رتل عسكري تركي يدخل إدلب لتعزيز نقاط المراقبة

TT

رتل عسكري تركي يدخل إدلب لتعزيز نقاط المراقبة

دخل رتل عسكري تركي جديد إلى إدلب، فجر أمس (الأربعاء)، لتعزيز نقاط المراقبة الـ12 التي أقامتها تركيا هناك تنفيذاً لاتفاق مناطق خفض التصعيد الذي تم التوصل إليه مع كل من روسيا وإيران في «آستانة».
وضم الرتل أكثر من 40 عربة معظمها ناقلات جند وشاحنات وحافلات صغيرة، سلكت طريق دمشق حلب الدولي ليل الثلاثاء - الأربعاء، في طريقها إلى نقاط المراقبة التركية في محافظة إدلب ومحيطها في شمال غربي سوريا.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات التركية التي أقلتها ناقلات الجنود تمركزت في نقاط المراقبة في منطقة جسر الشغور في ريف إدلب الجنوبي الغربي.
وهذه هي المرة الثانية التي يدخل فيها رتل عسكري تركي إلى سوريا، منذ توصلَتْ موسكو وأنقرة خلال لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما في سوتشي في 17 من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى اتفاق حول إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مناطق سيطرة النظام والمعارضة في إدلب ومحيطها.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أول من أمس، إن بلاده تعزز القوات الموجودة في نقاط المراقبة وتعمل على إخراج المتشددين من إدلب، وإذا اقتضت الضرورة سيتم العمل مع موسكو في هذا الشأن.
ولا يزال موقف فصائل المعارضة السورية المسلحة من «اتفاق سوتشي»، الذي نصَّ على نزع أسلحتها الثقيلة وخروج المتشددين من المنطقة منزوعة السلاح التي يتراوح عمقها بين 15 و20 كيلومتراً في إدلب ومناطق قريبة منها، غامضاً وسط أنباء عن تعثر مساعي تركيا في إقناع عدد كبير منها بتنفيذ الاتفاق.
وقال ناشطون سوريون إن الفصائل رفضت تسليم الأسلحة الثقيلة في المنطقة المعزولة، كما رفضت فكرة المراقبة الروسية على مقراتها، وأكدوا أن روسيا «دولة محتلة» حتى الآن ولا نقبل أن تشرف على مقراتنا وتفتيش أسلحتنا.
ولفتت مصادر إلى أن الجانب التركي تعهد للفصائل بأن روسيا لن تقوم بعمليات تفتيش لمواقعها، ولن تقوم بدوريات في المنطقة المعزولة، وأن عمليات التفاوض ما زالت مستمرة مع الجانب التركي والفصائل المعتدلة، فيما تبقى المعضلة الأساسية إبعاد «جبهة النصرة» أكبر فصائل جبهة تحرير الشام، و«حرّاس الدين» المرتبط بـ«القاعدة» عن المشهد في إدلب.
وتوقَّعت المصادر أن يحسم الجانب التركي موضوع إدلب في إطار اتفاق نهائي مع روسيا والانتقال إلى مرحلة جديدة، لافتةً إلى أن المطالب الروسية في إدلب تشكل ضغطاً على الوساطة التركية، خصوصاً تسليم السلاح الثقيل ومواجهة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) في وقت لاحق.
وبحسب إردوغان ستستضيف إسطنبول قمة رباعية بين قادة تركيا وروسيا وألمانيا وفرنسا في أكتوبر (تشرين الأول) الحالي أو نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لبحث الوضع في سوريا وملف إدلب على وجه الخصوص.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».