الحوثي يتنصل من انهيار الاقتصاد ويتوعد التجار في صنعاء

إطاحة عبده الجندي من تعز لشكوك الميليشيات في ولائه

TT

الحوثي يتنصل من انهيار الاقتصاد ويتوعد التجار في صنعاء

توعدت الميليشيات الحوثية، التجار في صنعاء بالتنكيل بهم وسط حالة من الهلع أجبرت ملاك المحلات وكبار المستوردين على إغلاق متاجرهم، وذلك على وقع الارتفاع الجنوني في الأسعار بسبب التهاوي المستمر في العملة المحلية (الريال).
جاء ذلك في وقت أعلنت فيه الجماعة الحوثية تنصلها من انهيار الاقتصاد وتهاوي سعر العملة وألقت باللائمة على الحكومة الشرعية، في محاولة من الجماعة لتفادي غضب الشارع اليمني الذي يتصاعد باطراد في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الجماعة. وحسبما أفادت مصادر مطلعة في صنعاء، عقدت الجماعة في اليومين الماضيين أكثر من اجتماع لكبار قادتها، دون أن تخرج بأي حلول لمواجهة أزمة انهيار العملة المحلية، عدا توجيه اللوم إلى الحكومة الشرعية وتحميلها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية.
وشوهدت أمس في صنعاء مئات المحلات التجارية مغلقة أبوابها، وسط حركة شبه مشلولة في شوارع العاصمة التي يقطنها نحو ثلاثة ملايين نسمة، بسبب تدهور الأوضاع وارتفاع أسعار الوقود إلى مستويات قياسية غير مسبوقة. وكانت الجماعة قد أقرت جرعة جديدة في أسعار المشتقات النفطية قبل يومين بلغت معها سعر الصفيحة من البنزين سعة 20 لتراً نحو 15 ألف ريال (نحو 25 دولاراً)، وهو ما أدى إلى إحجام السكان عن التنقل وضعف تدفق السلع إلى مناطق سيطرة الجماعة.
وأفاد عدد من التجار في صنعاء تحدثت معهم «الشرق الأوسط» بأنهم أغلقوا محلاتهم خوفاً من بطش الميليشيات التي تدّعي أنها تريد تخفيض الأسعار بالقوة، في الوقت الذي يستمر فيه تهاوي سعر العملة المحلية بسبب سلوكها في تجريف الاقتصاد ومضاربة عناصرها بالعملة الصعبة واكتنازها.
وذكرت مصادر محلية في صنعاء أن الجماعة شنت حملات في أوساط التجار واعتقلت العشرات منهم، قبل أن تقوم بإطلاقهم مقابل دفع مبالغ مالية، في سياق عمليات الابتزاز التي يبرع فيها مسلحوها.
وتوعدت الأجهزة الأمنية التابعة للجماعة في بيان رسمي، التجار في صنعاء ووصفتهم بأنهم «تجار حروب»، زاعمةً أنهم يرفعون أسعار السلع بشكل مبالغ فيه، وهو ما ينفيه التجار، الذين يؤكدون أنهم يحاولون قدر الاستطاعة البيع بالسعر الذي يضمن لهم بعض الربح وعدم خسارة رؤوس أموالهم بسبب النزيف اليومي لسعر العملة المحلية وشحّة المعروض من العملات الصعبة.
وعادةً ما تفرض الجماعة الحوثية إتاوات ضخمة على التجار وكبار المستوردين، لدعم المجهود الحربي، في مقابل السماح لهم بالاستمرار في العمل في صنعاء وبقية المناطق التي تسيطر عليها الجماعة. وتحتكر الميليشيات استيراد وتجارة الوقود في مناطق سيطرتها وتتخذ منها وسيلة لجني الأرباح المضاعفة، التي تسخّرها لتمويل جبهات القتال وشراء الأسلحة المهربة والإنفاق على رفاه قادتها ومشرفيها في مختلف المناطق، مع تجاهل كامل لمعاناة السكان والموظفين الذي أوقفت دفع رواتبهم منذ أكثر من عامين.
وذكرت المصادر أن رئيس مجلس حكم الجماعة الحوثية مهدي المشاط، عقد اجتماعاً مع كبار قيادات الجماعة، وأمرهم بتكثيف حملات الإعلام في أوساط السكان لتبرئة ساحة الجماعة من المسؤولية عن انهيار الاقتصاد، وتوجيه اللوم إلى الحكومة الشرعية.
وشدد المشاط خلال الاجتماع -حسب المصادر- على عدم الالتفات إلى معاناة السكان في صنعاء وبقية المناطق، لعدم مسؤولية الجماعة عن ذلك كما يزعم، طالباً منهم التركيز على عمليات التعبئة والتحشيد للمجندين، وإجبار التجار على دفع الإتاوات التي تستخدم لإغراء المجندين الجدد.
في سياق آخر، أقدمت الجماعة، أمس، على إقالة محافظها في تعز عبده الجندي القيادي السابق في حزب «المؤتمر الشعبي» (جناح الرئيس الراحل علي عبد الله صالح) وأحد أبرز قيادات الحزب الذين تخلوا عن صالح وأعلنوا ولاءهم للجماعة.
وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس مجلس حكم الجماعة مهدي المشاط وصل إلى قناعة بعدم صدق ولاء الجندي للجماعة، بخاصة بعد أن فشل الأخير في حشد أي مجندين جدد في المناطق التي كان يحكمها تحت إمرة الميليشيات في محافظة تعز.
كانت مصادر مطلعة قد أفادت قبل نحو ثمانية أسابيع بأن الجندي فشل في الهروب من تعز للالتحاق بمناطق سيطرة الشرعية، وأن مسلحي الجماعة في إحدى النقاط الواقعة بين تعز ولحج تمكنوا من إلقاء القبض عليه متنكراً في زيٍّ نسائي.
وحسب مقربين من الجندي، اقتادت الجماعة الجندي حينها إلى صنعاء، ووضعته تحت الإقامة الإجبارية، تمهيداً للبحث عن شخص مناسب تولِّيه منصب محافظها في تعز. وذكرت المصادر الرسمية للميليشيات، أمس، أن المشاط أصدر مرسوماً بتعيين القيادي الموالي للجماعة أمين البحر خلفاً للجندي بعد أن تعهد بأنه سيحشد المئات من المجندين الجدد إلى صفوف الجماعة للقتال في جبهة الساحل الغربي.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.