وسط تزايد الحالمين بالرئاسة... عجلة الانتخابات الليبية «تدور في فراغ»

حفتر يتهم أطرافاً بعرقلتها بسبب «تعارضها مع مصالحهم الشخصية»

TT

وسط تزايد الحالمين بالرئاسة... عجلة الانتخابات الليبية «تدور في فراغ»

رغم إقرار غسان سلامة، المبعوث الأممي لدى ليبيا، بأنه «يصعب الالتزام بالموعد المحدد الذي أقره مؤتمر باريس للانتخابات الرئاسية»، في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، «بسبب أعمال العنف والتأخر في العملية الانتخابية»، فإن الساحة السياسية باتت تشهد بروز أسماء «مرشحين محتملين»، يطرحون أنفسهم بديلا «لتخليص البلاد من أزمتها»، في وقت حمّل فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، أمس، مجلس النواب «الفشل في التوافق على الإطار الدستوري لإجرائها»، بقوله: «لا يراودنا أدنى شك بأن هناك أطرافاً تعمل بأقصى جهدها لعرقلة الانتخابات لأنها تتعارض مع طموحاتهم السياسية، ومصالحهم الشخصية وحساباتهم الخاصة».
وأمام الانقسام السياسي الحاد، المتمثل في وجود سلطتين في شرق وغرب البلاد، قال سياسيون في حديث مع «الشرق الأوسط» إن «الخلاص الوحيد لليبيا، لن يأتي إلا عن طريق جيش موحد، قادر على فرض هيمنته في أنحاء ليبيا»، موضحين أن «منصب الدولة محجوز لأسماء بعينها، تمتلك القدرة على الحشد وخوض الانتخابات». غير أن ذلك لم يمنع شخصيات ليبية، من بينها عيسى عبد المجيد، رئيس كونغرس قبيلة التبو، من إبداء رغبتها في الترشح للانتخابات الرئاسية، إلى جانب أسماء أخرى مغمورة، وذلك في أجواء لم تخل من استخفاف.
وبرر عبد المجيد سبب إعلان ترشحه «بأن الليبيين في حاجة إلى شخصية توافقية»، معتبرا أنه غير محسوب على أي طرف، وأن «لديه فرصة كبيرة لخوض غمارها». وقال في تصريحات نقلتها «بوابة الوسط» إنه اتخذ قراره بعد حديثه مع الأقليات في ليبيا، كالأمازيغ والطوارق والتبو، ومع أطراف أخرى، وافقت على طرح اسمه، مضيفا: «أعتقد أنه توجد لدينا حظوظ في كل المناطق، شرقا وغربا وجنوبا، وهذا أمر لا يتمتع به منافسون آخرون. فليبيا تحتاج في هذه المرحلة إلى شخصية توافقية منفتحة على الجميع». وفي هذا السياق لفت إلى أن «أبناء المنطقة الشرقية يدعمونه، كما أنه ليست لدي مشكلات مع أبناء الجنوب التي يتركز فيها التبو والطوارق، وعلاوة على ذلك لدينا تواصل مع باقي القبائل، وأيضا الأمازيغ في غرب طرابلس، وكلهم وعدوا بدعمي في الترشح للرئاسة».
وفي أجواء حالة «السيولة السياسية» التي باتت تعرفها البلاد مؤخرا، أعلن المواطن خليفة المبروك، ابن مدينة مزدة بجنوب العاصمة، ترشحه هو الآخر للانتخابات، وقال في حديث إلى «الشرق الأوسط»: «أنا إنسان من عامة الفقراء، وهدفي بناء الوطن والجيش والشرطة، بعيداً عن الشخصنة». موضحا أن من بين أهدافه «إعادة المهاجرين غير الشرعيين لأوطانهم، وإتمام المصالحة الوطنية، ولم شمل ليبيا».
في السياق ذاته، سبق أن أعلن عارف النايض، رئيس مجلس إدارة مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة، عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، وقال إنه يعتزم خوض السباق الانتخابي فور الإعلان الرسمي عن موعد الانتخابات، مشيراً إلى أنه «أعد رؤية متكاملة تشمل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والخدمية والعسكرية والأمنية لانتشال ليبيا من أزمتها الحالية».
وفي مايو (أيار) اتفق المشير حفتر، وفائز السراج رئيس المجلس الرئاسي، ورئيسا مجلسي النواب عقيلة صالح، و«الأعلى للدولة» خالد المشري، شفهياً، وبوساطة فرنسية في باريس، على تنظيم انتخابات عامة في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. لكن سلامة أوضح نهاية الشهر الماضي أنه «ما يزال هناك عمل هائل يجب القيام به. وقد لا نتمكن من الالتزام بموعد العاشر من ديسمبر (كانون الأول)»، معتبراً أن «أي اقتراع لا يمكن أن يجرى قبل ثلاثة أو أربعة أشهر».
وأمام انقضاء الموعد المحدد لإجراء الانتخابات اتهم حفتر «أطرافاً كثيرة» بأنها لم تف بتعهداتها من أجل اتخاذ هذه الخطوة، وقال إن الجيش جاهز لأداء دوره في تأمين الانتخابات في الموعد المتفق عليه، وفي المناطق التي يسيطر عليها، لكن باقي الأطراف أخلت بالتزاماتها، ولم تتخذ أي خطوات لأداء دورها، حسب تعبيره.
وفي رد مكتوب على أسئلة طرحتها عليه وكالة «رويترز» للأنباء أمس، أحجم حفتر (75 عاما) عن التصريح عما إذا كان سيخوض الانتخابات الرئاسية كما هو متوقع، واكتفى بالقول: «لا أدري عن أي انتخابات تتحدث، وعندما يعلن عنها ويفتح باب الترشح ستعرف الإجابة».
وانتهى حفتر قائلا: «هناك أطراف تعمل بأقصى جهدها لعرقلة الانتخابات لأنها تتعارض مع طموحاتهم السياسية ومصالحهم الشخصية وحساباتهم الخاصة، التي يقدمونها على مصلحة الوطن، وفي الظاهر يدّعون الوطنية والحرص على الديمقراطية».
في شأن ذي صلة، يُنظم «التجمع الليبي الديمقراطي»، الذي يرأسه رجل الأعمال الليبي حسن طاطاناكي، مؤتمراً صحافياً غداً في القاهرة، وذلك للإعلان عن مبادرة سياسية تهدف إلى تجنيب ليبيا مخاطر الحرب الأهلية والانقسام والانهيار الاقتصادي. وقال المؤتمر، في بيان اطلعت عليه «الشرق الأوسط» أمس، إن طاطاناكي سيكشف عن بنود هذه المبادرة، ودوافع إطلاقها. وسيُشارك في المؤتمر بعض مشايخ وأعيان ليبيا، وقيادات التجمع الليبي الديمقراطي، وعدد من الدبلوماسيين.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.