سجل القطاع العقاري السعودي منذ بداية العام وحتى نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي انخفاضا في إجمالي قيمة الصفقات بنسبة قاربت الـ34.2 في المائة، لتستقر قيمة الصفقات العقارية عند 25.6 مليار دولار، مقارنة بنحو 38.9 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، ويتضح من خلال المؤشرات العقارية انخفاض جميع الأنشطة بلا استثناء مع الاختلاف في نسبها، إلا أن هذا النزول يأتي امتدادا لما يحدث في السوق خلال السنوات الأربع الأخيرة التي بدأت حركة السوق تسير بشكل عكسي لتحقق نزولا متتاليا في قيمة وعدد الصفقات. وألقت رسوم الأراضي وضريبة القيمة المضافة بظلالها على المشهد العقاري العام من ناحية القيمة والعرض والطلب، مدفوعة بالمستويات المنخفضة أيضاً في الطلب على القطاع التجاري منها، الذي طالما كان بعيداً عن الانخفاضات السوقية حتى بداية العام الماضي، حيث كان محافظاً على مستويات جيدة مقارنة بالسكني الذي تتفاوت حركته اهتزازاً بشكل دوري، كما أن لدخول وزارة الإسكان دوراً كبيراً في الضغط نحو الاتجاه الصحيح عبر فرض التشريعات التقييدية ودخولها كمطور غير ربحي عبر برنامج «سكني» تحديداً الذي ظل منتظماً في دفعاته للعام الثاني على التوالي.
وقال صالح الغنام المدير العام لشركة مشروعات المستقبل العقارية إن انخفاض قيم الصفقات متناقص بشكل سنوي منذ عام 2014 الذي يعتبر الأقوى على الإطلاق، خصوصاً في العقد الأخير، حيث إن الحديث عن انخفاض قيمة الصفقات لا يعتبر جديداً بل إنه متزايد من عام لآخر بانتظار انخفاض مناسب للأسعار بعد موجة التضخم التي ضربت السوق خلال السنوات الأخيرة، وبدأ بشكل تدريجي الانحسار ويتضح ذلك جلياً في الجدول الدوري لأسعار المناطق والمدن في جميع الأنشطة العقارية، وخصوصاً الأراضي التي تأثرت بشكل كبير.
وأضاف الغنام أن السوق تشهد نزولا ملحوظا في الأسعار تماشيا مع الطلب لمستويات معقولة ومغرية، خصوصا أن السوق بدأت فعلياً بدفع فواتير الرسوم وهو القرار الذي يشهد زخماً كبيراً في السوق والأسعار وقتياً بدليل تسييل كميات كبيرة من الأراضي الفترة الماضية، إلا أن ما يميز هذا الفترة أن هناك انخفاضا ملحوظا في القيمة رغم أنه غير مكافئ للانخفاض في الطلب، مما يوحي بأن هناك انخفاضات مقبلة في القيمة بعد أكبر سلسلة ارتفاعات شهدها القطاع العقاري السعودي، لافتاً إلى أن ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح.
وبلغ متوسط انخفاض الأفرع العقارية المختلفة منذ بداية العام على الشكل التالي: انخفاض متوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 0.31 في المائة، ثم انخفاض متوسط الأسعار السوقية للفلل السكنية بنسب 99. في المائة، ثم انخفاض متوسط السعر السوقي للمتر المربع للأرض السكني بنسبة 15. في المائة، وتعتبر الأفرع الثلاثة السابقة الأعلى في نسب الانخفاض. وفي صلب الموضوع أشار عبد المحسن المهنا الذي يدير عددا من الاستثمارات العقارية فيما يخص الوحدات السكنية الجاهزة، بأن فقد السوق لما يلامس الـ34 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنصرم، معدل كبير يحتاج إلى تدعيم أكبر من ناحية انخفاض ملائم للسعر، ورغم سعي الدولة إلى احتواء الأسعار وإعادتها إلى ما كانت عليه عبر سن التشريعات التي تدعو إلى ذلك، إلا أن الحلقة المفقودة تتمثل في ارتفاع أسعار العقار إلى مستويات كبيرة، مما يعكس الحال في السوق التي تعيش أياما عصيبة في ظل شح السيولة لدى المشترين، خصوصا للقطاع السكني الذي يعيش أياما عصيبة في ظل عدم وضوح الرؤية، بانتظار ما تفضي إليه الرسوم عبر انخفاض حقيقي في الأسعار وبالتالي التمكن من الشراء، وأن المشكلة الحقيقية تكمن في الفجوة بين قدرة المشتري وسعر البائع وهو ما تحاول الدولة إيجاد توافق فيه بطرق مختلفة.
وزاد المهنا أن «الحديث عن فتح خيارات تمويل سواء كانت حكومية أو غير حكومية غير مجد في هذا التوقيت خاصة في ظل ارتفاع أسعار العقار لأكثر من قيمتها الحقيقية رغم انخفاضها منذ نهاية العام قبل المنصرم إلا أنها ليست ملائمة لحال السوق والمعدلات الحقيقية للطلب المرتبط بالشراء»، ولفتت إلى أن الانخفاض جاء بعد توقف الطلب أو تقلصه إلى حد كبير بضغط من الواقع الذي يعجز المستثمرون عن تطويره والسيطرة عليه لتحريك السوق وفتح جبهات استثمارية جديدة، تمكنهم من جني الأرباح بشكل مضاعف وهو ما لن يحدث في حال استمرار الأسعار مرتفعه.
وتوضح المؤشرات العقارية، إلى انخفاض سنوي لأعداد الصفقات العقارية بنسبة 13.7 في المائة، لتستقر بنهاية الفترة عند مستوى 140.5 ألف صفقة عقارية، وانخفاض سنوي لأعداد العقارات المبيعة بنسبة 14.5 في المائة، استقرت معه بنهاية الفترة عند أدنى من مستوى 146.7 ألف عقار مبيع. في المقابل، سجلت مساحات الصفقات العقارية ارتفاعا سنويا بلغت نسبته 54.1 في المائة، استقرت على أثره مع نهاية الفترة عند أعلى من مستوى 3.2 مليار متر مربع.
من جهته، أشار أحمد الدريس الذي يدير شركة مستقبل بناء العقارية إلى أن الضغوطات ترمي إلى خفض الأسعار لتكون في متناول الجميع وهو ما يحصل الآن، ورغم عدم ملاءمة الأسعار إلى حد كبير مع قدرات المشترين، فإنه يعتبر أن هناك تفاؤلا نحو واقع جديد، يفتح فرضية وقوع المزيد من الانخفاضات خلال الفترة المقبلة في ظل تبلور الأسباب المؤدية إلى ذلك، مبيناً أن الاستجداء بالتمويلات العقارية لن يكون مجدياً، خصوصاً أن جوهر الحركة تكمن في قيمة العقار التي تعتبر مرتفعة وأكبر من قدرة شريحة كبيرة من الراغبين في التملك، بأن الانخفاض الملحوظ في إطلاق المشروعات التجارية التي باتت محدودة بشكل ملحوظ يعكس حال السوق.
وأضاف الدريس أن المستثمرين العقاريين الآن يعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات بعد انخفاض الطلب لمستويات كبيرة، مبينا أن المواطنين يتريثون بالشراء في الوقت الحالي لحين البت، فيما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة التي باتت تفاجئ المستثمرين وتسحب البساط من تحت أرجلهم، وأن العمليات الحكومية الأخيرة ستثري بشكل كبير ميزان العرض الذي يعيش تناقصا كبيرا بالنسبة للطلب الذي يفوق قدرة الجميع.
الصفقات العقارية السعودية تفقد 34 % من قيمتها منذ بداية العام
حققت 26 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى
الصفقات العقارية السعودية تفقد 34 % من قيمتها منذ بداية العام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة