أطفال سوريا في زمن النزوح... أسماء على ورق بلا وطن

عملية تسجيل في مركز مدني («الشرق الأوسط»)
عملية تسجيل في مركز مدني («الشرق الأوسط»)
TT

أطفال سوريا في زمن النزوح... أسماء على ورق بلا وطن

عملية تسجيل في مركز مدني («الشرق الأوسط»)
عملية تسجيل في مركز مدني («الشرق الأوسط»)

في سنوات الحرب السورية السبع، ولد عدد كبير من الأطفال في مناطق المعارضة أو بلدان النزوح. هؤلاء الاطفال لا يملكون حتى الآن جنسية بلدهم لأن لا قيود تثبت هويتهم وانتماءهم إلى بلدهم، وهم بذلك أسماء على ورق لا يعطيهم أي حق من حقوق المواطَنة. وفي النهاية لا بد من إيجاد حل يوصلهم الى بر الأمان لكي لا يكونوا رهائن في قبضة مستقبل مجهول.
يقول مدير الإدارة العامة للشؤون المدنية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية عبد الرزاق رزوق لـ"الشرق الأوسط" إن "هناك أعداداً كبيرة من الأطفال الذين لم يسجلّوا لتصبح أعمار الجيل الأول من الذين ولدوا في بداية الحرب سبع سنوات، وبالتالي هناك عشرات الآلاف ممن لا يملكون وثائق رسمية تؤهلهم لدخول المدارس. وفي هذه الحالة سينشأ لدينا جيل عديم التعليم، مما قد يؤدي إلى انتشار الأمية والجهل في المجتمع بنسب مرعبة". ويضيف: "حدوث آلاف الولادات والوفيات والزيجات من دون وجود تدوين وإصدار وثائق رسمية قد يؤثر بشكل كبير على المجتمع وخاصة فئة المواليد".
ويوضح رزوق أن "عدد الولادات المسجلة منذ عام 2015 بلغ ما يقارب 72115، والعدد المقدّر للأطفال غير المسجلين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة هو 250 ألف طفل، وذلك بسبب التهجير المستمر للسكان وفقدان الوثائق في خضم المعارك". ويزيد أن هناك "أعداداً كبيرة من الأطفال الذين يجري تسجيلهم بعد عرضهم على لجنة لتقدير أعمارهم إذا لم يكن ذووهم يعرفون التاريخ الدقيق للولادة، أو يكون الطفل قد فقد والديه في الحرب. لكن المشكلة هي الاعتراف بهذه الولادات لاحقاً لتكون موثّقة".
تجدر الإشارة إلى أن المراكز التي تتبع للإدارة العامة للشؤون المدنية "تعمل ولكن بشكل جزئي، ولا تغطي كل المناطق. فالأعداد كبيرة جداً ويجب تداركها بأسرع وقت، ولدينا خطة تبدأ بعملية إحصاء شاملة تحت إشراف الأمم المتحدة نمهيدا لمنح المواطنين أوراقا رسمية والعمل على زيادة مراكز السجل المدني"، كما يقول رزوق.

*استغلال
ويبدي الباحث الاجتماعي أمجد الحراث خشيته من أن يصبح أغلب هؤلاء الأطفال عرضة للاستغلال في المستقبل، "فالرقم كبير ومخيف، وثمة عائلات كاملة بلا تسجيل".
ومن هذه الحالات في الداخل السوري حالة أبو محمد ابن مدينة دير الزور الذي يقطن في ريف حلب الشمالي، والبالغ من العمر 35 سنة. فهو متزوج وعنده ثلاثة أولاد، وحتى الآن لم يستطع تدوين واقعة الزواج ليتمكن بعدها من تسجيل أبنائه، مع العلم أن ابنه البكر أصبح عمره 6 سنوات، فالعائلة كلها "مكتومة القيد" ولا وجود لها في السجلات.
ويرى اختصاصيون أن الوضع إن استمر على هذا النحو سيسبب ظاهرة "المكتومية"، أي وجود أعداد ضخمة لأطفال بلا قيود. وهذا أمر لا حل له إلا بإجراء تعداد سكاني، علماً أن التعداد الأخير أجري عام 2004.

*من مبادرة «المراسل العربي»



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.