تلعب أندية دوري الدرجة الثانية الإنجليزية دورا مهما في إعداد اللاعبين المعارين من فرق الدرجة الأولى، ورغم ذلك تواجه ضغوطا كبيرة ومطاردة من أنديتهم الأصلية، ما يهدد بوقف عمليات الإعارة التي تخضع لشروط معقدة.
يقول ديرا ماكنتوني، رئيس نادي بيتربوره يونايتد: «يمكنك الحصول على لاعب يبلغ 18 عاماً يتقاضى 10 آلاف جنيه إسترليني أسبوعياً، وتصل إلى اتفاق مع ناديه بخصوص أجره. وبعد ذلك تجد أنهم لا يرغبون في أن تدفع راتبه فحسب، وإنما كذلك تكاليف إقامته، ثم تجدهم يطاردونك طوال الوقت بأسئلة من عينة: (لماذا لا يلعب؟) أو (لماذا يلعب؟) وتجدهم أمامك كل يوم. وإذا اكتشفنا لاحقاً وجود مشكلة في توجه اللاعب وتقدمنا إليهم بشكوى بهذا الخصوص، يجيبوننا: (حاولوا التعامل مع الأمر، ولا تعيدوه إلينا. لقد وافقتم على تعاقد، لذا يجب عليكم دفع راتبه)».
في الحقيقة، يشتهر ماكنتوني بوجه عام بآرائه المباشرة الصريحة، على غرار ذلك الوارد بالأعلى؛ لكن رئيس نادي بيتربوره الذي يلعب بدوري الدرجة الثانية الإنجليزي، ليس وحده الذي أعرب عن سخطه إزاء منظومة إعارة لاعبي كرة القدم بين الأندية. هذا الصيف، أبرمت أندية دوري الدرجة الثانية 254 اتفاق إعارة لاعبين، ما يشكل ما يقرب من واحد من بين كل سبعة لاعبين يشاركون في البطولة. الموسم الماضي، وعلى مدار العام، جرى إبرام 458 إجراءً مؤقتاً على هذا الصعيد. وتعد هذه عملية محورية في الهيكل الهرمي لكرة القدم الإنجليزية؛ لكن بعد إغلاق نافذة موسم الإعارة الأسبوع الماضي، تطرح الأندية الأصغر تساؤلات متزايدة حول ما إذا كانت هذه المنظومة تخدم مصالحها.
بالنسبة للحجة الداعمة لإجراءات الإعارة فإنها واضحة وعاجلة: فاللاعبون الإنجليز الصاعدون بحاجة لخوض مباريات تنافسية على مستوى الكبار. وثمة إجماع في الآراء حول أن الأكاديميات التابعة للأندية (على الأقل تلك المرتبطة بالأندية المشاركة في الدوري الممتاز) تنتج بالفعل لاعبين قادرين على التألق على أعلى مستويات المنافسات الكروية الاحترافية؛ إلا أن هؤلاء اللاعبين بحاجة لممارسة كرة القدم للوصول إلى المستوى الذي تتيحه كامل إمكاناتهم. ويعد هذا أمراً لا يحظى باتفاق مسؤولي اتحاد الكرة والدوري الممتاز فحسب، وإنما كذلك دوري الدرجة الثانية. بالنسبة للأندية التي تستعير اللاعبين، فإن هذا الإجراء يمكنها من الاستفادة بمهارات من المفترض أنها تنتمي لمستوى أعلى عن تلك التي يمكن لهذه الأندية الحصول عليه بشكل دائم. بيد أن الجدال الدائر اليوم يتركز حول كيفية الوصول إلى السبيل الأمثل لمنح اللاعبين الخبرة، وما إذا كانت الترتيبات المقررة حالياً منصفة بالنسبة لجميع الأندية.
في الواقع، ثمة أصداء للشكوى التي عبر عنها ماكنتوني لدى كثير من الأندية؛ لكن هذا مجرد جزء من المشكلة. الملاحظ أنه على نحو متزايد تتضمن اتفاقات الإعارة ليس مبلغاً مقدماً فحسب، وحصة من راتب اللاعب يسددها النادي الذي يستعير اللاعب، وإنما كذلك عقوبات يتعرض لها النادي حال عدم مشاركة اللاعب في المباريات على نحو منتظم، أو إشراكه في مركز آخر بخلاف المفضل لديه.
ويعتبر ليفربول واحداً من الأندية التي تتبع هذه الإجراءات، خاصة فيما يتعلق بالمهارات الصاعدة المتألقة لديها، مثل بين وودبيرن المشارك حالياً في صفوف شيفيلد يونايتد، على مدار الموسم. من ناحيتها، تؤكد الأندية الأم صاحبة العقد الأساسي ضرورة مثل هذه الإجراءات؛ لأنها ليس باستطاعتها الإصرار في بنود التعاقد على ضمان حصول لاعبيهم على نصيب معين من المشاركة في المباريات؛ لأن هذا قانوناً سيشكل محاولة فرض نفوذ غير مشروع على ناد آخر. وأكدت الأندية كذلك على أنها تجري صياغة بنود كل صفقة كل على حدة، حسب ظروفها، وتعكس البنود العقابية مستوى مهارة اللاعب المعني؛ إلا أنه بالنسبة للأندية التي تحاول الاستعانة بعناصر جديدة، خاصة تلك المنتمية إلى مستوى أدنى من الهيكل الهرمي للأندية، فإنها تجد صعوبة بعض الأحيان من ممارسة قدر من النفوذ في إطار مثل هذه الترتيبات.
من جانبه، أبرم نادي ترانمير روفرز، ستة اتفاقات استعارة للاعبين هذا الصيف. وتبعاً لما ذكره رئيس النادي المشارك في دوري الدرجة الثانية والرئيس التنفيذي السابق باتحاد الكرة، مارك باليوس، فإن الدور الذي تضطلع به الأندية المنتمية لأدوار أدنى من بطولة الدوري في تنمية مهارات اللاعبين يبقى حيوياً. وقال متحدثاً عن موقف اللاعبين الأصغر سناً: «القدرة على اللعب على نحو مناسب أمام حشد من الجماهير في مباراة تنافسية من العناصر المحورية. كما أن الاستغلال الملائم للخبرة في الهيكل الهرمي لكرة القدم من العناصر الأساسية والمفيدة، إذا أحسنت إدارتها. لا يملك كثيرون هيكلاً هرمياً مثل الذي نملكه، ونحن نعشق استغلاله».
وبينما يرى باليوس نفعاً كبيراً وراء منظومة إعارة اللاعبين الحالية، تظل هناك مجموعة من التعقيدات الواضحة للعيان. وعن هذا، قال: «تعد اتفاقات الإعارة التي يصر خلالها ناد ما على أن يشارك اللاعب في المباريات، خاطئة من جميع الزوايا. في الواقع، هذه الاتفاقات خاطئة بالنسبة للاعب، الذي يتعين عليه الكد من أجل الفوز بمكان له في الفريق؛ لأن هذا جزء أصيل من عملية التعلم. كما أنها خاطئة بالنسبة للأندية لأنها تدمر التفاعل داخل غرفة تبديل الملابس. وأخيراً، تضر هذه الصفقات الجماهير ذاتها؛ لأنها تدمر استقلالية الفريق إذا كان اللاعبون المعارون سيشاركون تحت أي ظرف».
من جهته، أكد باليوس أن ترانمير روفرز لا يبرم مثل هذه الاتفاقات، التي بمقتضاها يضطر النادي الذي يستعير اللاعب إلى دفع أجر أكبر للاعب حال عدم إشراكه في المباريات. وأعرب باليوس عن اعتقاده بأن الوضع لم يصل بعد للنقطة التي أصبحت الأندية الأم عندها تتمتع بقدر غير مشروع من النفوذ في مواجهة الأندية المنتمية لأدوار أدنى من الهيكل الكروي. وقال: «ليس هناك من يجبرك على الاستعانة بلاعب من ناد آخر على سبيل الاستعارة، فلكل ناد الحق في فعل ما يرغبه وما يلائم ميزانيته»؛ لكنه أقر بأن ثمة تغييرات تطرأ على المشهد العام: «أعتقد أنك ربما تجد بعض الأندية معتمدة على مثل هذه الترتيبات. من الصعب تحديد المشكلة هنا؛ لكن هذه الترتيبات تجعل الفريق يخسر شعوره بالهوية، ورغبة اللاعبين في اللعب من أجل ناديهم».
وإذا كانت أندية الأدوار الأدنى تلعب دوراً جوهرياً في تنمية مهارات اللاعبين الصغار، فإن ثمة حجة تزداد قوة يوماً بعد آخر، ترى أنه لا ينبغي معاقبتها لقيامها بذلك.
وفي الوقت الذي قال فيه إيدن رايك، رئيس نادي برادفورد سيتي، المشارك في دوري الدرجة الثانية، إنه يؤيد تحويل الأندية المشاركة في الأدوار الأدنى من بطولة الدوري إلى مصادر تغذية بالمواهب بالنسبة للأندية المشاركة في الدوري الممتاز، فإن آخرين مثل ماكنتوني يؤيدون فرض حدود على رسوم الاقتراض.
من جهته، يبدو شون هارفي، الرئيس التنفيذي لدوري الدرجة الثانية، ميالاً تجاه الفكرة الأخيرة. وقال: «أعتقد أن دوري الدرجة الأولى يختلف عن دوري الدرجة الثانية والثالثة، ذلك أن بعض أندية دوري الدرجة الأولى تستعير لاعبين في محاولة للصعود إلى الدوري الممتاز. أما داخل دوري الدرجة الثانية والثالثة، فإن الأمر يتعلق أكثر بتنمية مهارات اللاعبين. وأعتقد أنه إذا نجحنا في الوصول إلى ترتيبات ينتقل بمقتضاها اللاعبون إلى هذه الأدوار، ويجري النظر إليها بوجه عام باعتبارها ترتيبات مقبولة، فإننا بذلك نكون قد اتخذنا خطوة نحو الأمام».
جدير بالذكر أن كريستال بالاس بعث مؤخراً رسائل إلى أندية الدورين الثاني والثالث وما دون ذلك، يعرض خلالها إعارة لاعبيه لهم مجاناً. وكان الشرط المذكور ضرورة أن يشارك اللاعبون في المباريات؛ بحيث إذا لم يشاركوا بنسبة معينة في المباريات، سيتعين على النادي الذي استعار اللاعب تغطية جزء من أجره. ومن المعتقد أن مسؤولي دوري الدرجة الثانية شجعوا أندية أخرى على الاحتذاء بحذو كريستال بالاس.
ومع هذا، تبقى هناك احتمالية لأن يؤدي تقليل تكاليف ترتيبات إقراض اللاعبين إلى ترسيخ منظومة تلعب في إطارها الأندية المنتمية للأدوار الأدنى دور المدرسة الأخيرة، لصقل مواهب أندية الأدوار الأعلى، بدلاً عن تنمية مهارات لاعبيها. وعن هذا، قال ماكنتوني متحسراً: «أندية الدور الأعلى تفرض دوماً إرادتها. أعتقد أننا بحاجة لتغيير هذا الوضع كلياً».
فرق دوري الدرجة الثانية ترفض صفقات الإعارة المعقدة
الأندية صاحبة التعاقد الأساسي تفرض إرادتها لمشاركة اللاعبين في معظم المباريات
فرق دوري الدرجة الثانية ترفض صفقات الإعارة المعقدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة