الحرب والإرهاب والمعتقلات في قصص عراقية

في سلسلة «الإبداع العربي» التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويرأس تحريرها الشاعر سمير درويش، صدرت المجموعة القصصية الأولى بعنوان «الديك الأعرج... وقصص أخرى» للكاتب والتشكيلي العراقي خالد شاطي. وضمت 29 نصاً، تراوحت أطوالها بين الومضة القصصية القصيرة المكثفة في بضعة أسطر، وبين النصوص الطويلة نسبياً.
تهيمن أجواء الحرب والإرهاب والمعتقلات بكل تداعياتها النفسية والاجتماعية على مجمل نصوص المجموعة، وتغطي فترة زمنية هي الأشد مرارة في تاريخ العراق المعاصر، بدءاً من الحرب العراقية الإيرانية وحتى الوقت الحاضر.
تتميز القصص بلغة مكثفة تميل إلى الاختزال، كما تتسم بإيقاع سردي سلس وبسيط، بعيداً عن الزخارف اللغوية والمباشرة البلاغية، لتنقل لنا الأثر الكابوسي لأجواء الحروب والإرهاب والمعتقلات، التي عاش الكاتب بعض أحداثها وكان شاهداً مراقباً لبعضها الآخر.
تقف الشخصيات في هذه النصوص على حافة البطولة، فهم ليسوا أبطالاً بالمعنى المألوف؛ بل يمكن اعتبارهم أبطالاً سلبيين عاجزين عن الإتيان بأي فعل، في ظل إرادة مقهورة ومستلبة. إنهم ضحايا لأحداث ووقائع لا ذنب لهم فيها. فحينما يتحركون لإنجاز فعل ما بشكل إيجابي، سرعان ما تلتف حولهم مزيد من الخيوط والقيود اللزجة الشائكة، ما يمثل تمثيلاً حياً لإنسان واقعنا الراهن المضطرب على شتى المستويات. إنسان تتناوشه أنياب الديكتاتورية من جهة، وأنياب الإرهاب والعنف والقسوة من جهة أخرى، فلا يملك إزاء ذلك إلا الاندفاع نحو الهاوية، وما من سبيل أو حتى أمل يوقفه عن ذلك.
- من أجواء المجموعة
«لا أخفيكم؛ لسبب ما شعرت بالفرح. حين اشترى من السوق بدلة عسكرية وبنطالاً، أو حين علمتُ أنه يقضي فترة ما بعد الظهر، لا في لعب الكرة؛ بل في التدريب في مركز للمتطوعين خارج المدينة. انتابني الفرح أكثر حين قال إنه لا يفكر بأبعد من التدريب. حسناً، في هذا البلد يمكن أن نتفهم أن يكون التدريب على القتال هواية، مثل القراءة أو الرسم».