شريف بسيوني لـ {الشرق الأوسط}: سوريا وإيران وروسيا تعمد لاستعمال «المنظمات الإرهابية» لغاية قانونية لم ينتبه إليها الإعلام

45 ألف صورة سربت من سوريا تؤكد تعذيب 11 ألف شخص حتى الموت بطريقة «كي جي بي»

شريف بسيوني
شريف بسيوني
TT

شريف بسيوني لـ {الشرق الأوسط}: سوريا وإيران وروسيا تعمد لاستعمال «المنظمات الإرهابية» لغاية قانونية لم ينتبه إليها الإعلام

شريف بسيوني
شريف بسيوني

وضعت اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية لحماية المدنيين المصنفين على أنهم «الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية (المدنيون، وعمال الصحة، وعمال الإغاثة) والأشخاص الذين توقفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية من قبيل الجرحى، والمرضى، والجنود الناجين من السفن الغارقة، وأسرى الحرب، وهي عصب القانون الدولي الذي ينظم السلوك أثناء النزاعات المسلحة ويسعى إلى الحد من تأثيراتها».
«الشرق الأوسط» تواصلت مع «أبو القانون الجنائي الدولي» شريف بسيوني لتسأله عن دور المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، في حماية هؤلاء الأشخاص خاصة في سوريا والعراق اللذين تشهدان مذابح يومية، بدأت على يد النظام السوري ثم توسعت لتشارك فيها الجماعات الإرهابية، والمنظمات المتطرفة التي تعددت واختلفت تسمياتها، وحتى المقاتلين أنفسهم.
كما شدد البروفسور محمود شريف بسيوني الذي يعد أحد أبرز فُقهاء القانون الجنائي الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الإنساني الدولي، على أن الإعلام الدولي يجب أن ينتبه للتسميات التي تستعملها حكومة الأسد السورية، ووزير الخارجية الإيراني، وسيرغي لافروف عند حديثهم عن الجماعات التي تقاتل في سوريا ويصنفونها على «المنظمات الإرهابية»، «هذه التسمية وراءها غاية قانونية يجب أن يهتم بها الإعلام».
وهذا لا يمنح صفة النزاع الدولي أو غير الدولي، وهذا ما يضمن بقاء إمكانية التصنيف على أنه شأن داخلي لا يجوز التدخل فيه، وهذا ما دفع روسيا والصين لاستخدام الفيتو في مجلس الأمن.
وفي حالة سوريا والعراق قال بسيوني إن هذا نزاع مسلح لكنه يصنف على أنه غير دولي، لأن هناك مجموعة من المتمردين الذين يحاربون، ولا ينطبق عليها القانون الإنساني الدولي، بل ينطبق عليها اتفاقيات حقوق الإنسان التي لا تجرم التجاوزات إلا في حالة واحدة وهي في حالة التعذيب بغض النظر عن النزاع.
وأوضح أن ما تقوم به «داعش» في سوريا نزاع مسلح غير دولي، يطبق عليه قانون حقوق الإنسان الذي يقول بأن أي دولة طرف في اتفاقية جنيف، من حقها أن تحاكم الذين ارتكبوا جرائم الحرب، وعلى سبيل المثال بعد حرب رواندا هناك بعض مقاتلي الهوتو الذين فروا إلى دول أوروبة، وجرت محاكمتهم فيها، نفس الأمر ينطبق على الجرائم ضد الإنسانية، وأي دولة تحاكم أي شخص ارتكب هذه الجريمة بغض النظر عن المكان، بالإضافة إلى هذا، فإن دولة الإقليم التي ارتكبت فيها الجرائم من حقها محاكمة من قام بجرائم الحرب، علما أنه ليس هناك تحديد لفترة زمنية، فالدعوى قد تستمر لأكثر من 20 سنة وهذه الجرائم لا ينطبق عليها التقادم.
وأضاف بسيوني أن «المحكمة الجنائية الدولية ممكن أن تكون هي المختصة، في حالة أن الدول التي ارتكبت فيها الجرائم غير مشاركة في اتفاقيات جنيف، وهنا تصبح الوسيلة الوحيدة وهي أن تأخذ الاختصاص إذا قرر مجلس الأمن إحالة (الحالة)، لأن مجلس الأمن لا يقوم بدور نيابي». وأوضح أن هذا ما يجري العمل عليه في الحالة السورية، وقال بسيوني: «مجموعة من القانونيين ومن ضمنهم ديفيد كرين وأنا، وضعنا النظام الأساسي لإنشاء محكمة جنائية خاصة لسوريا منذ نحو ستة أشهر، وروجنا لمشروعنا الذي يمتلك نسخا منه الائتلاف السوري، وحكومات كل الدول، وكان أساسا لفرنسا لتقديم مشروع قرار أمام مجلس الأمن لإحالة (الحالة) السورية للمحكمة الدولية، لكن روسيا والصين تدخلتا بالفيتو».
كما أشار خبير القانون الجنائي الدولي إلى أن هيئة الأمم في جنيف ومجلس حقوق الإنسان منذ عامين أنشأت لجنة للتقصي في هذه الجرائم في سوريا، ولكنها لم تتحرك من جنيف ولم تذهب إلى سوريا.
لأن البيروقراطية تعطل الأمور، ولا تريد القوى الدولية لهذه اللجنة أن تتحرك في الميدان، وأوضح أن «الأميركان يتفاوضون مع إيران وروسيا وليس لهم مصلحة في إغضابهما، وكل ما يقوم به بشار بمؤازرة من العسكريين الإيرانيين والروس، فهم من يقومون بصيانة الدبابات والطائرات و30 ألف مواطن روسي يعيشون في سوريا وهم عمال الصيانة والمهندسون وعائلاتهم، فمعظمهم خبراء وكانوا عسكريين سابقين في سوريا، هم جنائيا مسؤولون عن الجرائم التي ترتكب في سوريا، فعملهم من ضمن أسباب أن لا تدفع أميركا في اتجاه الكشف عن مسؤولية روسيا وإيران».
وأكد أن هذا على الرغم من توافر الأدلة وأن هناك 45 ألف صورة سربت من سوريا تؤكد تورط النظام السوري في تعذيب 11 ألف شخص حتى الموت، وقال: «لنا الصور، ومن أخذ الصور كان يعمل مع النظام ثم هرب، والأسلوب الذي استعمل في تعذيبهم هو أسلوب الاستخبارات الروسية (كي جي بي) سابقا».
قال شريف بسيوني: «أبو القانون الجنائي الدولي» في حديث خص به «الشرق الأوسط»، إن «من حسن الحظ أن هناك بعض التنظيمات غير الحكومية التي تعمل في الوقت الحالي على تجميع الأدلة الخاصة بارتكاب جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية، وهذه التنظيمات تعتمد أساسا على سوريين، ولهم مستشارون في الولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا وإنجلترا ومنهم ديفيد كرين، وواحدة من هذه التنظيمات مقرها واشنطن».
وأوضح بسيوني أن «دور تلك المنظمات هو تجميع الأدلة، وإعدادها للمستقبل الذي يجب أن يكون فيه محاسبة لكل الأطراف التي شاركت في جرائم الحرب، وهو ما هو مدون في اتفاقية جنيف وما جرى عليه العرف الدولي».
وبيّن الخبير في القانون الدولي أن «النظام الدولي، وللأسف، لم يكن كاملا.. فهو مجزأ، ولدينا تنظيم للنزاعات المسلحة بين الدول، وتنظيم آخر للنزاعات المسلحة غير الدولية».
وفي تعريفه للنزاعات المسلحة غير الدولية، قال بسيوني: «أنها تلك التي تدور بين قوات حكومية من جانب، وقوات ما يسمى بالمتمردة من الجانب الآخر»، مضيفا أنه في كثير من الأحيان، وإذا لم يكن النزاع الداخلي يرتقي إلى مستوى ما، ولم يكن فيه أي تدخل جرى العرف الدولي على تسمية هذا النزاع على أنه داخلي، فبالتالي لا يطبق عليه القانون الدولي، ولا يدخل تحت هذه المظلة الدولية.
وشدد رجل القانون الدولي على أن هذه التجزئة في القانون الدولي «مقصودة»، لأنها تسهل فتح المجال للتلاعب سياسيا.
موضحا أنه تشريعيا لا يوجد أي مبرر للفصل بين النزاع المسلح الدولي وغير الدولي، «نحن نقول نريد حماية المدنيين.. فلماذا هذا الفصل؟»
وحول ما يحدث في المنطقة، وعدم تعرض الدول الكبرى لتقديم الجهات التي تتعدى على حقوق الإنسان، وتقوم بجرائم الحرب في العراق وسوريا، أكد بسيوني أن روسيا وإيران وغيرهما ممن لهم مصالح في النزاع الحالي في سوريا لا يعترفون بأنه نزاع دولي، ويقولون إنه نزاع بين الحكومة ومنظمات إرهابية.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.