لقي 42 شخصاً مصرعهم في 5 محافظات إيرانية بسبب التسمم بالكحول، 4 منهم بمدينة مشهد، وهي المدينة الأكثر تشدداً في البلاد.
ويصل الكحول إلى إيران، بشكل غير قانوني، ومن مصادر غير موثوقة إلى أيدي المستهلكين. ومنذ 25 يوماً حتى أمس، أعلن عن تسمم 460 شخصاً على أثر تعاطي الكحول، ما أدى إلى وفاة 42 شخصاً منهم، وإصابة 17 آخرين بالعمى.
وسجلت 17 حالة وفاة في محافظة هرمزغان، و4 في خراسان الشمالية، و5 في البرز، وواحد في مقاطعات أخرى، وفي كهغيلويه وبوير أحمد سجلت 3 حالات موت سريرية، وذلك في أكبر موجة من الوفيات المرتبطة بالكحول في السنوات الأخيرة.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية، إيرج حريرتشي، في مؤتمر صحافي قبل أيام، إن 41 في المائة من المصابين بالتسمم من تعاطي الكحول، تتراوح أعمارهم بين 26 و35 عاماً.
سلعة بخسائر فادحة... 343 حالة وفاة خلال عامين ونصف العام
غير أن الوفيات على أثر تسمم الكحوليات في إيران لا تقتصر على الأيام الماضية. بحسب إحصائية لمنظمة الصحة الإيرانية، كشفت عنها وكالة «إيسنا» الحكومية، فإن 343 إيرانياً، من بينهم 308 رجال و35 امرأة، توفوا على أثر التسمم بالكحول منذ مارس (آذار) 2016 حتى نهاية أغسطس (آب) 2018.
وتظهر الإحصاءات أن 113 حالة وفاة سجلت في طهران خلال السنتين ونصف السنة الأخيرة، وهي تستحوذ على أكبر عدد من ضحايا تعاطي الكحول في البلاد، إذ سجلت 73 حالة في عام 2016، و20 في 2017، و20 خلال الشهور الأولى من 2018.
وبعد طهران، منذ مارس 2016 حتى نهاية أغسطس من هذا العام، سجلت محافظة كرمان 28 حالة (منها حالتان في 2016، وواحدة في 2017، و18 حالة منذ مارس حتى أغسطس). وتأتي في المركز الثالث محافظتا أذربيجان الشرقية وفارس، إذ بلغت حالات الوفاة جراء التسمم بالكحول في كل منهما 27 حالة في غضون عامين وخمسة أشهر.
هذه الإحصاءات لا تشمل الأشخاص الذين توفوا جراء حوادث السير في حالة السكر. ولا توجد إحصاءات عن عدد المتوفين بسبب حوادث السير تحت تأثير الخمور. لكن ضحايا الكحول في تزايد خلال السنوات الأخيرة.
الخمور سلعة محرمة بزبائن كثيرة
ووفقاً للقواعد الدينية، يحظر استهلاك وبيع المشروبات الكحولية في إيران. وتنص المادة 265 من قانون العقوبات (الجزاء الإيراني)، على أن عقوبة تعاطي المشروبات الكحولية، أو التي تسبب السكر للذكور أو الإناث، تبلغ 80 جلدة. وبطبيعة الحال تطبق العقوبة على غير المسلمين فقط إذا كانوا يتظاهرون بالشرب. وفي حال أقر متهم بتعاطي الخمور تطبق عليه العقوبة وفقاً للقانون.
ومع ذلك، فإنه على الرغم من وجود حكومة تتبنى آيديولوجيا دينية على مدى أربعة عقود، وتزعم أنها تقدم نموذجاً للمجتمع الإسلامي للعالم، لم تتمكن القواعد الدينية، ولا محظورات الحكومة، من منع تعاطي الخمور، إلى حد تقول وزارة الصحة الإيرانية إن 4 في المائة من بين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاما، استهلكوا الخمور على الأقل مرة، فيما يدمن على الكحول على الأقل 200 ألف شخص في البلاد. وإذا أخذنا في الاعتبار أن الإحصاءات التي تقدمها المؤسسات الرسمية عادة ما تكون أقل بكثير من الواقع، فإن عدد مدمني الكحول ينبغي أن يكون أعلى من ذلك بكثير.
الآن، أصبحت قضية المشروبات الكحولية في إيران مشكلة اجتماعية وتحدياً للمسؤولين، ويقول الناشطون المدنيون إن الحظر المفروض على المشروبات الكحولية ألحق أضراراً بالمال والأرواح، ويطالبون بالتخطيط للسيطرة على الإصابات الناتجة عن تعاطي الكحول في إيران. ويجمع المختصون على أن افتقار البلاد لبرنامج لاحتواء المشكلة، والتساهل نتيجة انتشار ظاهرة الرشوة في إيران، أدى إلى وجود سوق سوداء لمشروبات كحولية تصنع بالمنازل، ما يزيد خطر الوفيات، وتعرض المزيد من الناس للخطر.
وسقط الأسبوع الماضي في هجوم على عرض عسكري بجنوب البلاد، تبناه تنظيم داعش، أكثر من 24 إيرانياً، وهو الحادث الذي وصفته طهران بـ«الإرهابي»، هذا في حين أن كارثة الكحول غير الصحي قتلت 42 إيرانياً خلال الأيام الماضية.