بعد عام على الاستفتاء حول استقلال كاتالونيا، الذي أعلنت المحكمة الدستورية عدم شرعيته، وانتهى بمواجهات عنيفة بين الانفصاليين وقوات الأمن المركزية، واعتقال أو هرب قيادات الأحزاب التي دعت إليه، عادت مقاطعات إقليم كاتالونيا لتشهد موجة جديدة من الاحتجاجات والمظاهرات المطالبة بإطلاق سراح الموقوفين، ومواصلة النضال من أجل إعلان الجمهورية.
وبدا واضحاً، من خلال الاحتفالات والمظاهرات التي عمّت المدن الكاتالونية منذ يومين، أن الشرخ الذي تظهر مؤشراته منذ فترة بين القوى والأحزاب الانفصالية في طريقه إلى أن يتكرّس على أبواب الانتخابات البلدية وانتخابات البرلمان الأوروبي، التي ستخوضها هذه الأحزاب على لوائح مستقلة.
وكانت الاحتجاجات قد بلغت ذروة حدّتها، أول من أمس الأحد، عندما قامت عناصر «لجان الدفاع عن الجمهورية»، وهو التنظيم الانفصالي الأكثر راديكالية، بقطع خط السكة الحديدية للقطار السريع والمداخل الرئيسية لمدينة برشلونة، واشتبكوا مع أفراد الشرطة الإقليمية، عندما حاولوا منعهم من مهاجمة متظاهرين مناهضين للحركة الانفصالية.
وقد اختار رئيس الحكومة الإقليمية «الجنراليتات» كيم تورّا الاحتفال بهذه الذكرى في بلدة سانت جوليا دي ريميس، من مقاطعة جيرونا، حيث كان مفترضاً أن يدلي بصوته، خلال الاستفتاء، الرئيس السابق كارليس بوتشيمون الفار من وجه العدالة في بلجيكا. وعقدت الحكومة الإقليمية اجتماعها الأسبوعي المعتاد في تلك البلدة، حيث دعا تورّا في نهايته إلى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وعودة «المنفيين»، وسحب دعوى الحق العام ضد الحركة الاستقلالية. وأضاف: «منذ عام قامت الدولة الإسبانية بقمع حقّنا الأساسي في تقرير المصير والتعبير عن رأينا بحرية، وأعطت أوامرها بضرب آلاف المواطنين الذين كانوا يحاولون ممارسة حقوقهم الديمقراطية». كما أدلى رئيس البرلمان الكاتالوني بكلمة جاء فيها: «نحن ثمرة انكسارات عديدة، لكننا أيضاً خميرة كل الانتصارات الآتية حتى قيام الجمهورية».
أما زعيم حزب اليسار الجمهوري أوريول جونكيراس، المعتقل في السجن، بانتظار محاكمته بتهمة التمرّد، فقد وجّه رسالة إلى مناصريه دعا فيها إلى «عدم الانحراف عن السبيل الوحيدة للعيش في ديمقراطية كاملة في ظل الجمهورية المعترف بها دوليّاً».
وكان رئيس الحكومة الإقليمية كيم تورّا قد أدلى بتصريحات دعا فيها «لجان الدفاع عن الجمهورية»، التي كانت عناصر منها يقومون بأعمال شغب في برشلونة وضواحيها، إلى «مواصلة الضغط»، مما أثار ردود فعل شديدة في أوساط المعارضة اليمينية، التي طالب زعيمها المنتخب حديثاً بابلو كاسادو بمثول رئيس الحكومة بيدرو سانتشيز أمام البرلمان على وجه السرعة «كي يشرح لنا ما هي خطته لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها في كاتالونيا». يُذكر أن تورّا كان قد أدلى بتصريحات في أغسطس (آب) الماضي، دعا فيها مؤيدي الحركة الاستقلالية إلى «مهاجمة الدولة الإسبانية».
وأعلن زعيم الحزب الشعبي عن عزمه تقديم طلب أمام البرلمان للعودة إلى تفعيل المادة 155 من الدستور، لتعليق الحكم الذاتي في كاتالونيا، بعد «أن تجاوز رئيس الحكومة الإقليمية كيم تورّا كل الخطوط الحمر بتصريحاته التحريضية». كما دعا إلى تعديل قانون الأحزاب بما يتيح رفع الصفة القانونية عن الأحزاب التي تحرّض على العنف والإرهاب ومنع تمويلها من الدولة.
أما الناطقة بلسان الحكومة، فقد أعلنت من جهتها أنها لا ترى تحريضاً على العنف في تصريحات تورّا، لكنها ذكّرت بـ«أن الحفاظ على الأمن هو من مسؤوليات الحكومة الإقليمية»، وقالت إن الزعماء السياسيين المعتقلين قد انتهكوا القوانين المرعيّة، والكلمة الفصل تعود للقضاء المختص. كما وصفت تصرفات قوى الأمن عند منع الاستفتاء العام الماضي بأنها «كانت خطأ أعطى الانفصاليين ذريعة للظهور أمام الرأي العام الدولي كضحايا».
وكان الديوان الملكي الإسباني قد أعلن أنه لا يوجد على جدول أعمال الملك فيليبي السادس أي نشاط رسمي في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، ذكرى الاستفتاء الكاتالوني، ولا في الثالث منه الذي يصادف ذكرى الخطاب الذي ألقاه العاهل الإسباني غداة الاضطرابات التي شهدتها برشلونة العام الماضي، وأيدّ فيه موقف الحكومة وقوات الأمن، من غير أن يشير إلى أعمال العنف التي وقعت، ما أثار عميق الاستياء في الأوساط الانفصالية التي قررت «مقاطعة» الملك في كل الاحتفالات الرسمية.
انقسام القوى الانفصالية الكاتالونية في ذكرى الاستفتاء
انقسام القوى الانفصالية الكاتالونية في ذكرى الاستفتاء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة