعاء)، في خبر لها نشر على صفحة كاملة أن الزملاء بالحكومة يضغطون على ماي «لتحديد جدول زمني»، لاستقالتها من منصب رئيسة الوزراء.
وأضافت الصحيفة أن بعض المحافظين الكبار ناقشوا خططاً للإطاحة بماي، إذا رفضت الاستقالة قبل انتخابات عامة من المقرر أن تجري عام 2022. وقالت ماي: «نحن ندخل أصعب مرحلة من المفاوضات. لكن إذا بقينا متحدين وحافظنا على هدوئنا، أعرف أنه يمكننا الحصول على اتفاق جيد للمملكة المتحدة».
وأضافت: «أومن بكل جوارحي بأن الأفضل مقبل، وبأن مستقبلنا ممتلئ بالوعود»، مسلطة الضوء على نجاحات الاقتصاد البريطاني. وقالت: «سيكون الأمر صعباً في بادئ الأمر، لكن براعة وثبات الشعب البريطاني ستساعداننا في تجاوز»، مصاعب «بريكست».
وسيكون عليها أيضاً أن تأخذ في الاعتبار موقف حليفها الآيرلندي الشمالي المحافظ المتشدد الحزب الديمقراطي الوحدوي الذي يدعم نوابه العشرة حكومتها في مجلس العموم، ودونه سيكون من الصعب عليها الاستمرار في الحكم. وفي حين قالت ماي إنها ستعرض قريباً مقترحاً جديداً بشأن الحدود بين جمهورية آيرلندا ومقاطعة آيرلندا الشمالية البريطانية التي تشكل عقبة رئيسية في المفاوضات بين لندن والمفوضية الأوروبية، قالت زعيمة الحزب أرلين فوستر، أول من أمس (الثلاثاء): «لا يمكن أن تكون هناك حدود جمركية في بحر آيرلندا، ولا يمكن أن تكون هناك أنظمة مختلفة بين آيرلندا الشمالية وباقي المملكة المتحدة». وأضافت: «هذا خط أحمر، أحمر قانٍ».
ولا يمكن لماي الاعتماد على دعم حزب العمال المعارض، الذي قال إنه سيرفض كل مشروع للحكومة لا يبقي امتيازات السوق الأوروبية الواحدة والاتحاد الجمركي.
ماي: ندخل أصعب مرحلة من مفاوضات بريكست
اختتمت مؤتمر حزب المحافظين وسط تمرد من نواب يريدون قطيعة مع الاتحاد الأوروبي
ماي: ندخل أصعب مرحلة من مفاوضات بريكست
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة